الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ريفو.. دراما تجميع الـpuzzle

إستراحه مشاهد

ريفو.. دراما تجميع الـpuzzle

فى إحدى المواجهات بين منتج فيلم «ريفو» – هشام الشاذلى- وابنة السيناريست المتوفى حديثا – ركين سعد- يؤكد لها أن المهمة ليست بالهينة، وأنه طالما توفى والدها المطلع على القصة منذ البداية، فإنها أمام تحدى تجميع الـpuzzle ، وهذا التحدى الذى واجه المخرجة الشابة مريم حسن فخر الدين، هو نفسه كلمة السر التى نجح مؤلف العمل محمد ناير فى إرسالها لكل مشاهد على حدة من أجل تحقيق هذه النتيجة، مستعينا بصياغة إخراجية مميزة ليحيى إسماعيل القادم من سوق الإعلانات، وبفريق وُفّقت الجهة الإنتاجية فى اختياره، سواء على مستوى تصميم الملابس «أسماء عمرو»، الديكورات «إسلام حسن»، الموسيقى التصويرية «سارى هانى»، التصوير «محمد عبد الرؤوف»، والإشراف العام على الإنتاج بكل تأكيد «سمر على».



تكمن كلمة السر إذن فى أن ناير جعل كل متفرج شريكا فى فك ألغاز الفرقة، ونجح فى صياغة دراما تتصاعد بهدوء وبشكل مطرد دون أى تفاوت فى الإيقاع، ليجعل المتفرج وكأنه واحد من فريق مريم فخر الدين، إلى جوار اليوتيوبر، وصاحب محل الأنتيكات. الكل يبحث عن فك الألغاز، وكلما نجحوا فى تجميع عدة قطع من الـpuzzle، تظهر فراغات جديدة، وتصبح المهمة أكثر تشويقا. يحدث هذا باستخدام أسلوب سرد درامى أعتبره من أفضل ما شاهدت عبر دراما المنصات فى السنوات الخمس الأخيرة، حيث تميز على مستويين؛ الأول تعدد مسارات السرد، بين زمن تكوين الفرقة وزمن ما بعد وفاة حسن فخر الدين، دون أن يشعر المتفرج بأى ارتباك، بل بات لظهورعضو جديد من «ريفو» مدخلا لحالة من الارتياح تليها المزيد من الأسئلة، حتى تبقى السؤال الأكبر: أين ذهب شادى وما علاقة والد مريم بالفرقة؟

المستوى الثانى هو تعدد أصوات السرد، وهو ما يؤكد حالة «تجميع الـpuzzle» التى أعطت لهذه التجربة طزاجة وجاذبية يلمسها المتفرج منذ نهاية الحلقة الأولى، لم نسمع كل شىء بصوت الأب الراحل، هناك أيضا حكى ركين عن ما عرفته، وحكى كل فرد فى الفرقة عن ما حدث من وجهة نظره، ثم تكون السيناريست الشابة النسيج الذى ستكتب منه الفيلم حتى تنجح فى التحدى الأكبر بينها وبين المنتج، قبل أن تكتشف أنها لا تبحث فى قصة «ريفو» ولكن فى قصة حياتها هى شخصيا. 

 

ريفو
ريفو

 

ما سبق يؤكد أن الأعمال الجماعية التى تقوم على أفكار جديدة وغير محروقة دراميا، تحتاج إلى صيغ سردية حديثة تناسب جمهور المنصات، وهو ما نجح فيه صناع «ريفو» منذ المشهد الأولى حتى النهاية المفتوحة التى تميز هذا النوع من الأعمال، وهى بالمناسبة نهاية لا تلزم الفريق بتقدم جزء ثان، وإنما تفوت على المتفرج حالة الارتياح المزيفة التى أصابته بعد انتهاء تجميع كل الـpuzzle المتاح أمامه، والذى يظن بعده أنه بذلك عرف كل مصائر الشخصيات. غير أن جملة حوارية بسيطة بين سيدة مصابة بألزهايمر «إيفا» ومريم فخر الدين تعيد المتفرج من جديد للنقطة صفر، بالتزامن مع «التيمة الموسيقية» التى تتكرر كلما عادت علامة الاستفهام من جديد أمام أحد الأبطال، والتى برع سارى هانى فى صياغتها ويحيى إسماعيل فى استغلالها. 

الحديث يطول عن الممثلين، أمير عيد ارتدى شخصية تناسبه تماما، تامر هاشم تمتع بخفة ظل وسلاسة فى الأداء، عمرو جمال أشاهده للمرة الأولى وهو ممثل مجتهد ولديه الكثير، مينا النجار أحد أبطال فيلم «عشم» عليه أن يزيد من تجاربه كممثل ولا يترك مسافات زمنية كبيرة بعد «ريفو»، سارة عبد الرحمن تواصل انتقاء الأدواء المناسبة لها، سلوى محمد على وإيفا ومحسن محيى الدين الثلاثى المخضرم أضاف للتجربة كثيرا، حسن أبو الروس تقدم خطوات عبر «ريفو» عليه أن يحافظ عليها بعدم تقديم محتوى أقل قيمة، محمد مولى اجتهد فى ألا يمثل نفسه ونجح بالفعل، والتوظيف المميز لحسام حسنى، أما ركين سعد فهى ممثلة مخضرمة، لا يمكن أن تقول إن مريم فى «ريفو» هى نفسها التى شاهدناها فى «مدرسة الروابى للبنات»، فيما الفائز الأكبر من وجهة نظرى صدقى صخر الذى أكد رغم حداثة تجربته أنه وجه صالح لتقديم أصعب الأدوار وتحمل بتفوق تبعات محورية الشخصية التى ربطت بين التسعينيات، وما جرى عندما قررت مريم حسن فخر الدين – دون أن تدرى- البحث فى ماضى أبيها.