السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كلنا فى هموم المناخ.. دول نامية!

سعدية فليح
سعدية فليح

فى أروقة مؤتمر المناخ «COP27» وعلى منصات الجلسات الصباحية والمسائية للمؤتمر ستجدهم، لن تخطئهم العين، هؤلاء الذين حرصوا على الحضور ليتشاركوا الهموم المناخية وعواقبها التى ألقت بظلالها الوخيمة على أوطانهم, لا يتخذون من الجلسات حائطا للمبكى فهم يدركون «أنه لا وقت للبكاء»، بل يبحثون بدأب ووعى شديد عن طوق نجاة وأمل ينقذ ما يمكن إنقاذه.



 

أهـــــوار العـــــــراق

 

المهندسة سعدية فليح حسونة رئيس جمعية «حماية الإنسان والبيئة بالعراق» تبدو على ملامحها علامات الأسى وهى تقول: «التقارير تشير إلى أن العراق من أكثر 5 دول هشاشة وتأثرًا بالتغيرات المناخية بالعالم، لقد أصابت هذه التغيرات العراق فى مقتل فمثلا أهوار العراق خاصة فى «البصرة والعمارة وذى قار»، قد جف 90 ٪ منها، وهذه الأهوار هى أساس الحضارة العراقية وكانت تستخدم هذه المناطق فى زراعة القصب والبردى وصيد الأسماك وتربية الجاموس الآن نتيجة الجفاف قد نفقت أكثر من 5 آلاف رأس جاموس بالفعل، كذلك فإن مسار الطيور المهاجرة قد تغير وقد أدى إلى هجرة السكان الأصليين من تلك الأهوار إلى ضواحى المدن القريبة، وبالتالى تزايد العشوائية وتراجع فرص العمل نتيجة التوسع فى السدود على منابع نهرى دجلة والفرات بتركيا وإيران، فقد تراجعت حصة العراق كثيرًا من المياه وأصبحت الأولوية لمياه الشرب، وهذا أدى إلى وقف زراعة «الأرز العنبرى» الذى تشتهر به العراق، وكذلك تقليص المساحات الزراعية المخصصة للقمح والشعير بنسب كبيرة، والأخطر من ذلك أن دراسات عديدة تشير إلى أنه بحلول عام 2040 من المتوقع أن يجف نهرا دجلة والفرات تمامًا، وهذا يعنى نهاية «حضارة الرافدين» للأسف الشديد.

ونتيجة لهذا الوضع أصبحنا نعانى أيضا من استنزاف المياه الجوفية، حيث تم حفر آبار بأعداد هائلة منها بلا ضوابط، مما يزيد الأمر سوءًا، كذلك فإن العراق أصبحت تعانى أيضًا على مدى 200 يوم بالسنة من العواصف والبرق خصوصًا وسط وجنوب العراق مع ارتفاع حاد فى درجات الحرارة صيفًا يصل إلى 52 درجة مئوية، وبالطبع فى ظل هذه الأوضاع فإن المستشفيات أصبحت تعانى من تزايد المصابين خاصة بالأمراض الصدرية. وتختتم المهندسة سعدية حديثها قائلة:

«أنتم فى مصر ورغم القلق على مياه نهر النيل، فأنتم كمواطنين أكثر وعيًا والتزامًا والموقف الرسمى والحكومى أكثر جدية وحسمًا ولن يسمح بتهديد حصتكم من ماء النيل.

بينما أنا خائفة على أولادى وأحفادى حين تقل المياه وتجف الأنهار وتتزايد المشاكل والصراعات خاصة أن البيئة لا تحظى باهتمام كاف ومعظم المنظمات الأهلية تعمل فى مجال رعاية المرأة والطفل.

لكننا جميعنا حريصون على نشر الوعى البيئى خاصة بين الأطفال ونسعى للبحث عن دعم أكبر من خلال المنظمات الدولية حتى نستطيع أن نهون من عواقب التغيرات المناخية التى نعانى منها بالعراق».

 

عبدالرازق مساعد
عبدالرازق مساعد

 

البدو الرحل بالجزائر

 

مهندس عبدالرازق مساعد منسق الشبكة العربية للبيئة والتنمية بالجزائر دعانى إلى تذوق «تمر الجزائر» قبل أن نبدأ حوارنا فذقت تمرًا جميلاً ومميزًا ومختلفًا.

«البدو الرحل» هم من أكثر فئات المجتمع الجزائرى تأثرًا بالتغيرات المناخية بشكل سلبى، فهذه التغيرات وتحديدا الجفاف قد أثرت على الغطاء النباتى الذى كانوا يعتمدون عليه كثيرا فى تربية المواشى، وقد كانت المدن تعتمد عليهم فى توفير احتياجاتهم من مواشى ولحوم وأصواف، الآن تراجع الأمر كثيرًا فقد نزح هؤلاء البدو إلى أطراف المدن واستقروا بها فى «بنايات عشوائية» والعمل فى أى أعمال هامشية لا تحقق لهم أى عائد اقتصادى كافٍ لاحتياجاتهم المعيشية.

