السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أساس الحوار الوطنى

أساس الحوار الوطنى

«اختلاف الرأى لا يفسد للوطن قضية» هذه الكلمات تضمنها خطاب فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أيام، وعلى إثرها دعا سيادته لإقامة حوار وطنى يجمع الأطياف السياسية والفصائل كافة، وكانت الاستجابة سريعة وفورية وشجعت القوى السياسية التى رحبت بالفكرة على أخذ خطوات لتحقيق الهدف المرجو فى إتاحة الفرصة لوضع أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة. 



وبالفعل تعكف بعض الكيانات الحزبية، وكذلك بعض النواب لوضع أوراق تتضمن سياسات عامة ورؤى كاملة حول التحديات الراهنة وكيفية التعامل معها فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وغيرها من الملفات الشائكة إقليمياً ودولياً. وخلال المتابعة لفت نظرى تجاهل المنظور الثقافى، فهناك العديد من الرؤى حول الإشكاليات السياسية وأيضاً المتطلبات الاقتصادية فى ظل الظروف الراهنة إلا أن العمود الفقرى لحل أى أزمة والخروج منها ووضع استراتيجية واضحة المعالم فهو أمر ينبع من الثقافة. وحتى فكرة الحوار الوطنى فى ذاتها القائمة على اختلاف الرأى وقبول الآخر فأصلها ثقافى. 

وإن كنا نتحدث عن استراتيجيات وسياسات تمتلك صلاحيات من شأنها تعديل الأوضاع الآنية فإننى أتوجه لكافة المؤسسات المشاركة فى الحوار لوضع الثقافة المصرية على قائمة أولويات تلك المرحلة واعتبارها العمود الفقرى لبناء أى محاولات إصلاح سياسى أو اقتصادى أو اجتماعى، فلن يأتى الحوار الحقيقى البناء إلا بفروض قيمية وسلوكية وأخلاقية يجب انتهاجها من الجميع، وأيضاً الارتكاز على تقويم سلوكنا المجتمعى داخل إطار النظم الثقافية المعتدلة الرصينة التى تؤصل لبناء فكر الإنسان الذى يليق بالجمهورية الجديدة، فالثقافة هى القاطرة التى تضع أسس وقواعد قيمية يهتدى بها الإنسان لمسيرة حياته، وكذلك تنظيم الأيديولوجية التى تنبنى على مرتكزات تقويمية حتى لا تحيد بنا عن المسار الصحيح.ومن واقع انتمائى للثقافة والعمل بها، فأرى أنه لا سبيل للتقدمية الحتمية التى قطعنا أشواطاً بها من زاوية الحجر إلا أن نرتقى بالبشر كى نتجاوز التحديات التى هى فى أصلها مشكلات ثقافية متفرقة، تتشابك جميعها وتتقاطع فتخلق مجتمعاً مشتتاً مشوشاً، وعليه فالسبيل الوحيد لدحض كافة المسالب وتوفير القدرة على مواجهة التهديات والتحديات جميعها هى الرؤية الثقافية الشاملة التى تؤسس للقيم الحضارية.

لقد عانينا إبان الفترات السابقة نظراً لتغييب الوعى وتزييفه وخاصة للشباب آثاره الهائلة فى انتشار الإدمان والمخدرات واستقطاب عقولهم وتوظيفهم فى العمليات الإرهابية وانتشار الأفكار الظلامية، ولا سبيل لعبور التحديات كافة سوى بالثقافة الغائبة أو التى اقتصرت على الثقافة النخبوية.والفنون كأحد روافد الثقافة لها دور حيوى فى إيقاظ الوعى الجمعى، وخاصة بعد تدخل الدولة مرة أخرى فى الإنتاج الدرامى ورصدنا انعكاساته الإيجابية على ملايين المصريين بترسيخ مفاهيم الهوية والمواطنة والانتماء والولاء للوطن. لذا سيكون أهم المفاصل الرئيسة فى هذا الحوار هو تحقيق الأمن الفكرى من المنظور الثقافى، ووضع آليات لتغيير الثقافة البدائية السائدة وطمس آثار الجهل والتخلف بسيطرة الثقافة الراقية المرتكزة على الوعى الحقيقى وتأسيس منظومة قيمية راسخة لأجيال المستقبل قادة بلدنا فى جمهوريتنا الجديدة.