السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عقل يتخطى الزمن

على فكرة

عقل يتخطى الزمن

«نحن السعادة، نحن البهجة، ونحن المغزى الأكثر عمقًا، والأعلى قيمة»



عَبَّر بذلك الكاتب المبدع أ. إتش. ألماس عن ضرورة الشعور بالاكتمال والحيوية والتصرف ببساطة أو على السجية تماما كما كنا نفعل عندما كنا أطفالا، ويرى أننا نضيَّع بوصلة السعادة فى داخلنا عندما نفقد المزاج السعيد والبرىء الذى يعبر عنه الأطفال أصدق تعبير، وبعودتنا إلى هذه السعادة الطفولية فإننا نتجدد، أما ديباك شوبرا الطبيب والكاتب الأمريكى الشهير فيرى أن المرء إذا قرر تبنى عملية تغيير لنمط حياته بصورة إيجابية مثل اتباع حمية غذائية، والقيام ببعض التمرينات الرياضية أو إدارة التوتر بصيغة إيجابية أو القيام برياضة التأمل فإن ما يقرب من خمسمائة من الجينات سوف تُغيّر من طبيعة وظيفتها، فتنشط الجينات الحميدة، وفى الوقت نفسه توقف عمل الجينات غير الحميدة، ويضيف:

أنه لا تصدر التغيرات التى تحدث فى نمط الحياة عن الدماغ بل تصدر عن النية والتصميم، وإعادة التفكير، والتأمل والتفهم، وكلها من سمات العقل، فالإنسان قادر على تغيير حاله البيولوجية من خلال ما يفكر فيه أو يشعر به ومن هنا يرى أن أمام البشرية فرصة تنتفى فيها الشيخوخة وأعراضها، ويكون المعيار العام لتجربة الحياة اليومية هو الحيوية والتجدد والإبداع، فالإحساس بالسعادة والرضا يبقياننا أصحاء ويطيلان العمر وفى كتابه «جسد لايشيخ - عقل يتخطى الزمن»، والذى ترجمه د.منذر محمود صالح، وصدر عن دار الفرقد بدمشق، يقول: ظهرت الشيخوخة الجديدة بشكل جليّ، فقد بدأ الأطباء يلاحظون أن المرضى الأكثر شيخوخة كانوا أكثر شبابا بدنيا وعقليا مما ينفى أن الدماغ يفقد كَمًا من الخلايا العصبية مع التقدم فى السن، وأنه ليس بإمكانه أن يتعافى ذاتيا من الصدمات، ويفقد قدرته على تجديد خلايا دماغية لكن هذه الفرضيات خاطئة، فالدماغ يستطيع تجديد ذاته ومعالجتها كما يستطيع إقامة روابط جديدة خلال حياة الإنسان، بل يرى ديباك شوبرا أن الشيخوخة بما تتميز به من نضج وإبداع ورؤية هى هدايا العمر، والحكمة التى تُعتبر مكافأة الحياة الطويلة، فالإبداع والحكمة هما ما ألهما بيكاسو، وبرنارد شو، ومايكل أنجلو، وتولستونى، والكثير من العباقرة الذين عمروا طويلا.

وتقول حكمة شوبرا: إن الحب إذا أصبح سمة من سمات الشخصية، وليس إحساسًا عابرًا فإنه يطيل العمر، ويتخطى الزمن فكتابة رسالة شكر، أو التعبير عن الامتنان أو مساعدة المرضى، أعمال كلها فى خانة الحب، ويستعين شوبرا بأبيات شعرية جميلة لجبران خليل جبران فيختتم بها كتابه كرسالة حب للبشرية حيث يقول جبران: «ومع ذلك، فإن الجانب الخالد فيك يعى / أبدية الحياة/ ويعرف أن الأمس ما هو سوى ذاكرة اليوم/ وأن الغد هو حلم اليوم/ وأن ما يُغنِّى ويتأمل فى داخلك/ ما يزال يعيش/ داخل حدود تلك اللحظة التى بعثرت النجوم فى الفضاء».