الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نجوم لا يعرفهم أحد

«سنية» بتاعة الفراخ.. وبنت سلطح بابا "الحلقة الأولى"

محمود الزهيرى وعادل إمام
محمود الزهيرى وعادل إمام

على مدى تاريخ السينما المصرية الطويل ظهر عدد كبير من الفنانين والفنانات الذين قد نجهل أسماء الكثيرين منهم رغم أن أعمالهم الفنية خالدة وتشهد على إبداعهم، وهؤلاء الفنانون تم تهميشهم سواء تقصيرا وإهمالا أو حظا قليلا. نقدم هنا لمحات من حياة مبدعين عظام كلنا نعرفهم، لكن كثيرين لا يعرفون أسماءهم أو سيرهم رغم تحقيق هؤلاء نجومية كبيرة دامت عشرات السنين.



هنا نلقى بعض أضواء على أصحاب أعمال أسعدتنا وأبهجتنا على مدى سنوات طويلة.

رغم أن معظم الناس يجهلون أسماء هؤلاء المبدعين الذين عاشوا فى الظل وماتوا دون أن يشعر بهم الكثيرون، هنا نتذكر أعمالهم وشخصياتهم التى جسدوها على شاشة السينما المصرية، فمن منا ينسى الدكتور عبدالجواد أيوب مخترع الفنكوش فى فيلم «واحدة بواحدة»؟ أو سنية بتاع الفراخ فى فيلم «الوسادة الخالية»؟ أو حلمى فهمى نظمى رسمى فى فيلم «آه من حواء»؟ أو بهيجة بنت سلطح بابا فى فيلم «إشاعة حب»؟ أو الحاج نادى فى فيلم «كراكون فى الشارع»؟!.. إليك التفاصيل:

 

بنت سلطح بابا
بنت سلطح بابا

 

 

مخترع الفنكوش

الفنان محمود الزهيرى واحد من الممثلين الذين برعوا فى تجسيد الشخصيات الثانوية فى السينما المصرية. ولو أننا ذكرنا مثلا أن الفنان محمود الزهيرى قد ظهر فى عدد كبير من الأفلام مثل «الحب فوق هضبة الهرم» و«الشيطان يقدم حلاً» و«مولد يا دنيا» و«البرنس» و«السادة المرتشون» و«الغول» و«ضربة شمس» و«عصابة حماده وتوتو» و«الطائرة المفقودة» ربما لا يتذكره أحد منا.

ولو ذكرنا أنه قام بتجسيد شخصية مدير الشركة الذى يتفنن فى توقيع الخصومات على موظفيه فى فيلم «تجيبها كده تجيلها كده هى كده» وشخصية مدير الإصلاحية فى فيلم «الاحتياط واجب» ربما تذكره البعض منا. ولكن لو قلنا إنه هو الذى جسد شخصية الدكتور عبدالجواد أيوب العالم الذى اخترع الفنكوش فى فيلم «واحدة بواحدة» مع عادل إمام وميرفت أمين فمن المؤكد أن الجميع سوف يتذكرونه على الفور.

محمود الزهيرى المولود فى يونيو 1922، وتوفى 1992 اشتهر بصلعته ووجهه المبتسم دومًا. ورغم أدائه المسرحى وصوته المرتفع فإنه دخل قلوب المشاهدين بفضل أدواره رغم صغر وضآلة مساحتها على الشاشة.

ومنذ عرض فيلم «واحدة بواحدة» فى 1984 انتشرت كلمة الفنكوش واشتهرت على الألسنة دون أن يذكر كثيرون اسم صاحبها.

ورغم أن الفنكوش فى الفيلم كان مجرد منتج وهمى ليس له وجود وتمت الدعاية له، فإنه فى النهاية أصبح حقيقة واقعة بفضل جهود الدكتور عبدالجواد أيوب، لذلك مازالت «الفنكوش» تطلق على الأشياء الوهمية التى ليس لها وجود. والمفاجأة أن الفنكوش لم يكن مجرد خيال مؤلف أو شطحة مخرج، بل كان حقيقة وواقعًا حدث فى مصر قبل ظهور الفيلم بما يقرب من  سنة 28 كاملة.

وكان هذا فى سنة 1956 تحديدًا، حيث ظهر المدعو عصام الدين متولى الذى أقنع كبار الصحفيين وقتها أنه مخترع ومبتكر اكتشف ما أطلق عليه وصف الشوربة العجيبة التى تشفى من جميع الأمراض.

