الأحد 17 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بنات طيارة

دليفرى إسكندرية نادية عبدالصمد
دليفرى إسكندرية نادية عبدالصمد

اقتحمت السيدات والفتيات كل مجالات العمل وأصبحن على رأس كل عمل.. ليؤكدن كل يوم أنهن قادرات على العطاء فى مختلف المهمات. 



أحدث الأشغال التى اقتحمنها «عامل توصيل» الطلبات «الدليفرى».. أو الطيار. 

هنا قصص فتيات «طيارة» على عجلتين طلبًا لأجر وخبرة. 

«صباح الخير» تتبعت قصص كفاح لسيدات وآنسات قررن العمل «دليفرى» ليواجهن كل التحديات والمَخاطر بدءًا من المضايقات اللفظية مرورًا بالمُخاطرة بركوب الدّرّاجات الهوائية أو الموتوسيكل والتحرك وسط غابة السيارات فى شوارع المدن، فى ضوء احتياج هذه الشغلانة لمهارات خاصة. 

نادية الأوردر 

بدأت «نادية عبدالصمد» رحلة العمل «عامل توصيل طلبات» منذ 5 سنين بَعد أن بحثت عن فرصة عمل أخرى ولم تجد. 

«نادية» 42 ربيعًا تخرّجت فى كلية الآداب قسم تاريخ وآثار إسلامية والتحقت للعمل بمكتبة الإسكندرية بعد تخرُّجها إلا أنها اضطرت لتركه لمراعاة الأسرة لكنها عادت مرة أخرى. 

خلال فترة مراعاة «نادية» لحياتها الخاصة قررت شراء «أسكوتر» لقضاء مصالحها، وتعلمت قيادته بمهارة عالية، وأثناء اتصالها بصديقة لسؤالها عن سبب تأخر طلبها، بررت ذلك بغياب الديلفرى؛ فذهبت لتسلم «الطلب» بنفسها، وبعدها بدأت «نادية» فى توصيل «االطلبات» للسيدات (مأكولات، ملابس، وإكسسوارات)، وخلال  فترة قصيرة ذاعت شهرتها فى مجال التسويق الإلكترونى؛ وبعد أن دشنت صفحة بالفيسبوك للتوصيل أطلقوا عليها لقب «نادية الأوردر».. وهذا أسعدها كثيرًا.

 

آية يسرى.. دليفرى جمصة
آية يسرى.. دليفرى جمصة

 

«نادية» قالت لـ«صباح الخير» كان الأمْرُ غريبًا بعض الشىء فى البداية، فقد واجهت نظرات سلبية رافضة. ترفض نادية توصيل الطلبات لمناطق نائية أو عشوائية وبعد 12 سنة من قعدة البيت، والمَلل، تغيرت حياتها تمامًا. أصعب فترة بالنسبة لـ«نادية» فى الشتاء، وتحديدًا مع هطول الأمطار، لكنها اعتادت على العمل والحركة، مطالبة الفتيات والسيدات بالثبات وعدم الانكسار واليقين بالقدرة على تغير الحياة مَهما كانت الظروف.

لست إنسانًا آليًا 

«ضحى محمد» 27 سنة، تعود أصولها للأقصر بالصعيد، لكنها تقيم فى «الخصوص» بالقاهرة. 

عملت بالعديد من الوظائف قبل أن ينتهى بها فى العمل كـ«عاملة دليفرى». 

سبق أن عملت فى السكرتارية ثم  محلات الملابس. 

هى حاصلة على بكالوريوس حاسبات  وسكرتارية، بدأت كعاملة توصيل بعد أن طلبت منها صديقة توصيل مبيعات بدلاً منها، وعندما نجحت «ضحى» طلبت منها صديقتها الاستمرارية، وبدأ العملاء يتواصلون معها من خلال تليفونها أو صفحتها على فيسبوك. 

«ضحى» قالت نعمل عمل محترم ونأكل لقمتنا بالحلال، ونساعد العملاء فى تلبية طلباتهم دون مشقة أو تعب، ولو أبويا عايش كان هيتبسط منّى وأنا بحقق أحلامى.

 

شيماء.. أول سيدة دليفرى فى بورسعيد
شيماء.. أول سيدة دليفرى فى بورسعيد

 

تضيف: الزمن تغيَّر، ولازم أكوَّن مستقبلى قبل الزواج، والزوجين يساعدوا بعض، ولكن بعض الناس كانت تتريق عليّا ويقولون: «ما تشوفيلك شغلانة تانية»، وأهلى وأصدقائى كانوا خايفين عليّا؛ بسبب ضرورة تواجدى فى الشارع فترات طويلة».

تعرفت «ضحى» على تفاصيل العمل من الجروبات الخاصة بتوصيل الطلبات، ولم يكن لديها رأس مال فى البداية؛ لكنها بدأت بـ 100 جنيه، وتطور العمل وأصبحت معروفة بين الفتيات اللاتى يفضلن أن توصل طلباتهن فتاة مثلهن، بعد أن أصبح غالبية الشغل «أونلاين». 

وتروى «ضحى» أن البداية كان مكسبها 10 جنيهات ويستغرق توصيل الطلبات وقتًا ومجهودًا كبيرًا بسبب ثقل بعض الأوردرات واستخدام المواصلات لذا قررت شراء «اسكوتر» وتعلمت قيادته عن طريق اليوتيوب، وسميته «شاندو»، وتقول: «عشان يبقى حاجة شقية». 

توصل «ضحى» الطلبات لمناطق الرحاب والتجمع والمعادى والمقطم، ومعظم الناس عندها ذوق وبتتعامل معها بشكل جيد، إلا أن هناك من ينظر إليها على أنها «إنسان آلى»، يعنى تضرب الأرض تطلع بطيخ ولازم توصل فى الوقت الذى حدده الزبون بصرف النظر عن الزحمة والإشارة» .

