الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عمرو محمود ياسين: والدى علمنى سر وصفة النجاح

حاورته: إيمان مندور



نجاحات كبيرة حققها الفنان عمرو محمود ياسين خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا فى مجال كتابة السيناريو، ليصبح من القلائل من «أبناء الفنانين» الذين تعددت مواهبهم داخل المجال الفنى بإشادة الجمهور والنقّاد على حد سواء، ومن الذين تخطوا أصلاً فكرة هذا المصطلح منذ سنوات طويلة، حيث يتعامل معهم الجمهور الآن كشخصيات ناجحة مستقلة، عكس البعض ممن تبدأ مسيرتهم وتنتهى وهم يعيشون فى جلباب شهرة أبيهم فقط.

عن مشواره الفنى بين الكتابة والتمثيل، ورأيه فى العديد من القضايا على الساحة الفنية الآن، وتكريم والده الفنان الكبير الراحل محمود ياسين بمعرض الكتاب الخامس بمحافظة بورسعيد خلال الأيام الماضية، وموقفه من دخول نجله للمجال الفنى، كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع السيناريست عمرو محمود ياسين.

• بداية حدثنا عن تكريم والدك فى بورسعيد بحضور الأسرة.

هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها تكريم والدى فى بورسعيد، سواء قبل وفاته أو بعدها، فالأمر معتاد بيننا وبينهم، وليس غريبًا، لأن علاقة الحب والترابط بين والدى وبين أهل مدينة بورسعيد؛ مسقط رأسه، علاقة قوية ومعروفة. وفى كل مرة نكون سعداء بالأمر.

• هل هناك نصيحة أو موقف مع والدك لا تنساه؟

تعلمت منه الكثير عبر سنوات العمر الطويلة، لكن أهم النصائح بالنسبة لى هى الإخلاص. علَّمنى أبى أن الإخلاص سر وصفة النجاح فى أى شىء فى الحياة، لذلك أحاول تطبيقه فى كل أمورى المهنية والشخصية. أما فيما يتعلَّق بالمواقف، فدومًا كنت ألاحظ تواضعه مع الجميع، عكس بعض النجوم أو المشاهير «اللى ممكن النجاح ياخدهم شوية فتروح منهم حتة التواضع»، بينما والدى كان متواضعًا بشكل غير عادى فى كل مراحل حياته. أتذكر أنه أثناء سيره فى الشارع كان يتوجه لمصافحة الناس قبل أن يبدأوا بمصافحته.. «كنت أقول له وقتها طب افرض هو مش ناوى يسلّم، يقول لى مش مشكلة، المهم لو هو ناوى يسلّم يلاقينى جاهز وناوى أسلّم عليه». 

• كيف تأثرت بكونك ابن عائلة فنية بامتياز؟

تأثر الإنسان بالبيئة المحيطة مسألة حتمية. الإيجابى فى الأمر أنه لفت انتباهى سريعًا للهوايات التى أحبها والأشياء التى يمكننى الإجادة فيها، فالإنسان قد يعيش ويموت دون أن يدرى ماذا كان ينبغى عليه أن يفعل، لذلك البيئة الفنية المحيطة لفتت انتباهى لما أحبه، وبالتالى حين احترفت مهنة الفن كان لدىَّ كنز كبير جدًا من الخبرات التى أفادتنى فى مسيرتى وحياتى بعد ذلك، أما التأثير السلبى فهو أن نجاح هذه الأسرة الفنية متمثلة فى والدى ووالدتى، جعلنا كأجيال فنية جديدة بعدهم، سواء أنا أو شقيقتى رانيا أو أولادنا، نحمل عبء مسئولية النجاح الدائم والحفاظ على هذه الأسماء الكبيرة، هذا بالإضافة لكون الناس متحفزة ومترقبة تجاهنا (كأبناء فنانين) أكثر من غيرنا.. «عاوزين يشوفوا الناس دى هتعمل إيه، هل هما داخلين الفن ده من باب الواسطة زى ما بيقولوا ولا لا».

• ألا يوجد واسطة فى الفن؟

لا، قد تكون الواسطة فى منحك الفرصة لعرض قدراتك ومواهبك، وهذا أمر أعتبره مقبولًا للجميع، وليس أبناء الفنانين فقط، فإذا كان نجلى موهوبًا ولدىَّ فرصة تناسبه وتضعه على بداية الطريق، إن لم أمنحها له فلمن؟! وهذا لا علاقة له بالنجاح الفنى، فالنجاح لا يمكن حدوثه بالواسطة، لأنه بيد الجمهور وحده.. «الجمهور هو اللى بينجحك.. لو أنت ناجح يبقى أنت عاجب الجمهور.. إنما مفيش واسطة فى الحاجات المتعلقة بالمهارة.. إيه قيمة إنك تاخد فرصة ومتحققش شىء؟ ملهاش قيمة».