فكتبت عنه وعن اكتشافه الصحف الكبرى ومنحه الصحفيون لقب الطائر الفرعونى، وكان ممن كتبوا عنه الكتاب الراحلون مصطفى أمين  وأحمد رجب، إضافة إلى الأستاذ صلاح منتصر، وعندما ظهر كذبه وادعاؤه عادوا واعتذروا للقراء.

 

كوثر شفيق مع عبدالحليم
كوثر شفيق مع عبدالحليم

 

بتاعة الفراخ

أما سنية بتاعة الفراخ فى فيلم «الوسادة الخالية»، فهى الفنانة كوثر شفيق الممثلة صاحبة الأداء الهادئ والوجه المعبر. ولدت منذ 90 عامًا، وتحديدا1930.

وبدأت الفن فى خمسينيات القرن العشرين، وتزوجت المخرج عز الدين ذو الفقار بعد طلاقه للفنانة فاتن حمامة، وأنجبت منه ابنته الثانية دينا، التى تزوجت من المخرج أحمد يحيى. والمعروف أن الفنانة كوثر شفيق ابتعدت عن الفن فترة، وتفرغت خلالها لرعاية أسرتها، ثم عادت مرة أخرى.

ووصفت كوثر شفيق بالفنانة الصامتة، لأنها فى معظم أدوارها كانت تنطق بكلمات قليلة، ولكنها تظل الفنانة صاحبة الأداء المعبر، فقد كان صمتها معبرًا أكثر من الكلام، وربما لا يتذكر الكثيرون اسم الفنانة كوثر شفيق، رغم أنها واحدة من الفنانات اللاتى تركن أثرًا كبيرًا لدى المشاهدين، وذلك رغم قلة اشتراكها فى الأعمال الفنية.

ولو عدنا بالذاكرة للأعمال التى شاهدنا فيها الفنانة كوثر شفيق لتذكرناها على الفور، فهى التى أدت دور الممرضة فى فيلم «آثار فى الرمال»، ودور كوثر صديقة عديلة فى فيلم «حكاية جواز»، ودور المضيفة الجوية اليابانية فى فيلم «مطاردة غرامية».

ويبقى دورها الأشهر سنية «بتاعة الفراخ»، حيث ظهرت مع الفنان عبدالحليم حافظ فى أغنية «تخونوه»، وكانت تزوره وقت مرضه فى المستشفى فى فيلم «الوسادة الخالية».

شاركت كوثر شفيق فى عدد من الأفلام السينمائية الشهيرة مثل: «بلال مؤذن الرسول»، و«وكر الأشرار»، و«السلم الخلفي»، و«عايزة أتجوز»، و«الخروج من الجنة»، و«عهد الهوى»، و«أمانى العمر»، و«عندما نحب»، هذا بالإضافة إلى عدد من الأفلام السينمائية التى شاركت فيها مع الفنانة فاتن حمامة، ومنها: «القلب له أحكام»، و«الحرام»، و«أريد حلا»، و«لا عزاء للسيدات».

نظمى رسمى

من منا لا يتذكر حلمى فهمى نظمى رسمى فى فيلم «آه من حواء»؟! إنه الفنان والإذاعى ووكيل أول وزارة الإعلام مصطفى الشريف الذى يعد واحدًا من الوجوه التى لا تنسى على مدار تاريخ السينما المصرية.

ورغم قلة مشاركاته هو الآخر وصغر مساحات أدواره فإن ذلك الفنان قد ترك بصمة كبيرة وعلامة لا ينساها متابعو ومحبو السينما. والطريف أن مشهدا صغيرا فى فيلم «آه من حواء» هو الذى صنع شهرته وربما قبلها كان من النادر أن يعرفه أحد.

ولكن المؤكد أن الجميع يعرفونه الآن باسم «حلمى فهمى نظمى رسمي» ذلك الشاب الذى أحضره «لمعى» أو الفنان عبدالمنعم إبراهيم ليخطب أميرة أو الفنانة لبنى عبدالعزيز فى الفيلم الذى أخرجه المخرج فطين عبدالوهاب سنة 1962. كما ظهر أيضًا مصطفى الشريف فى مشاهد قصيرة فى عدد قليل من الأفلام، ومنها فيلم «ساحر النساء» مع فؤاد المهندس وشويكار.

