السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لماذا يعشق المشايخ الترينــد؟

فتاوى بين الحين والآخر تنهال علينا لمشايخ ودعاة خرجوا من حيز الدعوة إلى الفتوى فى الفن والسياسة حتى كرة القدم أحيانًا، محاولين مواكبة كل حدث تماشيًا مع موضة التريندات، إلا أن الأمر أصبح خارج السيطرة وتحول الهوس بالتريند على يد بعضهم إلى مغالطات وآراء شخصية ليس لها علاقة بالأحكام الفقهية المقدرة حتى صار بعضهم يبحث عن الأكثر فرقعة وإثارة للجدل غير مبالين بتأثير كلامهم على قطاعات كبيرة تحترم كل ما يقال من رجل دين ولا يميز أو يفكر فى مدى صحة أو خطأ ما يقال على سبيل الثقة.



«الفتاة تتحجب عشان تعيش وتلبس واسع عشان متغريش».. أثار هذا التصريح  للدكتور مبروك عطية أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، حول واقعة قتل فتاة المنصورة، أزمة وانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعى ومنها إلى الشارع المصرى الذى استنكر تعليق الدكتور - الذى يحظى بشعبية كبيرة- على مقتل فتاة شابة لمجرد أنها رفضت الزواج من شاب كان قد سبق أن تقدم لخطبتها.

وعلى الرغم من خطورة ما صرح به عطية فإنه لم يكن التصريح الأول الذى يثير به حالة من البلبلة واللغط بل كانت له سوابق طويلة من الفتاوى العجيبة التى من شأن بعضها التقليل من حق النساء، فقال إنه ليس للمرأة الحق فى طلب الطلاق بسبب زواج الرجل من ثانية، بل لها الحق فى طلب الطلاق فى حالة إذا كان الرجل يضربها ولا ينفق عليها، أما إذا طلبت الطلاق بسبب زواج زوجها بثانية فجزاؤها جهنم يوم القيامة.

كذلك ما قاله فى أحد البرامج التليفزيونية إن الزوج إذا وعد زوجته بشىء ولم يف بوعده، فليست هناك مشكلة، حيث إن الوعد عند جمهور العلماء ليس بواجب، موضحًا أن هناك بعض الآراء الفقهية تقول إن الوعد واجب تنفيذه إلا بسبب عذر.

كما قال إن طلاق الرجل لزوجته سليطة اللسان مستحب، كما أن حديث أبغض الحلال عند الله الطلاق حديث ليس بصحيح ولا يصح الاحتجاج به.

كما وصف عطية، ما تعيشه المرأة فى الوقت الحالى مع زوجها بـ«الواقع الكافر» لتغير طبيعة البشر بحسب قوله، فالزوج هو من يصرف على بيته وزوجته وأطفاله، لكن ما يحدث عكس ذلك، ووصف أن موافقة الزوجة على ذلك يعد «خنوعًا، وقلة دين، وقلة كرامة لأنها ارتضت بذلك، وهذا ما شجع الذكور وليس الرجال، على الاستمرار فى ذلك»، قائلاً: «تبقى واطية لو صرفتى على جوزك وعيالك».

 

 

 

كما أفتى مبروك عطية أن الصيام يعنى عدم الاقتراب من الطعام والشراب أو الجِماع، وأنه إذا نطق الصائم بالسب أو حتى شهادة الزور فلا يبطل صيامه ما دام لم يقترب من الأكل.

ولم تنته أو تقف الفتاوى الغريبة على الشيخ مبروك وإنما أطل علينا بفتاوى أكثر غرابة شخص آخر يسمى بالداعية عبدالله رشدى الذى انتقل بمقعد الفتوى فى الدين إلى عالم الفن والفنانين، وصار يطلق فتواه ما بين الحلال والحرام،. وكان قد وجه أحدها إلى الفنانة حلا شيحة وذلك خلال فيديو نشره عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تحت عنوان: «توبتك مرفوضة».

كما أنه أيد أحد التعليقات التى ترفض وصف الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التى استشهدت برصاص القوات الإسرائيلية، بالشهيدة، كونها غير مسلمة.