• نجلك الفنان الصاعد محمود ياسين بدأ السير على خطى العائلة.. هل نصحته بالابتعاد عن الفن بسبب الشهرة وضغوطها؟

لم أنصحه بالابتعاد بقدر ما كشفت له عن صعوبات المهنة، وما الذى قد يواجهه فيها. وفى النهاية تركت له حرية الاختيار، وهو قرر الالتحاق بها، لذلك كل ما أتمناه أن يتمكّن من النجاح فيها، لأنها مهنة صعبة وضغوطها كثيرة. • هل تخبره برأيك فى أدواره؟ وهل نراكما فى عمل جديد قريبًا؟

بالطبع أخبره برأيى فى أعماله، وبالعديد من النصائح أيضًا. ولا أدرى إن كان سيجمعنا عمل جديد قريبًا أم لا، فليس بالضرورة أن يكون معى فى كل أعمالى، المهم أن يكون مناسبًا للدور، حينها سأكون سعيدًا بالعمل معه، لأننى يعجبنى أداؤه بالفعل، وأحب التعاون معه، وأظنه يبادلنى الشعور ذاته فى العمل.

• هل اكتفيت بالتأليف عن التمثيل؟ 

ليست مسألة اكتفاء، ولكن مسئولية التأليف أكبر بكثير من التمثيل. فى الكتابة أنت مسئول عن كل شىء، أنت من يضع المشروع الذى تأتى باقى الأطراف جميعًا لتنفيذه، وبالتالى تحمل مسئولية كل كلمة، لأنك كمؤلف حين تكتب مثلاً «فيلا أنيقة جدًا» أو «سيارة موديل العام» هذه الكلمات يتم ترجمتها على أرض الواقع لأموال كثيرة، لذلك يستغرق التأليف منى وقتًا طويلا للغاية، وهو ما يجعلنى غير قادر على ممارسة مهنة التمثيل حاليًا. وهذا لا يعنى عدم رغبتى فى العودة للتمثيل، بالعكس هو مهنتى الأساسية، وقد تكون العودة فى القريب العاجل.. من يدرى! 

• تعنى أن التأليف منحك ما لم يمنحك إياه التمثيل؟

نعم، وهو ما يتمثل فى فكرة إدارة العمل بالشكل الذى أريده، لأننى حين أكون موجودًا كممثل لا يمكننى فرض وجهة نظرى على العمل، فالممثل لا ينبغى له أن يفرض رأيه على الكاتب، بينما الكاتب يحدد كل شىء. ونظرًا لأننى شخصيتى قيادية بالأصل، ولا أجيد دور التابع، لذلك أجد أن التأليف منحنى سلطة إدارة العمل بالشكل الذى أراه مناسبًا. «فى النهاية أنا بحب أكون مسئول عن اللى بعمله وراضى عنه أوى، وده بيتحقق لى بشكل أكبر فى الكتابة عن التمثيل».

• تعد من أنشط المشاهير على فيس بوك، وتتفاعل مع الجمهور باستمرار.. ألا يسبب ذلك إزعاجًا لك بسبب بعض التعليقات السلبية؟

أتواجد بشكل نشط على السوشيال ميديا نعم. وأبتعد فى بعض الأحيان حين أكون منشغلًا بأعمالى، لكن فى أغلب الأوقات أكون نشطًا، وأشارك برأيى فى العديد من المواضيع، لا سيما فى حال امتلاكى لمعلومة أو وجهة نظر مهمة أريد عرضها على الجمهور ومناقشتهم فيها، كأحد أشكال التوعية، لكن على الجانب الآخر لا أهتم بالتعليقات الجارحة.. «أصل أنا مش عارف ده مين ولا تربيته وتعليمه إيه، أحترم الناس اللى بتتناقش وتقول رأيها بأدب، إنما اللى يدخل يكتب كلام فى تجاوز وشتائم لا ألتفت إيه، بشوفه مسكين وعنده مشاكل نفسية وبيحاول إنه يظهر قوة شخصيته من خلال اسم مستعار».

• هل قررت الابتعاد عن السوشيال ميديا من قبل؟

لا، لأننى أتعامل مع الأمور ببساطة شديدة وأضع كل شىء فى حجمه الطبيعى، لذلك حين أقدِّم عملًا ويحقق نجاحًا وانتشارًا أكون مدركًا لحجم هذا النجاح بدقة، ولا أحب المبالغة. لذلك العالم الافتراضى يظل عالمًا افتراضيًا بالنسبة لى.. «تيجى منه الحاجة الحلوة أو الوحشة، فى النهاية أنا مش عارف اللى بيكلمنى مين، فبالتالى ممكن أبتعد نظرًا لانشغالى، ولكن ليس لتأثرى بتعليقات سلبية زى بعض الناس ما بتعمل ويدخلوا فى أزمات.. أيوا عشان أنتم اديتوه أكبر من حجمه أصلاً».

