الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نداء السلام.. من مدينة السلام

الرئيس السيسى فى افتتاح المؤتمر
الرئيس السيسى فى افتتاح المؤتمر

على الأراضى المصرية بمدينة السلام شرم الشيخ ، وبحضور أكثر من 120 من قادة وزعماء العالم ورؤساء الحكومات.. و197 من ممثلى الدول.. وما يقرب من 40 ألف مشارك من أنحاء العالم وعشرات المنظمات الدولية والإقليمية.. احتضنت مصر مؤتمر الأطراف cop27. وفى كلمته الافتتاحية قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إننا نجتمع معًا، بمدينة «شرم الشيخ» مدينة السلام وأولى المدن المصرية، التى تعـرف طـريقـها نحو التحول الأخضر والتى تتعلق بها أنظار وعقول العالم، لمتابعة وقائع مؤتمرنا وما سيسفر عنه من نتائج، تساهم فى تحول مصائر ملايين البشر نحو الأفضل وفى خلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو دون إضرار بموارد عالمنا، التى يتعين العمل على تنميتها واستثمارها، وجعلها أكثر استدامة.



 

 

أضاف: إن ما يحتاجه عالمنا اليوم، لتجاوز أزمة المناخ الراهنة وللوصول إلى ما توافقنا عليه، كأهداف فى «اتفاق باريس» يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات، إن ما تنتظره منا شعوبنا اليوم، هو التنفيذ السريع والفعال والعادل.. تتوقع منا شعوبنا خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف، مع تبعات تغير المناخ وتوفير التمويل اللازم للدول النامية، التى تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة من هذا المنطلق؛ فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة: «قمة التنفيذ» وهو الهدف الذى يجب أن تتمحور حوله، جميع جهودنا ومساعينا.

وأكد الرئيس: إننا وضعنا فى مصر نصب أعيننا، أهدافًا طموحة عبرنا عنها فى «استراتيجية مصر الوطنية لمواجهة تغير المناخ»، ونعمل بدأب، على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر، من خلال التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف واتخذنا خطوات ملموسة، نحو إحداث تحول هيكلي، فى القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية، بما يسـاهم فى تعزيـز الاسـتثمارات الخضـراء.. مضيفًا: لعل البرنامج الوطنى للاستثمار فى مشروعات المياه والطاقة والغذاء «نوفى» الذى أطلقته مصر مؤخرًا هو تجسيد لهذا الطموح، وهذا التوجه.

تابع:  إن ما تشهده مصر اليوم، من تحول نحو الاقتصاد الأخضر منخفض الانبعاثات، فى جميع المجالات هو ترجمة عملية لما نادينا وننادى به، من ضرورة التنفيذ الفعلى على الأرض وخير دليل على أن الأمل فى التغلب على تحدى تغير المناخ، لا يزال قائمًا، إذا ما توافرت الإرادة والعزيمة.

مضيفًا: إنه من الضرورى أن تشعر جميع الأطراف من الدول النامية خاصة فى قارتنا الأفريقية أن أولوياتها يتم التجاوب معها، وأخذها فى الاعتبار وأنها تتحمل مسئولياتها، بقدر إمكانياتها، وبقدر ما تحصل عليه، من دعم وتمويل مناسبين، وفقًا لمبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء بما يتيح لها، درجة من الرضا والارتياح، إزاء موقعها فى هذا الجهد العالمي، لمواجهة تغير المناخ.

 

إطلاق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
إطلاق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر

 

وأضاف الرئيس: إن الأمل الذى أحدثكم عنه اليوم، ليس أمل التمني، بل هو أمل العمل والقدرة على الفعل، لقد استطاعت الكثير من دولنا، على مدار عام مضى، أن تكون نماذج مضيئة، لهذا العمل وهذه القدرة ماضية نحو الأمام، فى تنفيذ تعهداتها والتزاماتها، بالرغم من جميع الصعاب، وإننى أدعوكم من هنا، أن نحتذى بهذه النماذج وألا نسمح لأى عوامل، أن تحد من عزيمتنا، أو تضعف من قدرتنا، على مواجهة تحدى تغير المناخ الذى لن يتراجع أو يتوقف دون تدخل منا.