وترى «ضحى» أن هذه الشغلانة كلها مخاطر،  وتقول: نتعرض لكثير من الحوادث؛ فقد يقوم سائق «توك توك» بالسير بجانبى فى شارع به مياه فيغرقنى  بالمياه، أو قد يتسبب «دليفرى» آخر بكسر مراية «الاسكوتر»، وهناك بعض الشباب الذين يضايقوننى بسياراتهم، والبعض لا يعطينا أولوية السير حتى لو كان الطريق لنا، ويتجاهل الاسكوتر، ولا يتعامل معه كمَركبة لها حق التجاوز والمرور. 

وتابعت: «علينا ضغط كبير، وازدحام  الطرق والمطر والبرد وشدة الحرارة فى الصيف، وتقلبات الجو؛ من أهم المشاكل التى تسبب تأخر «الأوردر»، وربما تصل وجبة الأكل باردة ؛ فترفض الزبونة استلامها وأخسر ثمَنها. 

وأضافت: قد أصل فى الموعد المتفق عليه، وأضطر لانتظار الزبونة لأنها خارج المنزل، مما يسبب تعطيلى عن العمل. وبعض الفتيات يبالغن فى استعجال  الأوردر؛ وقد تتصل إحداهن عدة مرات، ومعظم الأوقات أكون سايقة وصعب أرد، وممكن أخرى تتكلم ربع  ساعة لحجز أوردر؛ وطبعًا الموبايل بيخلص شحن ومينفعش أقعد فى مكان أشحن علشان أخلص  الشغل بسرعة».

تقول «ضحى»: للأسف كثيرون لا يشعرون بالشقا اللى إحنا فيه. وبعض الفتيات تطلب أن أتصل بها على المحمول، وألا أرن الجرس حتى لا تشعر والدتها بها .. وبعض السيدات يعطونى مياه أو عصير؛ لكن بخاف أشربها؛ فأقبلها ولكن أشربها لما أعطش أو لما أروح البيت».

وبسبب خطورة الشغلانة فإن الشركات الكبرى، توفر دراجة بخارية، وتطبق التأمين على الحياة والتأمين ضد الحوادث وتقديم عمولة تنافسية لهم وتأمينات اجتماعية وتأمين صحى.

 

الدليفرى ضحى
الدليفرى ضحى

 

أم البنات

«شيماء يحيى إبراهيم» 40 سنة، تعتبر أول دليفرى نسائى بمدينة  بورفؤاد، حاصلة على ليسانس دراسات إسلامية ومن أوائل دفعتها، رفض زوجها أن تعمل حتى أنجبت 4 بنات، لكنها انفصلت عن زوجها،  لتواجه الحياة وتتحمل مسئولية بناتها. 

تقول شيماء: «كنت أضطر لصرف مبالغ كبيرة على المواصلات، لتوصيل بناتى إلى مدارسهن، ودروسهن، وشراء طلبات المنزل؛ فاشتريت دراجة بخارية، وبعدها كانت إحدى  الشركات  تحتاج دليفرى من الفتيات، فذهبت إليها وتم قبولى العمل، وتم تقييمى كأسرع دليفرى، من بين 8 رجال يعملون فى بورفؤاد».

تقول: «يبدأ يومى السادسة صباحًا، لأحضر طلبات أطفالى، وأعد لهن الإفطار، ثم أوصلهن إلى مدارسهن، وبعدها أذهب إلى عملى، وبعد انتهاء اليوم الدراسى، أذهب لتوصيلهن لجدتهن بالمنزل؛ حتى أنتهى من توصيل الطلبات».

وأضافت: الدليفرى شغل عادى جدًا، وطالما لا توجد مخالفة شرعية أو أخلاقية فالعمل عبادة، وأتحمل مشقة العمل خلال 15 ساعة يوميًا لأجل مستقبل أفضل لى وأبنائى، وأطمح فى تأسيس شركة متخصصة فى توصيل الطلبات على مستوى الجمهورية».

يوكا جمصة 

منذ عامين؛ كانت «آية يسرى» 30 عامًا، أول سيدة تعمل دليفرى فى مدينة جمصة بالدقهلية، واشتهرت بلقب «يوكا دليفرى»؛ لتضرب مثالاً رائعًا للشباب فى العزيمة والإقبال على العمل، وتصبح رمزًا وفخرًا للفتيات بالمدينة. 

تبدأ عملها منذ الثامنة صباحًا، وهى لم تكمل تعليمها بسبب ظروف المعيشة، وقد تزوجت وأنجبت طفلتين وقد جاءتها فكرة شراء اسكوتر، وتوصيل الطلبات من الوجبات والفواكه والخضروات وغيرها؛ بحثا عن الرزق الحلال وتوفير حياة كريمة لطفلتيها.

وواجهت «يوكا» الكثير من الصعوبات فى البداية، ولكنها لم تيأس. وساعدها بعض أصدقائها فى الترويج لعملها على مواقع التواصل الاجتماعى، وبدأت الفتيات والسيدات يتواصلن معها لتوصيل طلبات لهن.

وأكدت «يوكا» أنها تعمل منذ نعومة أظافرها، واشتغلت سنتين مربية أطفال بالقاهرة، ثم فى عدة محلات ملابس بالمنصورة، وفى جمصة اشتغلت فى أحد المصانع وفى بيع لعب أطفال واكسسوارات، بالأسواق؛ «لأن الشغل مش عيب والست تقدر تعمل فى أى مهنة؛ طالما أنها ترضى الله تعالى، وهى قادرة على تحمل أى مشاق».