• الخلافات العلنية للمشاهير زادت بشكل حاد خلال الآونة الأخيرة والبعض استخدم السوشيال ميديا لتبادل الاتهامات والأسرار العائلية والتجريح.. هل السبب فى السوشيال ميديا التى سهّلت ذلك؟ أم اختلاف الأجيال السبب؟

زادت بسبب كلا الأمرين؛ فقد أصبح من السهل على الإنسان التعبير عن أى شىء وتوضيحه للجمهور فى دقيقة واحدة من خلال السوشيال ميديا، لكن الأمر مرتبط بحالته فى ذلك الحين، والتى قد تجعله يتورط فى كتابة أمور يندم عليها لاحقًا. أيضًا الأجيال تتغير والسوشيال ميديا فى حد ذاتها تغير من طبيعة الإنسان.. «الأجيال بتتغير لأن الظروف المحيطة بتتغير، المثيرات اختلفت، وبالتالى الشكل العام لكل جيل يختلف عما قبله، هى علاقة متصلة.. ما هو ده جيل إيه؟ جيل السوشيال ميديا».

• فى رأيك.. هل منصات المشاهدة أثرت على طبيعة الكتابة الدرامية؟ بمعنى أنها فتحت المجال لتيمات غموض ورعب وأفكار أكثر جرأة إلى حد ما؟ أم يختلف الأمر حسب الكاتب نفسه ومدى تغير ذائقة المتلقى؟ 

لا لم تؤثر على طبيعة الكتابة، لأنه يمكن للمؤلف كتابة ما يشاء من أنواع الدراما. المنصات لم تستحدث أنواعًا جديدة، لكن حين ينجح عمل له طبيعة معينة، مثلاً كأعمال الرعب أو الرعب الكوميدى، يتم تكرار نفس النوعية فى تجارب مشابهة، لكن عادة تكون المنصات مليئة بكل الأنواع الدرامية، بل إنها فتحت الباب بشكل أكبر لمزيد من الأفكار الجديدة، ولصناع الدراما أن يقدموا المزيد من الأعمال.

• هل يمكن استخراج أفكار درامية من تريندات السوشيال ميديا؟ أم السمة الغالبة أنها قضايا لا تحتمل مناقشة عميقة فى حلقات درامية مخصصة؟

الأمر وارد، فبعض الأعمال تبدأ من لحظة مرّت على الكاتب، فيضيف إليها من خياله لينسج عملاً متكاملاً.. «ممكن لحظة معينة تمر قدام مؤلف يعمل منها فيلم أو مسلسل، تكون بداية خيط، فطبعا وارد.. ليه لأ، أصل التريندات منين؟ ما هى من الواقع، التريند عبارة عن موقف حصل والناس اتكلمت عنه. الموقف ده ممكن يكون موقف درامى يتبنى عليه حدوتة كبيرة».

• 3 سنوات تقريبا مرّت على أزمة كورونا.. هل تعتقد أن تأثيرها على الفن ومساحة الإنتاج لا يزال مستمرًا؟

بالتأكيد أثرت على الفن وعلى مساحة الإنتاج، ولا يزال التأثير مستمرًا، لأن الركود الذى حدث أدى لتقليل هامش الربح، وتراكم الديون لدى بعض الجهات المتعلقة بالمهنة، مما يؤدى لضعف العملية الإنتاجية لاحقًا، أو التركيز على الأعمال التجارية بعض الشىء لتعويض الخسائر.

• مؤخرا كانت هناك حالات اعتزال لبعض النجوم للفن باختلاف أسباب كل شخص.. ما الحالة التى قد تجعلك تأخذ هذا القرار وتكون راضيًا عنه؟

حين أستشعر عدم قدرتى على إضافة جديد، لأن وقتها السوق نفسه ستبتعد عنى، لذلك قبل أن يلفظنى السوق سأبتعد أنا من تلقاء نفسى. الحالة الوحيدة التى سأبتعد فيها حين أشعر أننى لم يعد لدىّ أى جديد أقدمه للناس.

• ما جديدك فى الفترة المقبلة؟

أعمل حاليًا على كتابة فيلم سينمائى، سأعلن عن تفاصيله قريبًا حينما يتم الاتفاق النهائى. ولدىَّ مشاريع أخرى أتمنى أن ترى النور قريبًا، من بينها مشروع مسلسل لا أعلم بعد هل سيتم تقديمه فى شهر رمضان المقبل أم لا.