وشدد الرئيس على أن الوقت يداهمنا ونهاية هذا العقد الحاسم، باتت على بعد سنوات قليلة، علينا أن نستغلها لنحسم خلالها هذه المعركة، على النحو الذى نريده ونرتضيه، حان الآن وقت العمل والتنفيذ لا مجال للتراجع أو التذرع بأى تحديات لتبرير ذلك حيث إن فوات الفرصة، هو إضاعة لإرث أجيال المستقبل، من أبنائـنـا وأحفـادنـا وإننى أثق فى حكمتكم، وفى إدراككم، لهذه اللحظة المصيرية من عمر كوكبنا، وأعلم أننا جميعًا أهل للمسئولية الملقاة على عاتقنا لنمضى الآن معًا، نحو «التنفيذ» ولا شىء غير «التنفيذ».

ودعا الرئيس إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية، خلال قمة المناخ، قائلًا: «اللى شجعنى أتكلم فى موضوع آخر هو إننا حضور كريم لقادة العالم لهذا المؤتمر».

وتابع: أكبر حجم من قادة الدول موجودين معانا علشان نناقش مشكلة كبيرة جدًا بتقابلنا، وهتقابلنا، لكن هتكلم معاكم النهاردة فى موضوع آخر هو نداء محتاجين نتحرك نعمل و ندعو ليه؟.. بتكلم على أزمة كبيرة يمر بالعالم ولها تأثير كبير جدًا على كل دول العالم، بتكلم على الأزمة الروسية الأوكرانية، وبوجه نداء بيكم ومعكم من أجل أن تتوقف هذه الحرب.

وقال الرئيس: نحن كدول اقتصادها مش قوى، عانت كثيرًا جدًا من تبعات أزمة كورونا سنتين وتحملناها، والآن نعانى أيضًا من هذه الحرب مش بتكلم هنا علشان بنعانى منها فى بلادنا، ولكن العالم كله يعانى من هذه الحرب، وبنادى باسمكم واسمى إن سمحتولى بكده.. فلتتوقف هذه الحرب «الروسية الأوكرانية» وهذا نداء من مؤتمرنا بتوقف هذا الخراب وهذا الدمار وهذا القتل.

 

تعاون مستمر مع بريطانيا
تعاون مستمر مع بريطانيا

 

وأضاف: أنا مستعد ومش ببحث عن دور لا والله.. بل من أجل العمل لإنهاء هذه الحرب واتصور أن الكثير من القادة الموجودين مستعدين للتحرك من أجل إنهاء هذه الحرب.

وضمن فعاليات مؤتمر المناخ cop27 شارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قمة مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، مع الأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء. 

وقال الرئيس: إنه عندما طرح على سمو ولى عهد المملكة العربية السعودية منذ بضعة أشهر فكرة عقد القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر فى شرم الشيخ بالتزامن مع قمة المناخ وكأحد فعالياتها، فلقد رأيت أنها ستعد فرصة مواتية لتسليط المزيد من الضوء على هذه المبادرة المهمة التى أتى إطلاقها منذ نحو عام من اليوم ليعالج أحد الجوانب الضرورية فى عمل المناخ فى عالمنا العربى وفى منطقة الشرق الأوسط والتى تعانى أكثر من غيرها من الآثار السلبية لتغير المناخ على جودة الأراضى الزراعية وخصوبة التربة، فضلاً عن الارتفاع المضطرد فى درجات الحرارة وندرة المياه والجفاف.