كما لا ننسى هجومه على المرأة حينما خاطب الرجال قائلًا: «لا تتزوج بامرأة تفضل العمل عند الناس على العمل فى منزلها هن سيدات ستروكس، ولا تتزوج التى تقول لك شغل البيت مش فرض عليا، واتركها لبابى ومامى لتنير لهما حياتهما».

كما حرم عبدالله رشدي المشاركة فى بطولات كمال الأجسام، وذلك كان بالتزامن مع فوز «بيج رامي» بمستر أولمبيا.

وفى فتوى أخرى ذكر فيها أن التهنئة فى الأعياد لغير المسلمين مع الرضا بشعائرهم وتعظيم اعتقادهم؛ كفر لا نزاع فيه.

من جانبها أكدت رباب عبده المحامية ومسئول ملف المرأة بالجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أن قضية نيرة أشرف وضحت رؤى كثيرة بالمجتمع بعضها صادم فاكتشفنا وجود آراء ومبررات للقاتل، كذلك آراء شاذة وبعيدة عن الدين الحقيقى تتحدث عن ملابس القتيلة كسبب للقتل رغم أنه لا يوجد دين سماوى يشرع ذلك، وإذا تابعنا حادث الفتاة الأردنية بعدها كان لفتاة محجبة تم تهديدها وقتلها على غرار نيرة، وهذه الفتاوى المغلوطة تحول المجتمع إلى غابة، لذلك لا بد من وجود وعى مجتمعى وتحجيم لوسائل التواصل الاجتماعى على ألا تنشر هذه الآراء كذلك المواقع الإخبارية التى تنشر الأخبار بصورة مستفزة بحثًا عن الترند.

تضيف: للأسف لدينا عدوى مجتمعية فى تنفيذ الجرائم نتيجة نشر الجرائم بشكل مفصل وتفصيلى.

وعن تأثير هذه الفتاوى التى تطلق فى كثير من الأحيان بشكل عشوائى على المجتمع تقول الدكتورة عزة فتحى، أستاذ مناهج علم الاجتماع جامعة عين شمس، إن الذين يطلقون مثل هذه الفتاوى هدفهم البلبلة وإثارة الرأى العام والوصول إلى الترند وهذا يعطيهم أعلى أجر فى القنوات الفضائية دون تفكير واعٍ، مما يثيره فى المجتمع من فتنة وتأثير سيئ، لأن الدين أداة من أدوات الضبط الاجتماعى، وبالتالى عندما يفتى شخص فتوى غير أمينة أو يتلاعب فيها بالألفاظ يساعد على تدمير المجتمع هو ما يحدث منذ منتصف السبعينات باستخدام الدين لتفتيت المجتمع، وهو مخطط الفوضى الخلاقة، وبالتالى كان الخطاب السلفى الوهابى المقصود به تفتيت مصر داخليًا لندور فى دائرة مفرغة من التدين المظهرى دون الجوهرى، وأهملت مادة الدين فى المدارس ورفع على المنابر أشخاص غير أكفاء ومنهم للأسف من ينتسب للأزهر ويتحدثون عن الدين، ولكنهم بعيدون كل البعد عن الدين الوسطى الصحيح لأنهم يغالون فى الفتاوى وهو أمر مقصود عن عمد.

 

 

 

لا ننسى الفتوى التى قضت بقتل المفكر فرج فودة، وبعد مرور 30 عامًا على اغتياله نتذكر عندما سأل المحقق القاتل بناء على أى نص قتلت الرجل؟ فقال إنه قتله بناء على فتوى لعمر عبدالرحمن مفتى الجماعة الإسلامية الإرهابية بقتل المرتد، فسأله المحقق ولكنك قلت فى التحقيقات إنك أمى لا تقرأ فكيف قرأت الفتوى؟ فرد قائلاً: لم أقرأ ولكنهم قالوا لى.

كذلك ما حدث مع محاولة اغتيال الروائى العالمى نجيب محفوظ، حيث ذكر فى التحقيقات مع المتهمين فى قضية الشروع فى قتله أن قرارهم باغتياله جاء بناءً على فتوى الجماعة الإسلامية؛ بإهدار دمه بحجة تعرضه للدين الإسلامى فى روايته «أولاد حارتنا»، وذلك على الرغم من أنهم لم يقرأوا الرواية ولم يطلعوا على محتواها.