أغسطس.. شهر تُفتح فيه أبواب السماء

لشهر أغسطس حكايات وروايات وتفاصيل فى الاسم. أغسطس هو الثامن حسب التقويم الجورجى وسمى باسم أغسطس أول قياصرة روما تعظيما له.

أغسطس 31 يوما، وهو آب فى الشام والعراق، وأوت فى تونس والجزائر، وغشت فی المغرب، وأغشت فى موريتانيا، وهو يوافق برج الأسد الذى يمثل القوة والنار، فى ترتيب الأبراج.

 

وكان الرومان القدماء يمثلون أغسطس بصورة رجل عار ذى شعر كثيف مشعث وفى يده إناء يشرب منه.

العام الواحد فى التقويم القديم كان 304 أيام فقط مقسمة إلى 10 أشهر تبدأ من مارس وتنتهى فى ديسمبر ومعناه «العاشر» لتعاود السنة الكرة مرة ثانية أسماء أشهر العام العشرة، ختلفت تسمياتها بين النسب لإله أو قبيلة، أو لرقم يمثل ترتيب الشهر فى السنة.

استمرت الأمور على هذا النحو حتى كان تعديلا أجراه نوما بومبليوس ثانی ملوك روما الذى حكم بين المئويتين السابعة والخامسة قبل الميلاد، فأضاف شهرين سدا الفترة ما بين الشتاء والصيف، وكان شهر أغسطس واحدا منهما.

 

 

«أوكتافيوس» الذى لقب باسم «أغسطس قيصر» هو ابن «يوليوس قيصر» بالتبنى، ولد أوكتافيوس من أحد فروع الاكواتيس الثرية القديمة 63 ق. م، واغتيل عمه الأكبر يوليوس قيصر فى 44 ق. م. 

وسمى أوكتافيوس فى وصية يوليوس قيصر ثم تبناه عمه وجعله وريثه، وحقق أكتافيوس فى هذا الشهر أعظم الانتصارات، منها انتصاره على «كليوباترا» ملكة مصر، لتسقط الإسكندرية فى الثامن من أغسطس عام 30 قبل الميلاد، ودخلت مصر نطاق الإمبراطورية الرومانية وأصدر السيناتور «مجلس الشيوخ» قرارا باعتبار اليوم عيدا وطنيا فى روما، وهو بالمناسبة نقطة بداية التقويم المحلى فى مصر، غير أن حكم أكتافيوس لا يبدأ فى الواقع إلا مع رأس السنة المصرية، أى فى أول توت 29 أغسطس.

منع أكتافيوس جنوده من نهب الإسكندرية وألقى على مواطنيها خطابا باليونانية أعلن فيه صفحه عنهم وعندما أحضروا إليه تابوت الإسكندر من قبره تمعن فى جثمانه ووفاه بما يستحق من تبجيل بأن وضع عليه تاجا من ذهب ونثر فوقه الزهور.

وعندما سألوه إذا كان يرغب فى زيارة ضريح البطالمة قال إنه رغب فى أن يشاهد ملكا لا أن يشاهد أمواتا.

فى الأصل كان فبراير 29 يوما حتى العام 8 قبل الميلاد، وبعد تغيير الجمهورية الرومانية الأولى لإمبراطورية على يد أغسطس قيصر فقد قرر أن يغير تسمية الشهر سكتيليس والذى يعنى السادس باللغة اللاتينية إلى أغسطس.

 

 

وأغسطس هو قمة الصيف فى المنطقة المعتدلة من نصف الكرة الأرضية الشمالى، وعلى الرغم من أن أطول أيام السنة تكون قد مضت، إلا أن أغسطس يميل لأن يكون أشد شهور السنة حرارة.

أما فى الأقاليم التى تقع فى أقصى الشمال وكذلك المناطق الجبلية المرتفعة، فإننا نجد أن الليالى الباردة والصقيع ينذران بأن موسم الصيف على وشك الانتهاء، وفى النصف الجنوبى من الكرة الأرضية يكون أغسطس علامة على أن الشتاء على وشك أن ينتهى.

ويجعل أغسطس النبتة المسماة عصا الذهب، والأزهار الأخر ى طويلة النمو تزيد فى طولها بينما تكون الحقول أكثر بهجة وإشراقا فى هذا الشهر فى نصف الكرة الأرضية الشمالي.

وفى الجنوب تكثر حشرات الحقول والغابات أكثر من شهر آخر، وتستعد بعض الطيور المهاجرة لتبدأ رحلة العودة إلى مواطنها.

أما فى أوروبا فإن أغسطس عادة شهر للعطلة، حيث تغلق المدارس ويحتفل فى بعض أيامه ببعض المناسبات تشمل أعيادا وذكرى استقلال بعض الدول.

ويمثل أغسطس بالزهرتين الخاصتين به فى المعتقدات القديمة والخشخاش والدلبوث، أما حجرا الشهر فهما العقيق والزبرجد.

ارتبط أغسطس بالكثير من المعتقدات، حيث أورد التاريخ حكايات عن الإمبراطور أغسطس، وعمه يولويوس قيصر اللذين ارتبط اسماهما فى أذهان الشعوب، حتى غير الأوروبية بشهرين فى سنة بدأت رومانية، ثم انتهت جريجورية.

 

 

الشائع فى مصر أن أغسطس من الأشهر الثقيلة التى راودت القدماء أفكار غريبة بشأنه، ويقال إن أيامه كانت تمر فى عصر من العصور لا تتحرك فيها المزولة، حيث يتوقف الوقت!

واقترن أغسطس بالعديد من الكتابات والروايات التى كان أغسطس بطلها، أو عنونت به، «حب فى أغسطس، نور فی أغسطس، آحاد أغسطس»، ولا ندرى أمصادفة كان إطلاق اسم أكثر الشهور سخونة على هذه الأعمال الأدبية أم عمدا، لكن أغلبها روايات وأفلام حزينة تتحدث عن علاقات إنسانية بسيطة تحدث عادة وسط ظلام كبير وصراعات شرسة!

وقالوا إن الشهر نفسه يصيب النفس الضعيفة بالاكتئاب.

وعن أغسطس تنتشر معتقدات قديمة فى عدة دول فى الشمال، ففى بلغاريا يعتبرون أن ثمر العقيل الذى ينبت فى أغسطس من مخلوقات الشيطان رغم أنها لا تخلو منه الموائد البلغارية منذ قرون.

ويستخدم «العقيل» فى طبخ المربى كما يستخدم فى الطب التقليدى، وحسب العشابين فإن العقيل يساعد فى علاج الأنفلونزا وأمراض الفم والجهاز التنفسى والجهاز الهضمى.

لكن وفقا للباحث فى الأعراق «ديميتار مارينوف» فإن الشيطان خلق ثمر العقبل ضد ثمر العنب المخلوق من الله. وفى شمال آسيا هناك عادة يتصف بها السكان فى أغسطس، حيث يخرج الناس فى منتصف الشهر ويرقصون بالقرب من المقابر ويصف «ديميتار مارينوف» أن الناس إضافة إلى الرقص يحملون العسل و«الكولاك» وهو نوع من الخبز التقليدى لشعوب شمال آسيا وروسيا.

وفى شمال الكرة الأرضية اعتقدت بعض الشعوب أن الإله يظهر فى السماء فى أغسطس ليلبى دعوات الصالحين، ولايزال البعض يسهرون لياليهم آملين أن يروا الأبواب العجيبة للسماء فى ليالى أغسطس.