الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الدكتور محمد القوصى لـصباح الخير:

مصر هتطلع الفضاء

محمد القوصى
محمد القوصى

احتفلت وكالة الفضاء المصرية بالانتهاء من أعمال الغرفة الفضائية التى يتم اختبار الأقمار الصناعية بداخلها فى بيئة مماثلة للفضاء؛ حيث تُعَد من أهم مكونات مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية، فى إطار تنفيذ برنامج الفضاء الوطنى الذى يهدف لتوطين صناعة الفضاء وتكوين قاعدة من الكوادر الفنية المصرية، من خلال عدد من الأنشطة التدريبية المستمرة.



أمّا أهم أنشطة وكالة الفضاء المصرية الخاصة بتصنيع أقمار صناعية مختلفة المهام؛ فقد أوضحها الدكتور «محمد القوصى» الرئيس التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية، خلال حواره لـ«صباح الخير»، إضافة إلى أنشطة الفضاء المتصلة بالتغيرات المناخية، التى تتواكب مع مؤتمر المناخ (Cop27) فى نوفمبر المقبل.. وإلى نص الحوار:

 

هل تم الانتهاء من أعمال مركز تجميع واختبارات الأقمار الصناعية؟

- لا.. ولكن تم الانتهاء من أعمال الغرفة الفضائية واختبارها بنجاح، وهى أهم جزء فى المركز؛ حيث يتم اختبار القمر بدقة عالية تحت بيئة مماثلة للفضاء، ويتم استكمال أعمال باقى أجزاء المركز.

هل تم البدء فى تصنيع منظومة أقمار صناعية لمراقبة وتأمين الحدود المصرية؟

- «منظومة مراقبة الحدود» هى جزء من برنامج الفضاء الوطنى، ولم يتم البدء فى تنفيذها حتى الآن؛ حيث يتم العمل بكل نشاط طبقًا للمُدة الزمنية المُحَددَة له داخل البرنامج.

 كيف يتم توطين صناعة الفضاء؟

- من أهم أهداف إنشاء الوكالة المصرية، توطين صناعة الفضاء، من خلال وضع برنامج الفضاء الوطنى لمصر حتى عام 2030؛ لبناء وتكوين قاعدة من الكوادر الفنية المصرية، القادرة على العمل فى مجال الفضاء، فيتم تنظيم دورات صيفية لطلاب الجامعات على مدار شهرين، تشمل جزءًا نظريًا وآخر عمليًا؛ لتدريبهم على كيفية التعامل مع مكونات القمر الصناعى، وتجميعه من خلال صنع نماذج للأقمار، أو أنظمة فرعية فى البناء مثل التحكم أو الاتصال، وتم تنفيذ 3 برامج تدريبية بطاقة استيعاب 400 طالب لكل دورة؛ حتى تصبح مكونات وتصميم واختبارات الأقمار مصرية خالصة بنسبة 100 %.

كيف يتم دمج المتميزين فى التدريب، وصولاً للتنفيذ الكامل لاستراتيچية مصر فى مجال الفضاء؟

- مع بداية العام الدراسى يتم إنجاز مشاريع التخرج لمختلف الكليات، تحت إشراف ودعم الوكالة، سواء كان فنيًا أو ماديًا؛ حيث يتم التواصل مع الجامعات لاستضافة المجموعات الطلابية الخاصة بكل مشروع بمختلف الكليات للتدريب العملى، مرتين فى الشهر؛ للمتابعة مع المختصين داخل الوكالة، ومع نهاية العام الدراسى يتم الانتهاء من أحد مكونات القمر الصناعى، المطلوب تنفيذه داخل الوكالة المصرية للفضاء بأيدى كوادر مصرية.

كما سيتم إرسال 50 طالبًا وطالبة من المتدربين المتميزين خلال هذا العام، بدلاً من 37 طالبًا للسفر إلى الخارج مثل موسكو، ثانى بلد فضائى فى العالم؛ للتدريب بمراكز الفضاء على أحدث أنظمة وأجهزة تقنية، وذلك على نفقة وزارة التعليم العالى والبحث العلمى.

وتم بناء أقمار صناعية تعليمية، وإعطاؤها لـ 32 كلية على مستوى المحافظات، ومع نهاية العام الدراسى يتم تنظيم مسابقة بين تلك الكليات؛ للتعرف على أقدرهم فى التعامل مع القمر، والاستفادة منه، واستخراج النتائج العلمية.

