الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
حد فاهم حاجة؟!

حد فاهم حاجة؟!

متابعة ما يشغل قطاع عريض من الرأى العام، وما «يدفع» الرأى العام ليتم شغله به، وما يُثار من أسئلة لرجال الدين وعلمائه لتعكس قضايا ومشكلات المواطن المصرى تجعل الراصد فى حيرة من أمره، ينظر إلى التاريخ ليتأكد أن الألفية هى الثالثة وأن العام هو الـ22 من الألفية، ليجد التاريخ بالفعل 2022، لكن واقع ما يشغل الرأى العام يُشير إلى أن العام 122 أو 1022 على أحسن تقديرًا.



ما زلنا نبحث إن كان على الشابة التى اختارت أن تدرس الطب البشرى لسنوات طويلة عليها أن تبذل قصارى جهدها لترجمة هذه السنوات إلى عمل وبحث واستكمال للدراسة والقيام بمهامها الإنسانية العلاجية، أم عليها أن تختار تخصصًا يُتيح لها أن «تمضى» حضورًا وانصرافًا لتجرى إلى العيال. وحين يسأل أحدهم سؤالًا منطقيًا: إذن لماذا اختارت هذا التخصص الدقيق الصعب طالما هى تجد الجمع بين عملها كطبيبة ودورها كزوجة وأم أمرًا لا يمكن القيام به، فإن سهام النقد والتجريح تطاله، والأدهى من ذلك يتم اتهامه بأنه ضد الدين والشرع إلى آخر معزوفة «الحرب الكونية» ضد الدين. 

ومازلنا فى عام 2022 نجد من يعلق على أشخاص يقولون: إن «الدين» لا يلزم المرأة بالقيام بمهام الطبخ والمسح والكنس غصبًا (مع العلم أن طرح الفكرة نفسها عجيب وغريب ومضحك)، فيقول بالحرف: «أمال أنا جايبها ليه؟! ولما هو مش غصب، إذن أنا مش مجبر أعالجها لما تتنيل تعيا».

والنيلة فى عام 2022 أنواع وأشكال. فما زال هناك من هو غارق حتى الثمالة فى قصص الأولين فقط لا غير، يلف ويدور فى فلكها، لا لاستخلاص العبرة أو الحكمة، ولكن لاستنساخ طريقة حياة الأولين، لكن هذا الغارق حتى الثمالة نفسه، والذى يعتبر الأولين وحدهم القدوة، والآخرين، سواء الذين يواكبون العصر مع احترام الأولين دون استنساخ تفاصيل حياتهم من مأكل وملبس ومشرب وطريقة كلام، أو من لا يتّبع الأولين لاختلاف العقيدة أو التوجه، نجد هذا الغارق نفسه أول الراكضين صوب «الآخرين» بحثًا عن علاج أو سيارة أو هاتف محمول أو مكبر صوت بتقنية عالية يثبت منه العشرات على الزاوية التى شيدها على رصيف المشاة، وهذا الغارق نفسه هو أول من ينعت المعترضين على الصوت العالى ومخالفة البناء ب«الكافر» و«الزنديق» و«كاره الدين». 

فى عام 2022، تفرد الصحف والمواقع الخبرية المساحات والساحات لـ«دعاء» دخول الامتحان أكثر من «دعاء» المذاكرة قبل دخول الامتحان. وفى عام 2022، نشكك فى أن المرأة كائن كامل الأهلية، ونشجب ونندد بكل من يحاول أن يمد لها يد العون للخروج من حفرة الجاهلية التى تحاول وأدها تارة باسم الدين، والدين منها برئ، وأخرى باسم الطبيعة، والطبيعة متبرئة منه ليوم الدين، الطريف والمثير أن المشككين فى أن المرأة كائن كامل الأهلية فى مصر فى عام 2022 يقفون طوابير على أبواب سفارات الدول التى تحكمها نساء بغرض الدراسة أو الهجرة أو اللجوء، رغم أنهم على قناعة بأن القوم الذين يولوا نساء أمورهم ملعونون. حد فاهم حاجة؟!.