أفــورة الفيمنســت

تحقيق: محمد القمحاوى
(Feminism) أو «النسوية» مصطلح يتسبب فى كثير من الجدل بين المدافع عنه والمعارض له، وهو ببساطة حركة مهمتها الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها فى كل شيء مع الرجل، ولها مجموعة من الأفكار والمبادئ تتبناها النساء حتى فى تعاملهن مع أزواجهنّ.
«الفيمنست» ظهرت للعالم منتصف القرن التاسع عشر فى أوروبا للمطالبة بالحقوق السياسية كحق الانتخاب والمساواة فى الأجور والكثير من المطالب، ثم تطورت المطالبات وارتفعت لتنادى هذه الحركة بحقّ الإجهاض دون أن يكون للزوج أى رأى فى ذلك أو أى حق حتى لو لم تكن الأم فى خطر وتكون هى الوحيدة التى لها حق إجهاض الجنين أو إبقائه حيًّا ثم بعد ذلك تم تقليد الفكرة ونسخها ومحاولة نشرها للدول العربية.
وتظهر اليوم بعض الحركات النسوية التى تطرفت بعضها بفكرة النسوية للدرجة التى دعت إلى عدم الزواج لما فى الجنس والإنجاب من الخضوع للسلطة الرجولية، ولأن العالم العربى ليس معزولًا عن العالم؛ كان لزامًا أن تمتد أمواج الحركات النسوية إلى العالم العربي.
وظهرت أولى الحركات النسائية فى مصر فى بداية القرن العشرين بتأسيس الاتحاد النسائى المصرى عام 1923، ثم توالت الحركات منذ ذلك الحين مدافعة عن حقوق المرأة وحقوقها الطبيعية إلى أن تطورت الحركات النسوية وأصبح بعضها أكثر تطرفًا؛ فانشغلت الحركات النسوية وبعض ناشطاتها فى حروب هامشية شتّتت الرأى العام وأبعدت القضية النسوية عن مغزاها الحقيقى، وشوهت نظرة البعض لها وأفقدها بعض التعاطف الذى كان يبذله ويكنه لها جزء كبير من المجتمع؛ بل أكدت مخاوف البعض.
واتسمت بعض الحملات النسوية بالعنف وأحيانًا بالتطرف فى مهاجمة بعض المعارضين لأفكارهم، وهو تطرف أدى بالحركات الأنثوية إلى إقصاء بعض فئات المجتمع الأنثوى نفسه بحجة عدم مواكبتهن لفكرة النسوية أو إيمانهن المطلق بها؛ مما جعلهن يتهمن بعضهن بالرجعية أو التخلف أو حب الذل والخضوع وافتراض عدم أهليتهن لاتخاذ القرار ليسمحن لأنفسهن بالتحدث نيابة عنهن، وضد الفكرة الأساسية التى قامت عليها النسوية الحديثة، وإجبارهن على القبول بالفكرة المطلقة دون التركيز على حل بعض المشاكل التى تواجههن بغض النظر عن بعضها الآخر، مما جعلهن يخسرن جزءًا آخر كان من المفترض أن يكون داعمًا للوقوف ضد ما خرجن له.
نورهان -26 سنة من مؤيدي الفيمنست فى مصر تقول: أريد تغيير اسمي وأجعله نورهان تهانى على اسم والدتى، ففى مجتمعنا على مر عصور كثيرة الطفل يتم تسميته باسم والده رغم أن السيدة تتحمل مسئوليته لوحدها تمامًا، ونجد أنه غير مسموح للمرأة التحكم فى طفلها سواء لتسجله فى مدرسة أو تمضى على ورقة لأن ولى الأمر هو الأب قانونًا، وأرى أن التسمى باسم والدتك عرفان لها بفضلها عليك.
وتضيف أسماء يوسف 23 سنة: أنا لست متجوزة ولا أعترف بسن معينة للزواج، وأن يقول شخص أنى عانس أفضل من الموت المبكر.
وتقول رانيا البنا 22 سنة: أرى أن استقلالية البنت بنفسها أمر عادى، ولا أرى أنه توجد مشكلة فى اعتماد البنت على نفسها وانفصالها عن أسرتها.
