الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من الإقليمية إلى العالمية

سياسة مصر الخارجية فى تسع سنوات

السيسى فى الأمم المتحدة سبتمبر 2019
السيسى فى الأمم المتحدة سبتمبر 2019

اتسمت سياسة مصر الخارجية وتفاعلاتها الدولية عقب ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن، بالحركة السريعة وفى محاور متعددة، حتى تستطيع أن تصلح ما أفسده السابقون سواء عن جهل وإهمال أو تقصير، وهى هدفت فى ذلك إلى الحفاظ على مصالحها ومكانتها فى المجتمع الدولى.



 

القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وضعت مصلحة مصر العليا ومصالحها القومية فى المقدمة وكانت بمثابة العنصر الحاكم فى توجهات السياسة الخارجية للدولة المصرية، لقد تعاملت مصر مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية وفقًا لرؤيتها ومصلحتها العليا فقط وكانت سياسة الرئيس الخارجية نموذجًا فى كيفية إدارة تلك الأزمات، فأصبحت مصر فاعلًا دوليًا وإقليميًا فى حل أزمات المنطقة، وكان للأجهزة المصرية دور أصيل فى حفظ الأمن والاستقرار فى عدد من الدول بدءًا من سوريا واتفاقات التهدئة وخفض التوتر فى دمشق وحلب وحمص، ثم اتفاق المصالحة الفلسطينية، ووثيقة «إعلان القاهرة» لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وحرصها على الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية وجمع القبائل والقوى السياسية على أرضها. 

 

الرئيس مع بوتين
الرئيس مع بوتين

 

وحتى فى أشد الظروف والأزمات التى يشهدها العالم الآن ومع انتشار جائحة كورونا وسقوط الآلاف من الضحايا فى عدة دول، لم تنس مصر دورها فى تقديم المساعدات للدول التى ضربتها الجائحة بقوة؛ فكانت أن أرسلت مساعدات طبية إلى إيطاليا والصين وعدد من الدول الإفريقية للمساعدة فى تخفيف وطأة هذا الوباء، كما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر والمعرض الطبى الأول بإفريقيا الذى عقد يوم 5 يونيو 2022 عن مبادرة مصر لتقديم 30 مليون جرعة للتطعيم ضد فيروس كورونا للأشقاء فى الدول الإفريقية.

 

لذلك فإن القراءة المتأنية لتفاعلات مصر فى إطارها العربى والدولى والإقليمى خلال السنوات الماضية تؤكد على عودة الدور المصرى فى جميع قضايا المنطقة وأصبحت إما راعية أو شريكًا فى أى عملية تسوية سياسية وأمنية. ويمكن القول أن الزيارات التى قام بها الرئيس إلى أغلب دول العالم والعواصم الفاعلة فى المنظومة الدولية، استطاع خلالها أن يوضح رؤية مصر وسياساتها وأن يكون معبرًا عن تطلعات الشارع المصرى وآماله فى تلك المرحلة التى تمر بها المنطقة، كما أكد خلالها على ثوابت سياسة مصر الخارجية والتى ترتكز على احترام حسن الجوار وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول وهى التى عبر عنها الرئيس بقوله بأن «مصر تمارس السياسة بشرف فى زمن عز فيه الشرف». 

..ومع أورسولا فون ديرلاين رئيـــــــسةالمفوضية الأوروبية
..ومع أورسولا فون ديرلاين رئيـــــــسةالمفوضية الأوروبية

 

 

وقد ترجمت نجاحات الإدارة المصرية من خلال حجم الزيارات التى قام بها رؤساء دول العالم لمصر خلال السنوات الماضية، فقد زارها رؤساء روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان إضافة إلى قادة ورؤساء الدول العربية والإفريقية، كذلك عدد الاتفاقيات والشراكات التى تم توقيعها بين مصر وبين حكومات تلك الدول والتى قدرت بمليارات الدولارات وتناولت مختلف أوجه التعاون سواء الاقتصادى أو السياسى أو العسكرى. 

 

أصبحت مصر بعد 30 يونيو عضوة بمجلس الأمن الدولى، ورئيسة لجنة حكومات الدول الإفريقية فى قمة المناخ التى عقدت بباريس 2015 ورئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى الأمم المتحدة، كما أصبحت القاهرة قِبلة لزعماء وقادة العالم فى افتتاح قناة السويس الجديدة أو فى القمة العربية 2015 أو فى المؤتمر الاقتصادى الدولى 2015 ومنتدى شباب العالم 2016 وتجمع الكيانات الاقتصادية الكبرى فى إفريقيا 2016 ورئاسة الاتحاد الإفريقى فى 2019 وهى الآن تستعد لاستضافة مؤتمر قمة المناخ فى دورته 27 فى نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ. 

