الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الوشاح الطائر فى سماء الحرية

الوشاح الطائر فى سماء الحرية

أعلنت السلطات الإيرانية قبل فترة وجيزة إلغاء «دورية الإرشاد» وهو الاسم المعلن لشرطة الأخلاق التى كانت سببًا فى وفاة الشابة الإيرانية مهسا أمينى (22 عامًا) ما أدى إلى اندلاع ثورة بين الفتيات والشباب فى إيران ضد النظام الحاكم. 



وبالرغم من القرار الذى بدا جليًا أنه محاولة من النظام الإيرانى لامتصاص غضب الشارع فإنه لم يمنع، من جهة أخرى، تعسف السلطة الإيرانية التى أصدرت أحكام إعدام ضد عدد من المشاركين والمشاركات فى التظاهرات إضافة إلى اعتقال عدد من الفنانين الإيرانيين وبينهم الفنانة ترانةعليدوستى، التى شاركت فى عدد من أفلام المخرج أصغر فرهادي؛ الأمر الذى أكد أن المشهد الإيرانى يقدم للعالم صورة لا زيف فيها عن مصير فكرة فرض الأخلاق أو الدين عبر سلطة حاكمة. 

فمنذ ظهور جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ظهرت شعارات براقة تنادى بالحجاب وتربط بينه وبين التدين وبين المظهر الواجب على المرأة المتدينة أن تكون عليه، بين شعارات أخرى كثيرة كرست لمظاهر التدين الشكلى على حساب جوهر فكرة الدين الذى هو فى الأصل علاقة روحية بين الإنسان وربه، وليست عملًا استعراضيًا. فالتقوى هى القيمة التى لأجلها وجد الدين، تمامًا كما كان ظهور الإسلام فى مكة رسالة عقلية لرفض عبادة الأوثان والأصنام، وتدعيم مكارم الأخلاق وإعادة الاعتبار إلى المرأة. 

لكن المظاهر الشكلية التى تعتمد عليها أى فكرة سلطوية تتخذ من الدين شعارًا لها، ترسخ، سواء عن وعى أو بلا وعى، لوثنيات جديدة تستبدل المظاهر الشكلية بجوهر الدين، وتتحول بفكرة المقدس من موضوعها الطبيعى لتضفيها على من لا يحق له أن يتحلى بها من دون الله.

أصبح الحجاب مقدسًا، ومن ينادى بالحجاب مقدسًا، وبات بإمكان أى شخص يتحدث باسم الجماعة أن يضفى القداسة على ما يقول، خصوصًا أن فكرة الجماعة السياسية الدينية تقوم على تبعية عمياء لجماعة تزعم أنها تملك صحيح الدين، وتبحث بين المراهقين والصبية عمن تتوفر فيه مواصفات الطاعة العمياء وإلغاء أى قدرة على التفكير الفردى والعقلانى. 

ووفق هذه التصورات منعت السلطة الدينية فى أفغانستان تعليم المرأة وعملها، وجعلت من نفسها رقيبًا على أخلاق النساء، وفرضت العقوبات العلنية فى حق البشر بدعوى الحفاظ على الأخلاق والفضيلة والدين، كما لو أن الأخلاق والقيم لا يمكن أن يتحلى بها البشر إلا بالردع والعقوبات! 

قبل أربعين عامًا وُصفت ثورة جاء قائدها من منفاه الفرنسى فجأة بأنها «ثورة إسلامية» وبعد أربعة عقود خرجت الإيرانيات الغاضبات إلى الشوارع، وألقين بأوشحتهن فى الهواءلفضح زيف الشعار الإيديولوجى. وقبل عدة شهور خرج الأمريكيون من أفغانستان فجأة بعدما تبين لهم أن مشروع زراعة الجماعات الإرهابية فى أفغانستان للإطاحة بالاتحاد السوفييتى تحول بعد أربعة عقود إلى وحش لا أمل فيه ولا رجاء منه، وهذا مصير المشروعات الإيديولوجية التى تتخفى خلف ستار الدين لأجل مشروعاتها السلطوية، أو تنفيذًا لأجندات غربية.