وقالت الدكتور حسنية البطريق استشارى الطب النفسى: الفيمنست ليست بأمر جديد فشعارات الحركة النسائية وتحرير المرأة والمساواة مع الرجل موجودة منذ فترة كبيرة، وغيرها من الأفكار، موضحة أن الدعوة للمساواة المطلقة يجعل المرأة فى عملية صراع دائمًا مع الرجل، وهذا ضد الطبيعة البشرية، مشيرة إلى أن الرجل خُلق بيولوجيًا ليمارس الأعمال الشاقة والمهام التى يتحملها جسده، أما المرأة فخلقت بمشاعر لها خواص لا يقوى عليها الرجل.
ولفتت إلى أن دعوات الفيمنست ضد الطبيعة البشرية ويردن تغييرها، والذى يظهر اليوم أو ما نشاهده هو ظلم للمرأة وليس حقًا كما يدعين، والذى نسمعه من مطالبهن اليوم ليس هو إلا انحراف سلوكى نشأ فى بيئة غير داعمة، ولذلك نجد أن معظم هؤلاء البنات يرين أنفسهن مهمشات ليس لهن دور فى المجتمع نتيجة اضطراب الطفل الداخلى عند المرأة منذ الصغر وتعرضها للسلطة الفوقية، وهدف هذه الأفكار هو طمس الفكرة البشرية وتغيير مجتمعنا.
وقالت الدكتور حسنية البطريق إن أفضل تعامل مع تلك الهجمات على النظم الاجتماعية هو المواجهة بشكل إيجابى لهذه الأفكار الهادمة للمجتمع، ومواجهتها بشكل عقلانى وليس انفعاليًا.
وتشير الدكتورة أميرة الشافعى عضو المجلس القومى للمرأة إلى أن كثيرًا من الناس ينظرن إلى الحركات النسوية على أنها شيء مستحدث، فالفيمنست بمفهومها القديم لها تاريخ كبير وتحولت من مفهوم إيجابى لمفهوم سلبى، حيث إنها تحاول التخلص من سيطرة النظام الذكورى الموجود بأساليب سيئة مثل التدخين والاستقلال الانحرافى والعذرية، وهذا ما تحاول الحركات النسوية السامة غرسة.
وأوضحت عضو المجلس القومى للمرأة، أن المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق المجتمعية حق أصيل للمرأة مثل الحق فى التعليم والاستقلالية بما لا يتنافى مع المضمون العام للقيم والتقاليد، والداعمين للحركات النسوية كثير منهن ينساق وراء الظواهر السلبية بدعوى الحرية والأشياء التى يتكلمون عنها لا يوجد شخص موافق عليها، وكثير منهن لا يهتمون بحقوق المرأة بل كل ذلك من أجل الشو الإعلامي والترند، والنسوية «مبتقولش» أن المرأة أحن من الرجل وإن الرجل له حق السيطرة، الاثنان لهما نفس الحقوق فى أنهما يكونان أسرة ومجتمعًا صحيًا.
وتقول الشافعي، إنه توجد أزمة حقيقة لدى المجتمع العربى لأنه ينبهر بالمجتمعات الغربية ويحاول تقليدها فى عاداتها التى لا تتناسب مع واقعنا وديننا مثل الحرية الجنسية الموجودة لديهم، والغريب هو ظهور بعض مؤيدي الحركات النسوية يطالبون بحرية المرأة فى مضمون الحرية الجنسية، كما لو أن كل مشاكل المرأة انحصرت فى هذا الأمر فقط.
وقالت الدكتور وفاء صلاح رئيسة قسم الإعلام فى جامعة الزقازيق: إن هذه الظاهرة انتشرت بسبب غياب الوعى المجتمعى الكافى والبنات معظمهن هدفهن الشهرة والترند، مشيرة إلى أن الإعلام له دور مهم فى التصدى لمثل هذه الظواهر السلبية بوضع قوانين صارمة وقوانين حازمة تمنع هذه الظاهرة من الانتشار والسيطرة على باقى العقول من البنات.
وتابعت: إن هذه الأفكار ضد المنطق البشرى فى التعامل بين الرجل والمرأة ولذلك لا بُد من توضيح أهمية الأخلاقيات والقيم بالمجتمع فى إطار بناء الإنسان ثقافيًا وفكريًا.