الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كاليجولا يبحث عن مسرح !

إستراحة مشاهد

كاليجولا يبحث عن مسرح !

يبدأ العرض المسرحى «كاليجولا» من مشهد عودة الإمبراطور الرومانى الأشهر فى التاريخ إلى القصر وقد قرر الحصول على القمر، طلب مستحيل بالقطع لكن جنون وغطرسة وغباء هذا الإمبراطور لم تمنعه طوال 4 سنوات من قهر سكان روما والسعى نحو اللا معقول، لكن اللا معقول يتكرر الآن على المسرح العائم بالمنيل؛ حيث تعرض فرقة مسرح الشباب «كاليجولا» باللغة العربية الفصحى على خشبة لا تناسب طبيعة العرض ولا حجم الجهد المبذول فيه.



لا شك أن المخرج سامح بسيونى مدير الفرقة، وإدارة المسرح وفرت ما تملكه من إمكانات من أجل خروج العرض للنور، لكنّ سؤالاً أثق أن د.إيناس عبدالدايم ستطرحه على نفسها لو شاهدت العرض دون أن تنتظر هذا المقال، كيف يقدم البيت الفنى للمسرح عرضًا يتمتع بتلك المكانة فى قائمة مسرحيات القرن العشرين، ويحمل اسم ألبير كامو، ولا يجد طريقه منذ البداية للمسرح القومى المختص بالأساس لهذه النوعية من العروض، وإن كان مشغولاً بعروض أخرى منذ بداية العام قد تأتى فرصة لاحقة لتقييم مستواها تحت الإدارة الحالية، فإن مسرح الجمهورية الذى شهد عرض «الملك لير» فى نسخته الأولى سيرحب بـ«كاليجولا» وتفاصيله المتعلقة بالديكور والإضاءة والصوت الذى يعانى من التشويش بسبب عدم جهوزية المسرح العائم لأسباب فنية يعرفها جيدًا القائمون عليه.

حتى يشاهد مَن بيده الأمر «كاليجولا»، فالإشادة واجبة بفريق العمل ككل لامتلاكهم شجاعة تقديم عرض كلاسيكى باللغة العربية الفصحى؛ خصوصًا أن أبرز عناصر العرض من الشباب المحسوب على الأعمال التجارية وتحديدًا الكوميدية، والبداية كانت مع مُعد ومخرج العرض محمد عز الدين، الذى عرفناه مؤلفًا لمجموعة كبيرة من الأعمال الكوميدية أبرزها سلسلة «الكبير قوى» لكنه احترم بشدة نص ألبير كامو وترجمة رمسيس يونان وقدّم «كاليجولا» سابحًا عكس تيار يفضل الأعمال الكوميدية الجماعية حتى على خشبة مسرح الدولة ليحتضن المسرح المستقل فقط العروض المغايرة، وهو ما يؤكد أن إرادة الفنان أساسية فى تحقيق أفكاره، والاستسلام للسائد لا ينتج أعمالاً تعيش، ويؤكد ذلك إجابة على سؤال مطروح على طاولة مسرح الدولة، هل عروض مثل «هاملت بالمقلوب» و«كاليجولا» جاءت ضمن استراتيجية معدة مسبقًا للإنتاج الرسمى للمسرح فى مصر، أمْ تقدم بها صناعها وتحمّلوا كل العقبات حتى تخرج العروض للنور بأقل قدر من الدعاية والتفاصيل الإنتاجية اللازمة؟ (بالمناسبة حتى عرض «هاملت بالمقلوب» يحتاج إلى إعادة نظر بسبب طبيعة خشبة المسرح، ولنقل هنا إن وزارة الثقافة تحتاج إلى مراجعة إمكانات كل المسارح التابعة لها المفتوح منها والمغلق لأجل غير مسمى).

 

مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية

 

أعود إلى عز الدين و«كاليجولا» وأختلف معه فى افتقاد العرض للخروج عن النص، بالتأكيد هو حُر فى قراره الالتزام الكامل بما كتبه كامو، لكن جمهور 2022 يحتاج أحيانًا إلى التخفيف من حدة الحوار بالفصحى وأن يلاحظ إسقاطات تناسب حياته اليومية حتى لا يتعامل مع العرض وكأنه فقط مشاهدة لنص شهير بعيدًا عن الزمن الحاضر،فيما نقطة الاتفاق الأكبر فى تكوينه لفريق من الممثلين على رأسهم محمد على رزق الذى دخل بتجسيده لشخصية كاليجولا قائمة الممثلين الكبار الذين تصدوا بشجاعة لشخصيات مسرحية صعبة، وأتمنى أن يكرر التجربة كل فترة لأن سيرته الفنية تستحق أن تتملأ بتلك التجارب، ومعه كتفًا إلى كتف محمد أوتاكا فى شخصية «شيريا» والذى فاجأنى بالتزامه التام بالنص من دون «إفّيهات» معبرًا عن قدرات تمثيلية قد لا تمنحه الأدوار الكوميدية الفرصة الكاملة لإظهارها على شاشة التليفزيون، لبنى طارق فى شخصية «سيزونيا» قدمت أداء طيبًا للغاية، وسعدت بالتعرف على ممثل متميز هو محمد العربى فى شخصية «هيليكون» والممثل الصاعد خالد الشامى «سييبون» ونهاد نزيه «رئيس الديوان» الذى شاهدته من قبل فى «حملة فريزر»، بالإضافة إلى شريف نبيل «ميريا» وأحمد لطفى «ليبيدوس» ومصطفى صديق «ميسيوس»، وأخيرًا محمد حسن « الشريف العجوز» أو عزيزتى كما كان يناديه كاليجولا.