نموذج ناجح للعلاقات بين ضفتى المتوسط
نموذج ناجح للعلاقات بين ضفتى المتوسط

 

 

وتابع أن العدد الكبير من الدول التى انضمت إلى المبادرة منذ إطلاقها لهو دليل على الجدية التى توليها دولنا فى المنطقة العربية لجهود مواجهة تغير المناخ؛ سواء على صعيد خفض الانبعاثات والتحول نحو الطاقة المتجددة، أو على صعيد اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وهما جانبان يمثلان جوهر هذه المبادرة. وأضاف الرئيس: فى مصر استطعنا القيام بخطوات واسعة فى إطار التحول نحو الطاقة المتجددة، سواء الطاقة الشمسية أو الرياح أو الهيدروجين، ونقوم فى الوقت الراهن بتدشين مشروعات طموحة فى مجال النقل النظيف، موضحًا أنه على صعيد التكيف استطاعت مصر تحقيق نجاحات ملموسة فى الإدارة المستدامة للموارد المائية وتتضمن وثيقة مساهماتها المحددة وطنيًا المحدثة وفقًا لاتفاق باريس عددًا من الأهداف الطموحة للتكيف فى قطاعات الزراعة وحماية المناطق الساحلية والتنمية الحضرية المستدامة.. ومثلما هو الأمر فى مصر، تقوم سائر دول منطقتنا العربية ببذل جهود مشابهة.

وأوضح الرئيس، رغم التحديات الاقتصادية التى تواجه جميع دول العالم حاليًا، والتوترات السياسية الدولية اتصالاً بالأزمة فى أوكرانيا وغير ذلك من تحديات.. فإن مؤتمرنا يمثل فرصة سانحة لالتفاف قادة دول العالم وقيادات القطاعات الاقتصادية وكبريات مؤسسات التمويل الدولية وغيرهم من الشركاء حول هدف مشترك لا خلاف عليه، ألا وهو حتمية التحرك العاجل والناجز والفعال للتصدى لتحدى تغير المناخ.

وأشار الرئيس إلى أن الكل يدرك أن الوقت ليس فى صالحنا، وأن الفجوات فى خفض الانبعاثات.. وفى إجراءات التكيف، وفى توفير آليات ووسائل التنفيذ وعلى رأسها تمويل مناخ، تحتاج إلى تعامل سريع وإلى إجراءات تنفيذية على أرض الواقع.

وقال الرئيس: إن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تمثل فرصة ممتازة لتعزيز التعاون بين أعضائها من الدول بهدف حشد المزيد من الاستثمارات وتوفير آليات جديدة للتمويل المبتكر لدعم المشروعات التى تقوم بها دولنا لمواجهة تغير المناخ، بالتنسيق مع مؤسسات التمويل العربية والإقليمية التى تضطلع بدور هام فى هذا الإطار.

وأضاف الرئيس: كما تمثل المبادرة إطارًا مناسبًا لتعزيز التعاون التقنى والربط بين مراكز الأبحاث فى الدول الأعضاء لتحقيق التكامل بين البرامج البحثية والتطبيقية المتعلقة بتكنولوجيا مواجهة تغير المناخ.

ودعا الرئيس إلى طرح أفكار مبتكرة ومقترحات بناءة تساهم فى تعزيز عمل المناخ فى دولنا فى سياق مبدأ «التنفيذ» الذى نجتمع فى إطاره.

كما شارك الرئيس السيسى فى إطلاق مبادرة تنسيق عمل المناخ فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط مع الرئيس القبرصى نيكوس أناستاسياديس مؤكدًا إيمان مصر بأهمية الدور الذى يمكن لهذه المبادرة أن تقوم به فى إطار تنسيق سياسات مواجهة تغير المناخ بين الدول أعضاء المبادرة، بما يساهم فى تعزيز عمل المناخ وجهود التغلب على آثاره السلبية فى محيطنا الإقليمي.

وأوضح الرئيس: هى منطقة كما تعلمون تعد ضمن أكثر مناطق العالم تأثراً بتبعات تغير المناخ وآثاره المدمرة على جميع الأصعدة، وهو ما بات واضحًا بشكل جلى خلال السنوات القليلة الماضية التى شهدت أحداثاً مناخية قاسية فى المنطقة من حرائق للغابات إلى فيضانات وسيول خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة.

