السبت 5 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لية تدفعى وحدك الثمن؟! اتكلمى

لية تدفعى وحدك الثمن؟! اتكلمى
لية تدفعى وحدك الثمن؟! اتكلمى


 
«أنا كان نفسى أحتفل معاكم مش تحتفلوا عليا».. تلك هى الجملة التى اقترنت برسم كاريكاتورى تداولته صفحات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى والتى تصف حالة الفتاة التى تعرضت للتحرش أثناء الاحتفالات المصاحبة لتنصيب المشير السيسى رئيسا.. ليست هذه الجملة فحسب بل انتشرت خلال الأسبوع الماضى شعارات أخرى مثل «احميها بدل ما تتحرش بيها» و«ماتخفيش إحنا جايين نحميكى مش نتحرش بيكى» و«اتكلمى ليه تدفعى لوحدك التمن»..
 
 وكان الغريب فى الأمر أن تصدر تلك الهتافات من ألسن الشباب الذين لطالما أشاروا -فيما مضى - بأصابع الاتهام إلى الفتاة بدلا من التعاطف معها.. قذفوها بألذع السباب وأدانوها بإثارة غرائز الشباب بفعل ملابسها الضيقة المستفزة المثيرة للفتن.
 
من أين لهؤلاء الشباب هذه النفرة الرجولية؟؟ يبدو وكأن الفيديو الذى تم تداوله للفتاة التى تم الاعتداء عليها بالتحرير وتجريدها من ملابسها قد كان له مفعول السحر على الشباب فقد أيقظ لديهم مشاعر الرجولة والنخوة التى كنا قد افتقدناها فيهم منذ سنوات وألهب مروءتهم.. بل أصبحوا يدافعون عن هذه الفتاة وكل فتاة بكل ما أوتوا من جهد وعزيمة.. لماذا كل ذلك؟؟ هل كان الشباب بحاجة إلى - أن يتم التحرش بامرأة فى عمر أمهاتهم واغتصاب فتاة فى مقتبل العمر على مرأى ومسمع الجميع فى مشهد غابت عنه كل معانى الإنسانية وتجلت فيه آيات الخزى والنذالة - حتى يشعروا بكل هذا الإحساس بتأنيب الضمير والتعاطف لحد الإشفاق على هؤلاء النساء وعلى حالهن أيضا؛ مستنكرين ردود أفعالهم السلبية تارة أو الهجومية تارة أخرى.. ؟!
 
من الواضح أن الشباب قد عادوا سالمين إلى «رجولتهم» و استنفروا نخوتهم عندما أصبحوا هم أول من نادوا بتغليظ العقوبة على المتحرشين من عام إلى 15 عاما أو لتصل حتى إلى حد الإعدام بل طالبوا أيضا أن يكون التنفيذ فى ميدان عام حتى يكون كل متحرش عبرة لمن لا يعتبر، وقد وصل أوج غضبهم إلى حد المطالبة بإخصاء كل متحرش وتجريده من «رجولته» حتى يتحقق القصاص العادل لهؤلاء الفتيات ممن ذقن مرارة الامتهان وسلب أبسط حقوقهن فى الحياة بالسير بأمان فى الشارع.
 
وخلال الأيام القليلة الماضية حدثت حالة من الاستنفار الشبابى لمناهضة التحرش على صفحات التواصل الاجتماعى ولاسيما الفيس بوك، وكانت أبرز تلك الصفحات صفحة «ضد التحرش» والتى تناول من خلالها الشباب الدفاع عن حق الفتيات فى السير فى الشارع والمواصلات العامة كما أنهم قدموا من خلالها فعاليات تتضمن العديد من الندوات بالجامعات والمدارس والنوادى الاجتماعية بخطورة التحرش وكيفية مواجهته والإجراءات القانونية التى يجب أن تتخذها الفتاة التى تتعرض للتحرش لحماية حقها.
 
ومن ضمن الصفحات صفحة «أنا مش هاسكت على التحرش» والتى دشنها أيضا مجموعة من الشباب لتوعية الفتيات بضرورة الحديث والاعتراف لما تعرضن له من تحرش دون الخوف من لوم المجتمع أو الأسرة لها اعتمادا على مبدأ أن الاعتراف بالتحرش هو بداية لعلاج هذه الظاهرة السيئة.
 
ولعل حملة «شباب ضد التحرش» على الفيس بوك التى دشنها مجموعة من «شباب بورسعيد» من أحدث الصفحات على الفيس بوك لمناهضة التحرش حيث طالبوا بتغليظ العقوبة على كل من تثبت إدانته بواقعة التحرش، كما تقدم شباب الحملة باقتراحات حول مواجهة الفتيات للتحرش من خلال مجموعة من الدورات التدريبية التى يقدمها شباب الحملة المدربين كى تستطيع الفتاة من خلالها الدفاع عن نفسها.
 
أما حملة «ابعد رجلك عنى» وهى أحدث الحملات الشبابية التوعوية التى تستهدف الإطاحة بظاهرة التحرش الجنسى وقد شارك فى الحملة أكثر من 7 آلاف شاب وفتاة يرفضون ظاهرة التحرش رفضاً تاماً، ويطرحون حلولاً عديدة، منها الحلول التوعوية مثل تنبيه الفتيات بالإجراءات التى يجب أن تتخذها فى حالة تعرضها للتحرش، ومنها الحلول الدينية عن طريق نشر الثقافة الإسلامية التى تحث على الحياء ونبذ العنف وجميع الموبقات.
 
وتعتبر هذه الصفحة الملتقى الأكبر حالياً فى مصر الذى يجمع كل الشباب والفتيات من جميع أنحاء البلاد ومن كل الأعمار والثقافات المختلفة حيث إن فكرة الصفحة جاءت نظراً لما يشهده الشارع المصرى من تجاوزات أخلاقية تعدت كل الحدود الدينية والقيمية رافضين لما يحدث للفتيات من تجاوزات خادشة للحياء تتسبب فى انهيار البنت نفسياً لتكون شخصية مهزوزة خائفة مرتعشة غير قادرة على مواجهة هذا المجتمع المريض.
 
وغيرها من الصفحات التى يتطوع لإنشائها العديد من الشباب وخاصة فى الفترة الأخيرة فى أعقاب ما تعرضت له كثير من الفتيات من العنف الجسدى واللفظى، وتشجيعها على تخطى تلك المرحلة دون أضرار نفسية تلحق بها بل بالعكس يتم التعاطف معها ومحاولة دمجها مرة أخرى داخل المجتمع وتشجيع غيرها من الفتيات على البوح لما تعرضن له من تحرش لتقنين هذه الجريمة المجتمعية.