ومستهدف إنشاء معمل أقمار صناعية داخل كل كلية متخصصة، مثل الهندسة بكل تخصصاتها ذات الصلة وكليات العلوم تخصص الفلك.

وضمت الوكالة 10 من الخريجين الذين تلقوا التدريب الصيفى بها، ونفّذوا مشروع التخرج تحت إشرافها.

 

هدفنا بناء جيل قوى وكوادر علمية
هدفنا بناء جيل قوى وكوادر علمية

 

وماذا عن المدارس الثانوية؟ 

- تم توقيع بروتوكول تعاون بين الوكالة ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى؛ لتدريب طلاب المدارس بصورة عملية على أنظمة ومهام القمر الصناعى، وكيفية إطلاقه وتشغيله والحصول منه على البيانات، فتم بناء قمر «can sat» وهو فى حجم عبوة «الكانز»، ولكن به كل مكونات القمر الحقيقى، ويتم تسليمه للمَدرسة فى شكل مكونات تجمع تحت إشراف الوكالة، ويطلق بواسطة «مظلة» على ارتفاع 300 متر، وبه كاميرا لتصوير الأماكن، ويراها الطلاب على أجهزة الكمبيوتر، وتم تقديم هذا القمر لـ 5 مدارس «stem» المتفوقين للعلوم والتكنولوچيا، ومستهدف 19 مَدرسة أخرى.

وبَعدها يتم الانتشار لتغطية أغلب المدارس الثانوية فى مصر؛ بهدف الاستثمار فى الطلاب من خلال الدراسة والعمل فى هذا المجال، وبالتالى الانضمام إلى الوكالة، وبذلك يسهل بناء جيل قوى وكوادر علمية، يمكن بها توطين تكنولوچيا الفضاء فى مصر.

كيف يتم بناء القمر الصناعى؟ وما الوقت المطلوب لذلك؟

- يتم بناءً على تحديد الغرض منه أولاً، ووفق طلبات الراغبين المقدمة إلى الوكالة، يتم تحويل تلك الطلبات إلى المواصفات الفنية للقمر الصناعى المطلوب، ثم إعداد تصميم فنى خاص والتأكد من أنه قابل للتنفيذ، وبَعدها يأتى دور الجهات المنفذة، سواء مصانع أو أشخاص.

وتبدأ رحلة البناء بسلسلة من الاختبارات الدقيقة؛ لأنه غير مسموح بحدوث أى عُطل بالقمر فى الفضاء، وتنقسم الاختبارات إلى نوعين: الأول «بيئية» فى بيئة مماثلة للفضاء داخل معامل وكالة الفضاء، من حيث درجة الحرارة والضغط والمجال المغناطيسى والأشعة الشمسية وغيرها.

النوع الثانى «الوظيفية»؛ حيث اختبار كل جزء على حدة قبل تجميعه، مثل نظام الاتصالات وبعد التأكد من المواصفات المطلوبة بدقة متناهية، يتم الانتهاء من بنائه، ثم يرسل لجهة الإطلاق؛ ليتم التعامل معه فى المدار الخاص به، من خلال الإشارات.

أمّا مدة البناء ففى حالة كان هذا القمر للمرة الأولى، يستغرق 3 سنوات، وفى حالة إدخال تعديلات على تصميم تم تنفيذه مسبقًا، يستغرق عامًا أو عامًا ونصف العام.

وما العمر الافتراضى للقمر؟

- يعتمد ذلك على مَصدر التغذية الكهربية له، وهى بطاريات قابلة للشحن، ويتم تشغيلها أثناء دوران القمر فى الجهة المعتمة «خلف الشمس»، لمدة 30 دقيقة تقريبًا وخلال مواجهة القمر الصناعى للشمس، تقوم البطارية بتخزين الطاقة خلال فترة دوران مدتها 60 دقيقة تقريبًا، ولهذا يحدث للبطاريات عمليات شحن وتفريغ مع كل دورة فى مدار القمر، وهو ما يحدد عمر البطارية وبالتالى عمر القمر.

