الدولار يصفع حكومة محلب لصالح صندوق النقد

لمياء جمال وريشة خضر حسن
الدولار يضرب قرارات الحكومة بعرض الحائط ويرتفع إلى 7.60 جنيه فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لتوفير مليارات الدولارات التى تنفق على سلع تنتج فى البلاد.. مما يدل على أنه مازال اللعب على المكشوف من حيتان السوق الذين اتفقوا على عقاب الحكومة برئاسة محلب رئيس الوزراء ليعطوه درسا فى عدم المساس بالسوق المصرية وليعلم جيدا أنهم فعلا حيتان لم يستطع القضاء عليهم بسهولة.. ولكن فى النهاية العبث بمضاربات السوق واللعب بالنار بين الحكومة ومحتكرى السوق تجعل الأعداء ينتهزون الفرصة ويدخلون ليعكروا صفو البلاد.
مازال الدولار يلعب لعبة القط والفأر مع الحكومة المصرية مما خلق أزمة من جديد، وللمرة الرابعة على التوالى يرتفع سعر الدولار بدون سابق إنذار فى عام ونصف.. والبنك المركزى يقف مكتوف الأيدى حيث إن إجراءاته الخاطئة وسياسته المبهمة التى أدت إلى تراجع الجنيه المصرى فى آخر عطاء استثنائى طرحه البنك المركزى بقيمة 1,1 مليار دولار لتوفير متطلبات استيراد المواد الغذائية الأساسية، وهو ما سمح للجنيه بالانخفاض لأدنى مستوياته على الإطلاق فى السوق الرسمية، وفى الوقت الذى تبحث فيه الحكومة المصرية عن الخروج من أزمتها وتوفير الدولار من خلال وقف استيراد السلع التى لها نظير محلى كفرصة أخيرة لإنقاذ الاقتصاد المصرى وتوفير المليارات التى تنفق لاستيراد منتجات أقل جودة من المنتج المحلى، واعتبارها خطوة من خطوات جيدة نحو ترشيد المال العام وأوجه الإنفاق، خاصة أن الحكومات والمؤسسات الحكومية كانت تعتمد على أدوات ومنتجات مستوردة رغم تواجدها بالسوق، ولكن الدولار يسعى فى طريق آخر فقد بلغ سعر الدولار فى السوق الرسمية 7.15 جنيه، أما فى السوق الموازية فقد وصل الدولار إلى 7.60 جنيه، ومن المتوقع أن يصل إلى مستوى 8 جنيهات، وذلك فى ظل استمرار المضاربات على الدولار، وتراجع إيرادات البلاد من العملة الصعبة، ولكن كل هذا فى مصلحة من؟!!
∎ رسالة تحذير!!
ونجد أن هشام رامز- محافظ البنك المركزى- وجه رسالة تحذير لكل من تسول له نفسه العبث بسوق الصرف أو التدخل فى اختصاصاته، وقال رامز إن المستثمرين كثيرو الكلام فقط ولا يفعلون شيئا حقيقيا لمصر وأن العملية زادت على حدها، ناصحا الناس بالاستثمار فى أى شىء آخر غير العملة لعدم خسارتهم، مؤكدا أن السوق السوداء للدولار ستختفى خلال 3 أشهر قادمة، وأشار رامز إلى أن مصلحة البلاد أن تنشئ المنتج المحلى لرفع كفاءة الاقتصاد المصرى.
∎ عقوبة!
ومن هنا أكد محمد الإتربى- رئيس مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى- أن السوق المصرية فى مأزق كبير سبب ضياع كل الدخل القومى بسبب الحالة المضطربة التى تمر بها البلاد، وفى الوقت الذى تبحث فيه مصر عن رئيس قادر على احتواء أزماتها يأتى الدولار ويعصف بالجميع ويرتفع إلى درجات قد تصل إلى 8 جنيهات، فهذا أمر غير طبيعى ويدل على أن تلك الممارسات بمثابة عقوبة لقيام المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بإغلاق باب الاستيراد، وهى فى النهاية أفعال محتكرى السوق فى ظل أن مصر تستورد أكثر من 06 ٪ من منتجاتها من الخارج وبالعملة الصعبة، بالإضافة إلى أن الصناعة المصرية تعتمد كليا على استيراد معظم الأدوات التى تستخدم فى الصناعة من أدوات خام ومعدات والآلات مما يرهق خزانة الدولة، مضيفا أن محتكرى السوق يعلمون جيدا أن البنك المركزى غير قادر على ضخ سيولة دولارية بسوق الصرف تقضى على آمالهم فى الإتجار بالعملة.
