الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أسلوب حياة صديق للبيئة

أسلوب حياة صديق للبيئة

‎أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تكون قمة المناخ «كوب 27» فرصة ذهبية لجعل قضايا البيئة والمناخ ضمن تفكير، ولا أقول أولويات المواطن المصرى. أعلم تمامًا أن الوقت يبدو غير مناسب فى ظل ما جرى للجنيه المصرى وتداعيات الأسعار وقلق الجميع دون استثناء حول كيفية إدارة تفاصيل الحياة اليومية. 



‎لكن ربما تساهم قضايا المناخ، التى هى وثيقة الصلة بمصائر الدول والشعوب ورفاهها أو فقرها وعوزها (وإن كان بطريقة غير مباشرة)، فى مساعدتنا على التفكير المنطقى المستقبلى بدلًا من الغرق التام فى الأزمات الحالية والمصاعب الآنية. 

‎قمة المناخ أو «كوب 27» التى تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية ملغمة بالسياسة ومعبأة بالمصالح والتوازنات، وهذه سمة أى قمة وأى لقاء يجمع ساسة الكوكب. لكن القمة تحمل كذلك عشرات الفرص الذهبية لتسليط الضوء على قضايا وملفات تم إغفالها – سواء عمدًا أو بدونه- واعتبارها مشكلات الآخرين المرفهين والمترفين، وليست مشكلاتنا ونحن الدولة النامية التى ينشغل أغلبها سكانها بلقمة العيش اليوم وليس غدًا. 

‎ربما علينا أن نلفت الانتباه أن أوضاع الكوكب الحالية - والتى لا تستثنى دولة أو عرقًا أو جنسية – تلقى بآثارها على الجميع، وأن الجميع ناله وسيناله المزيد من سوء استخدام الأرض ومواردها على مدار عقود وقرون. صحيح أننا فى مصر لا نتحمل مسئولية تدمير المناخ أو الإضرار ببيئة الكوكب، لكننا أيضًا لسنا منزهين عن الأخطاء.

ويكفى خطأ اعتبار قضايا البيئة رفاهية، لدرجة أن البعض يتفكه منها، ويسخر من كل مدافع أو ناشط أو مؤمن بضرورة إنقاذ الكوكب من تغيُّر المناخ والعبث به.  ‎وعلى الرغم من الجدل السائد حول ضرورة التزام الدول الغنية بتمويل احتياجات الدول النامية للوصول بالانبعاثات إلى صفر، وهو ما يفسره البعض بـ«دفع ثمن إفساد البيئة من قبل الأغنياء للفقراء»؛ فإن المسألة ليست بهذه البساطة، رغم أنها تحمل قدرًا من الحقيقة. 

‎الحقيقة نفسها تشير إلى أن الدول الغنية ما زالت حتى اللحظة هى الأقل تضررًا من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، من فيضانات وجفاف وحرائق وغيرها. ويكفى إنها حتى فى حال حدوث مثل هذه الكوارث أكثر قدرة على مواجهتها بأقل خسائر بشرية ممكنة. 

‎غاية القول إن «كوب 27» يمثل فرصة رائعة لندق على وتر الوعى البيئة وتفعيل القوانين الخاصة بالبيئة وغير المرتبطة بالمواسم والأعياد والمؤتمرات وفرصة التقاط الصور والدخول فى الكادر. نحن فى أمس الحاجة إلى وعى بيئى حقيقى يعرف المواطن من خلاله بالحجة والبرهان أن دوره فى الحفاظ على البيئة والمناخ ليس حبرًا على ورق، وأن فقره أو ضيق ذات يده لا يعفيانه من المسئولية. بل العكس هو الصحيح، فالوعى بالبيئة والمناخ طريق ممهد لغد أفضل وجيب أوفر وحياة أكثر استدامة ومستقبل أفضل لا يرتبط بقمة أو فعالية، لكن يرتبط بأسلوب حياة صديق للبيئة.