وتتراوح المدة الزمنية لتواجد القمر فى مداره، بين 3 و7 سنوات، وقد تصل فى بعض الأقمار إلى 15 سنة مثل قمر «طيبة 1».

وما هى مهام القمر الصناعى.. وكيفية الحصول على المعلومات منه؟

- تعتمد مهام القمرعلى وزنه وحجمه، ويبدأ وزن القمر من كيلو جرام إلى 5٫6 طن، ويتم تكوين الأقمار داخل الوكالة من كيلو حتى 350 كيلوجرامًا، وفى الوقت الحالى الاتجاه إلى الأقمار صغيرة الحجم ذات القدرة الوظيفية الكبيرة وهو شأن التقدم التكنولوچى فى جميع نواحى شبكات الاتصال.

أمّا الحصول على المعلومات فمن خلال الإشارات المرسلة، حسب المهام المختلفة مثل الاتصالات التليفونية، وبث الإنترنت، والبث التليفزيونى وهناك أقمار للاستشعار عن بُعد التى تستطيع تصوير سطح الكرة الأرضية.

ما الفرق بين الأقمار الصناعية التعليمية والتنفيذية؟

- القمر التعليمى يتم تصميمه لأغراض تعليمية فقط، لا يطلق، ويتم التعامل معه داخل المعمل.

أمّا مكونات الأقمار التى يتم إطلاقها فيجب أن تراعى فيها جميع أوضاع البيئة الفضائية، مثل الحرارة التى تصل إلى 150 درجة مئوية عند مواجهة كوكب الشمس، أو -150 درجة مئوية فى الاتجاه المعاكس، وتحمل الضغط والإشاعات الكونية وغيرها.

 

الرئيس التنفيذى لوكالة الفضاء والمحررة
الرئيس التنفيذى لوكالة الفضاء والمحررة

 

حدّثنا عن «المدينة الفضائية» التى يتم تدشينها على مساحة 123 فدانًا؟

- مصر ضمن 198 دولة، مسئولة عن إدارة كوكب الأرض، والأقمار الصناعية تعمل على مراقبة سطح الأرض، وتصوير ما به والتعرف على التغيرات المناخية.

أمّا عن «المدينة الفضائية»؛ فهى نموذج على غرار الدول المتقدمة، وخطط لها بحيث تضم 23 مبنى لتغطى الأنشطة الفضائية، وأخرى تلبى الاحتياجات اليومية للعاملين بالمدينة من مسكن، ومستشفى، وأنشطة اجتماعية وغيرها، وبدعم الدولة يتم بناء 9 أبنية مخططا الانتهاء منها بنهاية عام 2022، وعلى رأسها المبنى الدائم لوكالة الفضاء المصرية، ومقر لوكالة الفضاء الإفريقية، ومبنى اختبار وتجميع الأقمار الصناعية، وهو مقام على مساحة 5 آلاف متر، ويحتوى على معدات بوزن 400 طن من خلال منحة صينية، كما تضم المدينة مكتبة، وقاعة مؤتمرات على مستوى عالمى لتنظيم الأحداث بالمدينة، وملحقًا إداريًا يستوعب نحو 400 موظف، وهم الهيئة المعاونة.

وماذا عن التغير المناخى وتأثيره على فكرة الأقمار وعالم الفضاء؟ 

- هناك دَورٌ مهم تقوم به الأقمار الصناعية فى مراقبة التغيرات والظواهر المناخية، وإعطاء معلومات تفصيلية عنها، تساعد المختصين فى مجابهة تلك الظواهر، والقيام بأنشطة وإجراءات تقلل من الأثر السلبى لتلك التغيرات، كما يستطيع التنبؤ بالطقس.

فللقمر الصناعى القدرة على التقاط صور بكاميرات خاصة لسطح الأرض، تعطى صورة فضائية بأشكال محددة، يستطيع الخبراءُ من خلال تحليلها قياس وتحديد كمية الانبعاثات الغازية، مثل ثانى وأول أكسيد الكربون، ويطلق عليها «قياس البصمة الكربونية»، وإعطاء نتائج عنها فى مختلف الأماكن التى يحدث بها الاحتباس الحرارى، والذى يعنى بزيادة درجة حرارة الأرض شيئًا فشيئًا.