ونحن كجمعية أهلية قررنا العمل كمتطوعين فى محاولة لإعادة توطين هذه الفئة فى أماكنهم الطبيعية ومساعدة المتبقى منهم فى الاستمرار بأماكنهم وذلك من خلال سكن ملائم يلبى احتياجاتهم، ويتناسب مع ثقافتهم لأن السكن بالنسبة لهم له مواصفات خاصة كمجتمع مغلق، وهذه كانت مشكلة يعانى منها كثير من البدو، فرغم أن الحكومة كانت قد شيدت لهم مساكن إلا أن 60 ٪ من هذه المنازل مهجورة، لذا فقد قمنا أولا بالنزول إليهم والاستماع إلى المتطلبات التى يحتاجونها فى منازلهم التى قررنا بناءها.

وتعد هذه الخطوة من أهم مراحل دعم هذه الفئة، وبالفعل قمنا بإعداد عدة نماذج راعينا فيها أن تكون على شكل قباب «اتساقا مع الخيمة التى اعتادوا سكنها»، وأيضا أن يتم بها عزل حرارى طبيعى وأن تكون مساحات مفتوحة لا حواجز بينها، والحمد لله جميع الحالات التى قمنا ببناء المساكن لها أقاموا فيها بصفة دائمة.

ولأن الجزائر رغم مشروع السد الأخضر والذى يمتد إلى 1500 كم 2 وبعرض 10 كم 2، لا تزال تعانى من التصحر، فقد لاحظنا الصحراء «لا تزحف».. بل «تنتقل»!، خاصة فيما وراء السد الأخضر، وهذا يرجع إلى أن الإنسان يستنزف كل قدرات الأرض، مما يؤدى إلى أنه بانتقاله من مكان لآخر فإنه يساهم فى تصحر واستنزاف الأرض خاصة فى ظل تراجع مياه الأمطار بشكل كبير وانتشار الجفاف نتيجة التغيرات المناخية.

يصمت لحظات المهندس عبدالرزاق مساعد قبل أن يضيف وبارقة أمل تغزو ملامحه: «مؤتمر قمة المناخ «COP27» فى مصر يختلف بالتأكيد اصة أنه يرفع شعار «مؤتمر التنفيذ»، فكأنهم يقولون نيابة عنا جميعًا كدول نامية تعانى من تغيرات المناخ. كفانا كلامًا، نحن نحتاج إلى الفعل، ولعل الدول المتقدمة تستشعر حرجًا وتساهم فى إصلاح ما أفسدته ولا تتركنا نعانى من المزيد من المتاعب نتيجة أفعالهم التى استنزفت المناخ.

 

د. سهير الريس
د. سهير الريس

 

 

 

اللاذقيـة وطـرطــوس

د. سهير الريس طبيبة أمراض باطنة ورئيس مجلس إدارة جمعية «الساحل السورى لحماية البيئة» تقول والحزن يكسو ملامحها الجميلة: «لا نستطيع أن ننكر أنه فى ظل الحرب لمدة 11 سنة والتى عانت منها سوريا، قد تراجعت كثيرا جمعيات البيئة فى سوريا «عددا وأداءً».

فلا هناك دعم حكومى أو من القطاع الخاص للجمعيات، وبالتالى فإن تداعيات تغيرات المناخ فى سوريا تتزايد وللأسف فإن أصواتنا غير مؤثرة رغم كل ما نعانيه من جفاف وتزايد العواصف، بالإضافة إلى غزو الأسماك السامة لشواطئ اللادقية وطرطوس كذلك عودة الكوليرا وزيادة الوفيات بين الأطفال وكبار السن نتيجة الإصابة بالأمراض التنفسية والربو.

ورغم ذلك فإننا حريصون على أن نستعين كجمعية بالشباب والمرأة لرفع درجة الوعى فى المجتمع بمخاطر التغيرات المناخية، وقد وقعنا مؤخرا بروتوكولا مع وزارة التربية والتعليم بكل من اللاذقية وطرطوس لعقد دورات تدريبية لتخريج مدربين للتوعية بمخاطر المناخ.

كما أننا نسعى لتشجيع الجمعيات الأهلية للاهتمام بالبيئة ورفع وعى المجتمع بالمخاطر البيئية دعمًا لمبدأ «بدلاً من أن تطعمه سمكة علمه الصيد»، فبدون الوعى والدعم الحكومى سيزاد الأمر سوءًا فى سوريا نتيجة التغيرات المناخية.