الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
العودة إلى العمل .. بعد المعاش!

العودة إلى العمل .. بعد المعاش!

يعيش الناس فى بريطانيا هذه الأيام أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة مع زيادة أسعار البترول والغاز التى ترتبت عليها زيادات فى أسعار كل شىء.



وهذا ما أدى إلى ظواهر اجتماعية جديدة لم يعهدها الناس هنا من قبل، ومنها أن أعدادًا كبيرة من المسنين الذين خرجوا إلى المعاش بعد سنوات عمل طويلة، اضطروا إلى العودة للعمل بعد سن الـ66 وهى سن المعاش فى بريطانيا.

 

معظمهم يحتاجون للمال الزائد حتى يتمكنوا من مواجهة الأعباء الجديدة الناتجة عن الغلاء، لكن بعضهم يحتاج للعمل حتى يحافظ على حيويته وصحته وتواصله مع الحياة والناس.

تقول بيانات حديثة من جمعية « اجينج بيتر» لرعاية كبار السن أن عددا من تجاوزوا سن 65 ويقبلون على العودة إلى العمل بعد المعاش زاد 173 ألفًا فى الربع الأول من العام الحالى.

ويشرح «كيم شابلن» أحد خبراء الجمعية الخيرية سبب هذه الزيادة فيقول إنها قفزة كبيرة بعد معاناة فيروس كورونا، ومع أننا لا نعرف السبب الحقيقى وراء هذه الأرقام وقرار كل شخص، إلا أننا نشتبه فى أن زيادة أعباء المعيشة لها دور كبير.. فالإنسان الآن يواصل العمل طوال حياته بلا توقف بسبب السن، يعمل بعد سن 66 طالما تساعده صحته على ذلك. 

وبناء على بحث قام به معهد دراسات تموله الجمعية، فإن رفع سن المعاش إلى 66 سنة ترتبت عليه هذه الزيادة الكبيرة فى أعداد كبار السن العائدين إلى العمل بعد خروجهم إلى المعاش، ويكشف البحث عن أن أعدادا أكبر من هؤلاء دخلت نطاق الفقر الشديد، فما يحصلون عليه من المعاش لا يسد الاحتياجات الضرورية بعد ارتفاع تكاليف المعيشة.

حكاية «سو» 

ولنسمع حكاية «سو» - وعمرها 67 سنة - وتقول إنها كانت تعمل فى شركة توفر سيارات بسائقين لمن يطلب، وكانت مهمتها هى ترتيب طلبات الزبائن والإشراف على السائقين وكان هذا يقتضى منها التواجد فى المكتب من الرابعة صباحا، ومنذ ثلاث سنوات تقاعدت بعد نحو نصف قرن من العمل. حتى تتفرغ لرعاية زوجها المريض، وبعد وفاته فى فبراير الماضى بحثت عن عمل يلهيها عن أحزانها، ويجعلها نشطة..عمل نصف يوم «بارت تايم».. فتكاليف المعيشة تتزايد والمعاش الذى تتقاضاه لا يزيد على 720 جنيها. بعد دفع المصاريف الشهرية والضرائب لا يبقى شىء، وهى تحتاج لثمن البنزين لسيارتها فالمواصلات العامة لا تصل لمكان عملها الجديد، حيث وجدت وظيفة فى مطعم، لكنها تقول: أنا محظوظة لأنى فى صحة جيدة رغم بعض متاعب الروماتيزم، لكن إلى متى؟ فارتفاع أسعار البنزين قد لا تترك لها مجالا لشراء الطعام.

تقول «سو» أنها تستمتع بالعمل الجديد وصحبة الناس كما أنها تتناول وجبة ساخنة خلال الوردية ما يوفر لها بعض المال.. وتنهى حكايتها بالقول: طول عمرى استغرق فى العمل والآن العمل هو الذى يبقينى حية.

 

 

حكاية «تونى»

العودة إلى العمل بعد الخروج للمعاش منذ سنوات، مهمة صعبة لسبب آخر يحكى عنه «تونى» - عمره 78 سنة – هو سوء معاملة كبار السن، فما إن يعرف صاحب العمل أو المدير أنك بلغت من العمر 78 عاما، حتى يتجاهل أمرك تماما. وهذا ما حدث مع «توني» خلال رحلته فى البحث عن عمل بعد المعاش، كان سابقا يعمل كسائق لتوصيل الطرود فى هيئة البريد، ولم يكن يرغب فى ترك وظيفته لكن عندما بلغ سن المعاش آجبر على ترك العمل.ومن وقتها شغل نفسه بنشاط خيرى مع جمعية رعاية المسنين فى بريطانيا، لكن ارتفاع تكاليف المعيشة اضطره إلى البحث عن عمل نصف الوقت لتعويض ما لم يعد مبلغ المعاش كافيا لسداده.. والمشكلة أنه يتلقى يوميا رسائل إلكترونية تعرض عليه أعمالا لا يريد القيام بها، أو لا يقدر بحكم السمع أنه فى صحة جيدة بالقياس إلى عمره.

الحكايات كثيرة وكلها تصب فى تدهور دخول الناس بسبب أزمات الوقود وارتفاع الأسعار وكبر السن، لكنها تكشف أيضا عن مهارة الإنسان فى مواجهة مصاعب الحياة حتى بعد سن الإحالة إلى التقاعد.