كما يستطيع القمر معرفة أماكن تواجد أسراب الجراد، وتنقلها فى أماكن مختلفة والتى تحدث تغيرًا مناخيًا، كما يستطيع قياس التغيرات فى المحيطات وإعطاء المعلومات عنها.

وما أهم أنشطة وكالة الفضاء المصرية فى هذا المجال؟

 - تعمل الوكالة المصرية فى أكثر من اتجاه، وعندما أعلنت منظمة الأمم المتحدة فى أوائل عام 2020 عن مسابقة بين الدول لتصنيع منتج فضائى، يُستخدَم فى مراقبة التغيرات المناخية، تقدمت الوكالة المصرية بمشروع كاميرا تستطيع التقاط صور عالية الجودة والدقة، لمختلف الأماكن على سطح الأرض، تساعد فى استنتاج التغيرات المناخية بها، وفاز المشروع المصرى من ضمن 61 جهة فضائية مشاركة.

وهناك مشروع آخر، وهو بناء قمر صناعى وزنه يصل 20 كيلو جرامًا، بغرض قياس ظاهرة «البلازما» فى طبقات الفضاء، لتحديد خصائصها لاستنتاج تغيرات مناخية تحدث على سطح الكرة الأرضية، وهو مشروع ممول من وكالة فضاء بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوچيا، وهناك مشروع ثالث ولكن لم يتم البدء فى تنفيذه، بين وكالتَى الفضاء المصرية والصينية؛ ليفى بهذا الغرض أيضًا.

ما عدد الأقمار الصناعية الجارى تصنيعها ووظائفها؟

- يتم بناء سلسلة مختلفة من الأقمار، مثل «كيوب سات» يصل حجمه لـ10 سنتيمترات مكعبة، ووزنه نحو 1 كيلو جرام، وقمر «3 كيوب»، ووزنه نحو 4.5 كيلو جرام، سيتم إطلاقهما فى نهاية هذا العام 2022، وهناك قمر آخر يصل وزنه 70 كيلو جرامًا، ويتم بناؤه بمكون محلى بنسبة 54 %، وجميعها أقمار بها خاصية الاستشعار عن بُعد، وهناك قمر رابع يصل حجمه إلى 350 كيلوجرامًا، تصل مدته الزمنية لـ5 سنوات، وهو مشروع مشترك مع الصين، ومحددًا إطلاقه منها فى نهاية الربع الأول من العام المقبل 2023.

كما أطلق منذ 3 سنوات قمر صناعى يعمل بكفاءة للاستشعار عن بُعد، وتحديدًا فى فبراير 2019، وعمره الافتراضى 10 سنوات، وهناك قمر «طيبة 1»  للاتصالات، والذى أطلق فى نوفمبر 2019، وقمر «النايل سات» للبث التليفزيونى.

وكانت تجربة تصنيع نموذج هندسى لقمر صناعى يطلق بالتعاون مع جامعة الزقازيق، وهو أول تجربة ناجحة تمت خلال هذا العام، والقمر الثانى يتم تنفيذه مع كلية الهندسة جامعة بنها، ولكن مخططا إطلاقه، وهو أول قمر مصنع بالجامعات للإطلاق فى الفضاء، وهو من أنواع الكيوب سات، وهناك العديد من الطلبات الخاضعة للدراسة، والمقدمة من مختلف الجامعات الحكومية والخاصة؛ لتنفيذ أقمار للإطلاق.

ماذا عن مشروع إعداد رواد فضاء مصريين؟

- هذا هدف يندرج تحت محور استكشاف الفضاء، وتم بالفعل تجهيز المطلوب لتنفيذ هذا البرنامج، ومنتظر الانتهاء من الإجراءات والموافقات المطلوبة ليتم الإعلان عنه واستقبال الشباب الراغبين للتقدم، من سن 18 إلى 35 عامًا، ويستغرق تجهيز الشباب مدة لا تقل عن 4 أعوام، منذ بدء تنفيذ البرنامج ليستطيع أول رائد فضاء مصرى القيام برحلته.

كيف ترى مستقبل مصر فى عصر السماوات المفتوحة؟ 

- بدأنا بوكالة الفضاء المصرية، وتم تفعيلها خلال عام 2019، كما أن هناك دعمًا قويًا من الدولة لأنشطة الفضاء، ولذلك فإن مستقبل مصر الفضائى مشرق.