ولد الشريف سنة 1933، والتحق بمراحل التعليم المختلفة حتى وصل إلى كلية الحقوق، إلا أنه لم يستمر فى الدراسة وتحول إلى المعهد العالى للفنون المسرحية حيث التحق بقسم التمثيل والإخراج.

وكانت بدايته الفنية فى طفولته، حيث شارك فى برامج الأطفال بالإذاعة المصرية، ومن الأعمال التى شارك فيها مسلسل «محروس بياع العرقسوس» وبعد تخرجه فى المعهد ترشح للعمل بالإذاعة من الإذاعى الراحل يوسف الحطاب.

 

حلمى فهمى نظمى رسمى
حلمى فهمى نظمى رسمى

 

والفنان مصطفى الشريف هو الذى أنشأ قسم الدراما فى إذاعة الإسكندرية، وعمل مديرًا عامًا للتمثيليات فى شبكة المحليات، وكان عضوًا فى اللجنة بالإذاعة، وأسس مركز التراث الإذاعى، وبلغ ما قدمه للإذاعة تمثيلاً وإخراجًا ما يقرب من 150 مسلسلاً إذاعيًا و500 تمثيلية قصيرة و100 سباعية و100 حلقة من برنامج الأعلام.

وتوفى عام 2014 عن عمر يناهز 81 عامًا.

بنت سلطح بابا

أما «إحسان شريف» فهى بهيجة بنت سلطح بابا فى فيلم «إشاعة حب», والفنان الكبير يوسف وهبى له كلمة شهيرة فى فيلم «إشاعة حب» وهى: «فلتسقط بنت سلطح بابا»، وإحسان هى بنت سلطح بابا أو بهيجة هانم التى كانت بالفعل واحدة من أنجح وأشهر شخصيات هذا الفيلم.

بل يعد دور بهيجة هانم بنت سلطح بابا هو الدور الأكثر نجاحًا والأكثر أهمية والأكثر شهرة والأكثر تأثيرًا فى المشاهدين حتى اليوم بالقياس لباقى أعمال الممثلة القديرة إحسان شريف. رغم أنها أدت العديد من الأدوار المتميزة.

«إشاعة حب» واحد من العلامات المميزة فى تاريخ الكوميديا فى السينما المصرية، فالمخرج الكبير فطين عبدالوهاب نجح من خلال هذا الفيلم، فى إعادة اكتشاف وإبراز الجوانب الكوميدية لدى عدد من نجوم الدراما، الذين خاضوا التجربة الكوميدية لأول مرة، ونجحوا فيها نجاحًا باهرًا لفت الأنظار إليهم، مثل عمر الشريف وسعاد حسنى وإحسان شريف.

والفنانة إحسان شريف قدمت دورًا متفردًا، خصوصًا تلك المشاهد التى جمعت بينها وبين النجم الكبير يوسف وهبى، أدى دور زوجها عبدالقادر النشاشقى صاحب شركة النقل والملاحة ببورسعيد. وكذلك مشاهدها مع الفنان الكبيرالراحل عمر الشريف الذى أدى دور حسين ابن أخى زوجها ونائب مدير الشركة. وأخيرًا تلك المشاهد التى جمعتها بالفنان جمال رمسيس الذى أدى دور لوسى ابن أختها طنط فكيهة.

والغريب والطريف فى آن واحد، أن الفنانة إحسان شريف أصغر عمرًا من الفنان جمال رمسيس الذى أدى دور لوسى ابن شقيقتها طنط فكيهة، فقد ولد جمال رمسيس فى 1921، بينما ولدت الفنانة إحسان شريف بعده بخمسة أشهر عام 1921. والجدير بالذكر أن الفنانة إحسان شريف قد قدمت دور بهيجة هانم بنت سلطح بابا فى فيلم «إشاعة حب» سنة 1960، أى أن عمرها فى ذلك الوقت كان 39 سنة. وقد نجحت إحسان فى إقناع المشاهدين أن عمرها أكبر.