∎ إجبار!
ومن جانبه يرى علاء سماحة- رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى سابقا- أنه من الغريب أن يرتفع الدولار بهذه السرعة ولا يوجد تفسير لهذا إلا سبب واحد، وهو أن صندوق النقد الدولى يخدع الحكومة المصرية ويخفض سعر الجنيه لعودة المباحثات بشأن التواصل معه فى القروض، فارتفاع سعر الدولار يجبر الحكومة المصرية على رفع السعر الرسمى بهدف تقليل الفجوة بينه وبين السعر فى السوق الموازية وانتهاء فكرة العطاءات الاستثنائية، مما يجعل مصر ورئيسها الجديد أمام خيار واحد وهو اللجوء لصندوق النقد الدولى خاصة أن البنك المركزى المصرى لم يعد قادرًا على ضبط سعر الصرف بالشكل المطلوب، نتيجة استمرار تراجع الإيرادات من الدولار، إضافة إلى وجود مضاربات عنيفة بالسوق.
وأشار إلى أن العطاء الاستثنائى الذى طرحه البنك المركزى مؤخرًا بقيمة مليار دولار كان فقط شكلاً من أشكال التوزيع الكمى من قيمة محدودة، موضحًا أن هذه العطاءات كانت تؤثر بشكل طفيف على السوق الموازية، إلا أن تأثيراتها فى الوقت الراهن أصبحت محدودة للغاية، مع زيادة الطلب.
موكدا أنه لا يعلم إن كان المركزى تدخل مباشرة فى تحديد سعر الدولار لغرض ما يخدم السياسة النقدية المتبعة، لكن الزيادة التى حدثت ترتبط باستمرار الطلب المتزايد على العملة، مشيرا إلى أن ما يحدث فى سعر الصرف ربما يكون جزءا من سياسة نقدية جديدة، فمصر دولة ذات موارد ضعيفة وتعانى من أزمة اقتصادية حادة، وأنه ليس من مصلحة الدولة أن تدعم الدولار لحل مشاكل المستوردين، فهذه السياسة التى اتبعت فى الثلاثين عاما الماضية خاطئة وتدمر العملة المصرية كما تدمر الصناعة المحلية، موضحا أن المنتج المصرى يعانى من منافسة غير متكافئة مع المنتج المستورد وذلك نتيجة لدعم الحكومة للعملة الصعبة مما يجعل المنتج المستورد أرخص من المنتج المصرى.
∎ الصعوبة!
وقال محمود أبو العيون- محافظ البنك المركزى الأسبق- إن أزمة سعر الصرف تتفاقم بشكل ملحوظ فى الوقت التى تسعى فيه الجهات المسئولة توفير النقد الأجنبى خاصة أن هناك التزامات سيكون البنك المركزى مجبرًا على سدادها من الاحتياطى النقدى لمصر خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى سيؤثر على سعر صرف الدولار أمام الجنيه، موضحًا أن أهم هذه الاستحقاقات يتمثل فى مبلغ ثلاثة مليارات دولار ستسدد لقطر فى نهاية عام 2014، ونحو 007 مليون دولار ستسدد للدول الأعضاء فى نادى باريس، ولابد من سدادها فى يوليو المقبل.
معتقدا أن تكون هناك صعوبة فى توفير هذه الالتزامات، التى يصل مجموعها إلى 3.7 مليار دولار، من الإيرادات الدولارية لمصر فى الفترة المقبلة، لاسيما وأن إيرادات مصر الدولارية الرئيسية من قطاع السياحة، والاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر تراجعت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، ومن ثم ستسدد الالتزامات من الاحتياطى، الأمر الذى يعكس إمكانية تراجعه بشكل كبير، ونتيجة لذلك، فمن المحتمل أن يرتفع الدولار بشكل واضح أمام الجنيه المصرى.
وأشار إلى أن البنوك تتعرض لارتفاع فى قيم تلك المحافظ نتيجة ارتفاع سعر الدولار وارتفاع معدلات الخطر المتعلق باحتمالية عدم السداد، لافتًا إلى أن البنوك تلجأ لمواجهة تلك المشكلة من خلال تجنيب مخصصات بالعملة الأجنبية لحل المشكلة، مضيفا إلى أن ارتفاع أسعار العملة الخضراء بالطبع يؤثر على القروض الممنوحة من قبل البنوك بالعملة الدولارية ويعرض البنك والعميل لمخاطر تقلب الأسعار، وهو ما يجعل البنك يضع شروطًا تتعلق بمخاطر تقلب العملة فى العقود المبرمة بينه وبين العميل .