وأضاف الرئيس خلال كلمته، أن المبادرات الطوعية الرامية لحشد الدعم لجهود مواجهة تغير المناخ قد أصبحت أحد أهم آليات عمل المناخ العالمي، لاسيما وأنه قد أصبح من المعلوم أنه على الرغم من المسئولية الرئيسية للدول والحكومات فى هذا الجهد، إلا أن الأطراف الأخرى غير الحكومية يمكن لها، بل يتعين عليها، أن تمارس أدواراً مكملة وداعمة، انطلاقًا من مسئولياتها وعملاً بمبادئ التعاون والمشاركة.

وفى المائدة المستديرة تحت عنوان «الاستثمار فى مستقبل الطاقة:  الهيدروجين الأخضر» التى ترأسها الرئيس السيسى بالشراكة مع المستشار الألمانى أولاف شولتز أشار الرئيس إلى  أن مصطلح «الهيدروجين الأخضر» ربما بات الأكثر شيوعاً واستخداماً خلال السنوات القليلة الماضية فى سياق الحديث عن التحول نحو الطاقة المُتجددة وتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، لاسيما وأن أزمة الطاقة التى يمر بها العالم فى الوقت الراهن فرضت علينا جميعاً تحدياً حقيقياً فى تأمين إمدادات الطاقة التى تحتاجها دولنا، دون الإخلال بواجباتنا تجاه مواجهة أزمة المناخ العالمية أو التراجع عن الأهداف التى توافقنا عليها والسياسات الوطنية التى نساهم من خلالها فى هذا الجهد. 

وأوضح الرئيس أن الهيدروجين الأخضر يأتى كأحد أبرز الحلول على صعيد التوجه نحو الاقتصاد الأخضر خلال السنوات القادمة، بما يمثله من فرصة حقيقية للتنمية الاقتصادية المتوافقة مع جهود مواجهة تغير المناخ ومع أهداف اتفاق باريس.

 

علاقات متينة مع إيطاليا
علاقات متينة مع إيطاليا

وأكد الرئيس: إن مصر كانت من أولى هذه الدول التى أدركت مبكراً الفرص المتاحة فى هذا المجال، استناداً إلى إمكاناتها الهائلة فى إنتاج الطاقة النظيفة والتى ستمكنها من التحول إلى مركز عالمى لإنتاج الهيدروجين الأخضر على المديين المتوسط والبعيد.

ولفت إلى أنه على الرغم من الفرص التى يتيحها قطاع الهيدروجين، والجارى ترجمتها بالفعل إلى مشروعات فى الكثير من الدول، فإن نصيب الدول النامية من هذه المشروعات المقترحة لم يتجاوز سوى مشروعين من ضمن نحو 680 مشروعًا مقترحًا فى مجال الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.. ومن ثم يتأكد أن الدول النامية تظل أقل قدرة على الاستفادة من الفرص التى يمثلها التحول نحو الهيدروجين الأخضر بخطى متسارعة، لضعف قدراتها التكنولوجية فى هذا المجال الجديد، وغياب البنية التحتية اللازمة للنقل والتخزين وخلق سلاسل الإمداد اللازمة للتجارة الآمنة، وكذلك لضعف تدفقات التمويل والاستثمارات الموجهة إليها على نحو مستدام.

وأعلن الرئيس عن مبادرة جديدة عملت عليها مصر وبلجيكا خلال الأشهر الماضية بالتنسيق مع عدد من الشركاء.. وهى مبادرة «المنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد»، والتى تهدف إلى إنشاء منصة دائمة للحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للهيدروجين، ومع القطاع الخاص والمنظمات ومؤسسات التمويل العاملة فى هذا المجال، بغرض تنسيق السياسات والإجراءات وخلق ممرات للتجارة والاستثمار فى الهيدروجين، بما يساهم فى الإسراع من وتيرة الانتقال العادل الذى نصبو جميعًا إليه.