الأرزاق بالله يا «داندورما»

تنشط مبيعات المثلجات مع حلول الصيف.. ويتهافت عليها الصغار والكبار.. كثيرا ما تخفف من حدة درجة حرارة الصيف, ويعتبر «الآيس كريم» على قائمة المثلجات المفضلة.. وهو يتطور مع اختلاف الزمن، وعرفت زمان باسم «الداندورما», الدندورما كلمة من أصل تركى «طوكديرمة» وتطلق على كل ما هو مثلج.

وكانت أزقة وحارات وشوارع مصر سوقا رائجة لبيع هذا «المثلج اليدوى الصنع» زمان.. خاصة فى النجوع والكفور والقرى, وكان ينتشر فى كثير من شوارع المحروسة، وخاصة فى المناطق الشعبية، أو التى تشهد ازدحامًا مثل العتبة والموسكى والأزهر.

 

 

النهاردة رجعت تانى الداندورما.. الأجيال الجديدة اعتبروها «جديدة».

وزمان كانت تباع «الداندورما» على عربات خشبية، لها 3 إطارات منها اثنتان تحملان العربة نفسها، وواحدة تحمل النصف الخلفى للدراجة، وعجلة الداندورما كانت مختلفة الأحجام، ومزركشة بأشكال وألوان تجذب الانتباه خصوصا الأطفال.

الداندورما نفسها كانت تصنع من مواد وخامات طبيعية ليس بها ألوان صناعية أو مكسبات طعم ورائحة، كانت عبارة عن اللبن والماء والسكر والنشا والشوكولاتة والفواكه الطبيعية، وتختلف حسب الموسم.

كان يتم تحضير الداندورما وإبقاؤها فى الأوعية الخاصة بها، المحاطة بقطع الثلج من الخارج، ليصبح جاهزا للبيع فى أكواب بلاستيكية أو بسكويت «ويفر» أو «فريسكا» حسب الرغبة.

ما الذى كان يميز عربة «الداندورما» الخشبية زمان؟!

رغم بساطتها فى الشكل والمنتج ، وزهد الثمن كان عاملًا مهمًا من عوامل منافستها لكبرى المحال التى تنتج أنواعا متعددة النكهات والأشكال باهظة الثمن من الآيس كريم.

لكن مع عودتها مرة أخرى.. اختلفت أسعار الداندورما حسب المنطقة التى تباع فيها, بعد جولة فى شوارع القاهرة، طالعت «صباح الخير» عددًا من الأماكن بعضها لعربات الداندورما.

الجديد أن أغلب مقدمى الداندورما النهارده شباب، زمان كان بائع الداندورما عجوزا، اختلف الأمر النهارده، ويقدم الخدمة فى أغلبها شباب فى العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر، يعول بعضهم أسرا كاملة.

بين هؤلاء من كفر الشيخ «هيثم الخولى» 33 سنة، هناك أخلف وراءه أسرته، زوجته وطفلين.. وأب وأم وأشقاء، فى محاولة للسعى وراء الرزق الحلال، بدلا من أن يكون عالة على الأسرة.

هنا فى القاهرة يعيش مع عدة زملاء له بشقة مغتربين، فى القاهرة يسعى لتوفير كل جنيه.

يدفع هيثم عربة متوسطة الحجم يصل سعرها إلى 5 آلاف جنيه، من الزاوية الحمراء أو السيدة عائشة أو شادر السمك عند كوبرى غمرة، حيث مكان تجهيز المثلجات إلى شوارع وسط القاهرة.

 

 

لماذا وسط القاهرة بالذات؟!

لأن الزحام  والمحال التجارية والمستهلكين.. المسافة تزيد على 25 كيلومترا يوميا، يقطعها سائرا على قدميه بدفع العربة لبلوغ مكانه المعتاد باحثا عن زبائنه.

واقفا على قدميه طوال اليوم.

أطلعنا هيثم على سر صنعته، يسمى الداندورما«الآيس كريم الشعبى»، وتحدث عما يميزه عن غيره.

وبدأ هيثم حديثه عن يومه الذى يبدأ فى الصباح الباكر بتجهيز وتنظيف العربة التى تحتوى على صندوق خشبى قطره 60 سنتيمترا، وحلة استانلس قطرها 30 سنتيمترا، تحتوى على الآيس كريم، وتوضع داخل الصندوق الخشبى بحيث تكون هناك مسافة 5 سنتيمترات أو أكثر بينه وبين الحلة يوضع فيها كميات من الثلج فى نفس مستوى الحلة.

فى حلة الداندورما يمزج الثلج بالملح لكى يحتفظ بتماسكه لفترات أطول، وتسمى اللقطة «التصبيرة».

بعد تنظيف العربة تبدأ خطوات تصنيع الداندورما بتحديد نوعين من الفواكه الطبيعية ووضع كل نوع فى إناء خاص.

يتم تحويل ثمار الفاكهة إلى عصير طبيعى، ثم يضاف إليه مكونات التحضير من مياه ونشا وسكر بمقادير محددة، ثم يوضع الخليط فى ماكينة لمدة 10 دقائق ليصبح كتلة واحدة زى «الزبدة» ولكن مثلجة.. وهى دى الداندورما.

حجم الإناء بعربة هيثم يستوعب حتى 15 كيلوات، ولذلك يجعل تحضيراته اليومية 3 أنواع من الداندورما وبما أن المانجو والفانيليا الأكثر طلبًا فهو يعتبرهما أساسيين بجانب الفراولة أو الموز أو الشيكولاتة.

والداندورما توضع فى نوعين من البسكويت، أحدهما خفيف ويسمى «الويفر»، والآخر سميك وله مذاق أفضل «الفريسكا».

وقال هيثم إن ما يميز عربات الداندورما عن المحال أمور كثيرة، أهمها رائحة وطعم الفواكه الطبيعية، بالإضافة إلى رخص ثمنها .. وتباع الواحدة ما بين 3 و5 جنيهات، أضف إلى ذلك صغر العربة بحيث يسهل حركتها والتجول بها فى الشوارع الضيقة والمزدحمة ولمسافات طويلة فيذهب البائع للمشترى فى مكانه.

وأشار هيثم إلى أشكال البسكويت الذى يوضع فوقه الآيس كريم بأشكاله المختلفة إحداها يشبه «الشعلة» ويسمى بنفس الاسم ويباع بالكيس ويحتوى على 250 بسكويتة بـ30 جنيهًا.

 

 

وهناك شكل آخر يشبه القرطاس ولكنه متساوى الأطراف، وتحتوى الكرتونة منه على ما بين 400 إلى 500 بسكويتة، وتكلفة كل 100 حوالى 40 جنيهًا.

هيثم أكثر زبائنه من الأطفال فهم، كما يقولون، لا يقاومون ألوانه ومذاقه.

قال هيثم إن هناك كثيرًا من التعليقات التی يعرفها من زبائنه، منها المضحك ومنهم من يقول «كلاما مش قوى» ويتقبل كل الكلام بصدر رحب.

أما عن أقل سعر لبيع الداندورما البسكويت فيقول هيثم: 3 جنيهات.. وأحيانا أقبل ببيعها بـ 2 جنيه بس، ويضيف إنه إذا جاءه أحد من الأطفال يطلبها بجنيه واحد يعطيها له «جبرًا لخاطره»، وعدم رفض الرزق، محققًا الشعار المدون على عربته «الأرزاق بالله».

عن التحديات التى تواجه هيثم بالشوارع والأحياء، قال إن أطرفها أن مرة عيل صغير ثقب لى أحد إطارات العربة وخلانى ألف حوالين نفسى!