وإحسان موهوبة مبدعة ومقنعة فى جميع الشخصيات التى جسدتها، فمن يرى أرستقراطيتها فى فيلم «إشاعة حب»، أو عنجهيتها وعجرفتها ومصمصة شفايفها فى فيلم «أم العروسة»، لا يتوقع أبدًا أنها هى نفس الفنانة التى أدت دور والدة الفنان محمود ياسين الفلاحة فى فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، أو تلك المرأة الصعيدية التى كانت توصل الرسائل للفنانة زيزى مصطفى فى فيلم «البوسطجى»، أو تلك المرأة الشعبية المريضة التى أدت دور والدة الفنان أحمد زكى فى فيلم «النمر الأسود».

ولدت إحسان بضاحية حلوان جنوب القاهرة، وبعد حصولها على الثانوية انضمت لعدد من فرق الهواة المسرحية، ثم التحقت بفرقة زكى طليمات، الذى تزوجته بعد انفصاله عن زوجته الأولى، الفنانة والصحفية فاطمة اليوسف الشهيرة بلقب روزاليوسف.

ثم عملت إحسان بفرقة الريحانى، ثم فرقة على الكسار، وانطلقت فى مسيرتها السينمائية عام 1947 بفيلم «هدية».

وتعددت وتنوعت أدوارها على مدار حياتها الفنية، فمن أعمالها المتميزة فيلم «البوسطجى»، وفيلم «الناصر صلاح الدين»، وفيلم «أم العروسة»، وفيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، وفيلم «النمر الأسود»، وفيلم «شهد الملكة»، آخر أعمالها السينمائية.

أما أشهر أعمالها التليفزيونية فهو مسلسل «الرجل والحصان» مع الفنان محمود مرسى.

وقد توفيت إحسان شريف فى سبتمبر 1985.

 

عدوى غيث رحل فى صمت
عدوى غيث رحل فى صمت

 

 كراكون فى الشارع 

أما عدوى غيث أو الحاج نادى فى «كراكون فى الشارع»، فهو واحد من الفنانين الذين برزوا فى أداء الأدوار الثانوية فى السينما المصرية ولم يسلط عليهم الضوء، سواء فى حياتهم أو بعد رحيلهم.

وتميز هؤلاء الفنانون وأجادوا رغم صغر  أدوارهم وكانوا حقًا وكما قيل عنهم مثل «الملح أو السكر فى الطعام».

الفنان عدوى غيث مثلاً لا يتذكر اسمه إلا القليل، ولكن من المؤكد أن الكثيرين يتذكرون أدواره التى ما زالت باقية وعالقة بالأذهان.

ولد عدوى غيث 1923، وتخرج فى كلية التجارة جامعة فؤاد الأول عام 1945. ولأنه كان يهوى التمثيل فقد التحق بمعهد التمثيل وتخرج فيه. وبجانب عشقه للتمثيل وعمله به فقد كتب عدوى غيث القصص القصيرة والشعر والمقالات التى نشرها فى بعض الجرائد الخاصة.

اشتهر الفنان عدوى غيث بتجسيد شخصية الرجل العجوز الحكيم الوقور الطيب الحنون، ولعلنا نتذكره فى شخصية والد الفنان أحمد زكى فى فيلم «الحب فوق هضبة الهرم»، وشخصية والد الفنان عادل إمام فى فيلم «النمر والأنثى»، و«كابتن مورو» لاعب الكرة الشراب القديم فى فيلم «الحريف»، وشخصية مصطفى الغريب عم الفنانة معالى زايد فى فيلم «كتيبة الإعدام».

ولكن أبرز الشخصيات التى جسدها فى السينما كانت شخصية الرجل النصاب الذى يستغل مظهره الطيب الوقور ويستغل صورته كملتحٍ فى النصب فى فيلم «كراكون فى الشارع»، ولعلنا نتذكر جميعًا مشهد كيس التمر الشهير مع الفنان عادل إمام والفنانة يسرا وحكاية «بركة عمك الحاج نادى».

ومن أشهر أعماله السينمائية أفلام «احنا بتوع الأتوبيس» و«كتيبة الإعدام» و«الحريف» و«كراكون فى الشارع» و«النمر والأنثى» و«نهر الخوف» و«الحب فوق هضبة الهرم» و«مستر كراتيه»، ومن أشهر أعماله التليفزيونية مسلسلات «الدوامة» و«على الزيبق» و«صابر يا عم صابر» و«الزير سالم» و«أبناء فى العاصفة».

وظل عدوى غيث يعمل بالفن أكثر من 40 عامًا، وكما عاش فى صمت رحل فى صمت وهدوء فى أبريل 1995.