الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جــوزنى شكــرًا

ظهر فى السنوات الأخيرة بعض حالات الزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث حققت جروبات وصفحات الزواج رواجًا عبر الإنترنت وقبولًا بين عدد من الشباب والفتيات الباحثين عن شريك العمر، وهو ما يراه آخرون أن زواج الإنترنت يعطى فرصة لاحتيال أى طرف على الآخر.



 

ومع ارتباط غالبية الشباب بشبكات التواصل الاجتماعى يرى متخصصون أن الزواج عبر الإنترنت هروب من القيود المجتمعية التى تحيط وتحاصر البعض خاصة المرأة التى كانت نسبة اختيارها لشريكها محدودة.

وتحفل شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، بإعلانات الكثير من تلك الصفحات والجروبات والمكاتب التى تنتشر فى القاهرة والمحافظات، تحت عناوين «وفق راسين فى الحلال» و«اختار معانا شريك العمر» فى دعوات متتالية للاتصال على الرقم المكتوب أو زيارة المكتب لتحقيق حلم الزواج.

صادفنا على محرك البحث «جوجل» واحدًا من هذه الإعلانات تحت اسم «مكتب مدام مريم» والمتخصص فى الزواج للشباب والفتيات الآنسات والمطلقات والأرامل وكذلك توثيق عقود الزواج وغيرها من الأمور التى يتضمنها الإعلان وبجانبه رقم هاتف للتواصل ورقم خاص بالواتساب وعنوان المكتب.

وفى رسالة قصيرة على الواتساب سألت عن تفاصيل الزواج من خلال المكتب وجاءنى رد فورى فى نفس اللحظة تقريبًا من سيدة ثلاثينية عبر المقطع الصوتى « voice note» ترحب بى وتطلب بياناتي «الاسم – السن – المؤهل – الوظيفة - الحالة الاجتماعية – والمواصفات المطوبة»، وأرسلت لها إجابات الأسئلة ببعض البيانان الوهمية بالطبع، فردت فى مقطع صوتى مرة أخرى تطلب مجموعة من صورى الشخصية وصورة بطاقتى لتستطيع أن تبحث لى عن العريس المناسب!.

وأوضحت أن جنسية العريس تحدد المبلغ المدفوع، مشيرة إلى أن تكلفة العريس تبدأ من  2000 جنيه وحتى 3500 جنيه وهو اشتراك ضرورى فى المكتب قبل تنفيذ أى مهمة، ولا بد من إرسال  صورة الفتاة الشخصية.

 أرسلنا لها رسالة قصيرة نشكرها ونعدها بالرجوع مرة أخرى فقالت: عند حضورنا للمكتب نسأل على مدام شيماء، وانتهت المحادثة.

وبالبحث فى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وجدنا ما يقارب الألف نتيجة ما بين مجموعات وصفحات وعناوين مكاتب ومؤسسات للزواج وكلهم حاملون شعار: «الترخيص وكله فى الأمان»، لفت انتباهنا بعض الصفحات والمجموعات باسم «جواز عرفى، زواج عرفى وشرعى لجميع محافظات مصر، مكتب زواج شريك العمر للزواج الشرعى والعرفى»، انضممنا للمجموعات حتى نستطيع معرفة التفاصيل وكانت كالتالى:

التواصل من خلال أدمن هذه الصفحات أو المجموعات وبعد تحويل مبالغ تختلف باختلاف الطلب مع تأكيد الأدمن الدائم أنه «جواز عرفى حلال جدًا والله!» بالبحث فى هذه المجموعات وجدت بعض أرقام التواصل مع عدد لا نهائى من المنشورات التى تعلن عن عروسة أو عريس بمواصفات معينة وكلهم مستعدون للزواج العرفى، مع الإشارة فى التعليقات إلى زواج «الشهر الواحد».

لم تتوقف هذه المجموعات عند هذا الحد بل كانت هناك دعوات صريحة للأعمال المنافية للآداب، واكتشفنا أن لذلك أيضًا مبالغ طائلة تدفع بشكل يومى، الأغرب من ذلك كله هو إقبال عدد من الشباب على هذه المجموعات.

النوع الثالث الذى صادفته كان تحت أسماء مختلفة مثل المؤسسة العربية والمكتب العملاق وغيرهم، «وكلهم يعملون تحت غطاء دينى من خلال إقناع الشباب والفتيات بضرورة الزواج من خلالهم لنكتشف بعد مكالمات قصيرة أن الموضوع كله عبارة عن مبالغ طائلة تدفع بشكل مستمر من أجل عرض عريس أو عروس على العميل كل أسبوع لمدة 6 أشهر وفى النهاية يكتشف أن الأمر كله مجرد عملية نصب واضحة».

 

 

 

وفى ظل تأكيد هذه المكاتب والمؤسسات على كونها مُرخصة وآمنة ولا تعمل إلا فى إطار قانونى، تنفى هذا بشكل مستمر ودائم وزارة التضامن الاجتماعى من خلال عدد من البيانات أو المداخلات الهاتفية المتنوعة التى تحذر فيها من هذه المكاتب وتحذر من التواصل معهم لأنها مؤسسات غير قانونية وعبارة عن عصابة تغّير شكلها ونشاطها من فترة لأخرى بعد جمعها الأموال من المترددين عليهم.

وتطورت مكاتب الزواج بشكلها الحالى فى ظل اندثار مهنة «الخاطبة» بعد دخول التكنولوجيا واختلاف أسلوب الحياة ودخول النساء تحديدًا معترك الحياة العملية والعلمية، فأصبحت المهنة ذاتها لا حاجة لها، إلا أن هذه المكاتب استغلت وروجت لنقطة ارتفاع تكاليف الزواج وغيرها.

ومهنة الخاطبة تاريخيًا ترجع جذورها للعصر المملوكى فى مصر، وقد لعب دورًا لا يمكن الاستهانة به وقتها وحتى قرون من الزمن بسبب ضيق أو ندرة فرص اللقاء وقتها بين الشباب، لذلك كانت تدخل الخاطبة البيوت على أساس أنها دلالة تبيع البخور والعطور والأقمشة ومن خلال ذلك تصنع العلاقات الاجتماعية تتعرف على الفتيات لترشحها للعرسان من حولها.

وإذا طلب الرجل فتاة محددة تمده بالمعلومات اللازمة عنها وتصبح وسيطًا بينه وبين عائلة الفتاة، وإذا تم الزواج يقدم العريس هدية عبارة عن قرط من الذهب أو بعض الأموال وكانت الخاطبة مُدللة من العائلتين إذا تم الأمر وتحظى باهتمام باقى الفتيات والأسر.

وكان من المعروف أن الخاطبة تعمل فقط بين أوساط العامة من المصريين وقتها ولا وجود لها بين الطبقة العليا فقد كانوا يحرصون على مصاهرة بعضهم البعض وعدم الزواج من العامة، حتى ذلك الوقت الذى سكن فيه المماليك بين عامة الناس وقرروا مصاهرتهم فكان الأمر يتم أحيانًا معهم.