
أمينة خيرى
إدارة المواهب
ممارسة الرياضة متعة وفائدة. ومشاهدة من يمارس الرياضة متعة أيضاً ولكنها تعطى المتابع وقتاً وفرصة للتأمل والتفكر. ومن يتأمل ويتفكر عادة يخرج إما بتقييمات وانتقادات من باب رفاهية الوقت التى تتيح التنظير، أو يخرج بأفكار من شأنها أن تحسن أو تطور أو تجدد من أوضاع الرياضة وممارسيها والمستمتعين بمتابعتها.
وأدعى أن متابعة مباريات المونديال هذه المرة من قبلنا، نحن غير المشاركين فيها، أعطت للجميع فرصاً ذهبية.
البعض استغل الفرصة لمصمصة الشفاة والحسرة على ما فات والبكاء على أطلال التفوق والإنجازات والتأهل والصعود.
والبعض الآخر انتهزها فرصة للضرب تحت الحزام للنيل من مصر والمصريين حيث هواة الصيد فى المياه العكرة يتألقون. لكن يظل هناك الفريق العقلانى المنطقى الذى يفكر فى كيفية تحسين الأداء وتطوير المنظومة والخروج بها من مآزق خلافات رئيس النادى الفلانى مع حكايات اللاعب العلانى وعمولات هؤلاء وعشوائية أولئك. هذا الفريق الأخير وحده القادر – فى حال توافرت رجاحة التفكير مع إرادة التغيير- على إحداث الفرق فى كرة القدم المصرية.
أنا أبعد ما يكون عن كرة القدم. لكن الحديث هنا عن مشكلاتها وأزماتها وطموحاتها التى هى ملء السمع والأبصار والشاشات والمنصات والبنوك والقلوب والعقول. لكن هذا لا يعنى عدم الاهتمام بملف يعنى ويهم مليارات البشر حول العالم، ناهيك عن كونه رياضة هى الأوسع انتشاراً و«بيزنيس» ضمن الأكثر ربحاً.
المؤكد كذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق شعوباً موهوبة فى لعب كرة القدم وأخرى نصف موهوبة أو لا تمتلك الموهبة. خلق الله أفراداً لديهم موهبة، وأفراداً لديهم القدرة على التنظيم والإدارة والمتابعة، وآخرين قادرين على تأسيس مؤسسات وكيانات مستدامة تستمر وتحكم الأمور بقوانين وقواعد ولا يرتبط وجودها بوجود أفراد زائلين ولو بعد حين. كما خلق الله أشخاصاً قادرين على صناعة النجاح وتجذير منظومة تضمن استمرار ونجاح هذه الصناعة. وخلق آخرين إما أولوياتهم مختلفة حيث ترجيح كفة المصالح الشخصية على العامة، أو يعتبرون عملهم مجرد سبوبة أو أكل عيش لحين انتهاء العمل.
العمل على مراجعة ملف الرياضة فى مصر أمر حيوى ومطلوب. هذه المراجعة لا تعنى تشكيكاً أو تخويناً أو انتقاصاً من أحد. لكن المراجعة أمر ضرورى فى كل الدول التى تمتلك رؤية للمستقبل المصريون – كغيرهم من شعوب الكرة الأرضية- بينهم مواهب فى كل شيء وأى شيء. كرة قدم، تنس، سكواش، غطس، سباحة، كرة سرعة، غناء، بحث علمي، تفكير منطقي، رقص إلى آخر قائمة المواهب والإبداعات. البعض منهم يسعفه الحظ والإمكانات ليكتشف أحدهم موهبته، ويضعها على طريق التعليم والتدريب والتنمية الصحيح. والبعض الآخر يمضى قدماً دون أن يلحظ أحد موهبته، وربما هو نفسه لا يدركها. اكتشاف المواهب عملية مستمرة. وحتى تكون عملية مستمرة ولا تتوقف عند حدود اكتشافها ثم إهدار طاقتها، فإن منظومة إدارة المواهب وتنميتها والاستفادة منها مادياً ومعنوياً وبنائياً وترسيخاً لمستقبل يلحق بالأمم المتقدمة ضرورة وليس سبوبة.