 

..وفى زيارة لألمانيا
..وفى زيارة لألمانيا

 

وخلال الأزمة العالمية الراهنة (الأزمة الأوكرانية) نجد أن اتصالات ولقاءات واجتماعات وزيارات للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الفترة الماضية، كلها تُشير إلى فاعلية الدور المصرى إقليميًا ودوليًا، فكان هناك اتصال هاتفى بين الرئيس بوتين والسيسى عقب اندلاع الأزمة فى أوكرانيا، كذلك تلقى الرئيس السيسى اتصالين هاتفيين من الرئيس الأوكرانى خلال أسبوع واحد، فمع بدء الأزمة الأوكرانية سعت أطراف عدة لإدخال مصر فى الصراع والدفع بها للانحياز لطرف على حساب طرف آخر، لكن سياسة مصر الخارجية دائمًا نموذج فى الاعتدال والتوازن. 

 

وهذا ما أكد عليه سامح شكرى وزير الخارجية أثناء مشاركته فى اجتماع النقب الذى عُقد يوم 28 مارس الماضى.

 

إن سياسة مصر الخارجية تعتمد دائمًا على عدة مبادئ وهى: عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، احترام سيادة واستقلال الدول، وأن أى إجراءات أو عقوبات تكون تحت مظلة الأمم المتحدة ووفقًا لقواعد القانون الدولى، كذلك احترام الاتفاقيات الدولية، وهو ما أكدت عليه مصر خلال الأزمة الأوكرانية حين طالبت بعض الدول الغربية مصر بإغلاق قناة السويس أمام السفن الروسية، أضف إلى ذلك ما أشار إليه البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية والذى تطرق إلى رفض استخدام سياسة العقوبات خارج الأمم المتحدة وكان هذا ردًا على بيان سفراء مجموعة الدول الصناعية السبع فى القاهرة الذين طالبوا فيه مصر بإدانة العملية العسكرية الروسية والانضمام لهم فى العقوبات التى فرضت على روسيا.

 

مصر والأشقاء العرب 

اهتمام مصر بالأشقاء العرب لم يكن وليد الظروف والأحداث التى أعقبت ثورة 30 يونيو 2013 إنما هو قناعة راسخة وثابتة فى سياسة مصر الخارجية تجاه الأشقاء العرب، وأحد ثوابت السياسة الخارجية لمصر منذ ثورة 23 يوليو 1952 وقد يكون قبلها إذا راجعنا التاريخ جيدًا، لكن ثورة 30 يونيو جاءت لتؤكد على الاعتماد المتبادل بين مصر والأشقاء العرب فاستقرار مصر هو استقرار وأمان للأشقاء العرب وكان دعم وتأييد الدول العربية لمصر وثورة الشعب المصرى محل تقدير وعرفان من جانب مصر والمصريين، خلال السنوات التسع الماضية وأظهرت مدى الاعتماد المتبادل بين مصر وبين الأشقاء العرب خاصة السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن الذين أعلنوا عن دعمهم الكامل لثورة الشعب ضد الجماعة الإرهابية. 

 

الاعتماد المتبادل الذى تجلت صوره فى مواقف الدول العربية عكس إدراك لدى الدول العربية بأن سقوط مصر معناه سقوط المنطقة العربية وتقسيم دولها إلى كيانات صغيرة لصالح دول وقوى إقليمية كانت على مر تاريخها منشغلة بتدمير الدول لعربية وتقسيمها ودمجها فى كيانات أكبر من الكيان العربى، لذلك فإن الخطاب السياسى للرئيس السيسى لا يخلو من التأكيد على أن أمن دول الخليج العربى لا ينفصل عن الأمن القومى المصرى. 

 

لذلك نجد لقاءات القمة التى شارك فيها الرئيس السيسى، مع القادة العرب تؤكد على هذا النهج، فنجد تدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن وعقد لقاءات دورية على مستوى القمة كان آخرها القمة التى جمعت الرئيس السيسى وملك الأردن ورئيس وزراء العراق ورئيس الإمارات (ولى عهد أبوظبى سابقًا) فى العقبة الأردنية يوم 25 مارس الماضى، وقبلها استضاف الرئيس السيسى فى شرم الشيخ قمة ثلاثية جمعته مع ولى عهد أبوظبى آنذاك ورئيس وزراء إسرائيل. إضافة إلى محور الاعتدال العربى الذى تشكل عقب ثورة 30 يونيو المكون من مصر والسعودية والإمارات والبحرين لمواجهة التطرف والإرهاب الذى مارسته بعض دول المنطقة والتى هدفت إلى تدمير الدول العربية وكان لهذا المحور دور ناجع فى الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع انزلاق المزيد من الدول العربية فى دوامة الحروب الأهلية والصراعات والانقسامات. كما استطاعت مصر أن تُعيد الزخم السياسى والدعم الدولى للقضية الفلسطينية وإعادتها إلى صدارة أولويات المجتمع الدولى بعد أن عانت تراجعها على مدار العقدين الماضين. وفى حقيقة الأمر فإن دعم مصر للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لم يقتصر على الجانب السياسى أو الأمنى بل امتد إلى الجانب الإنسانى وإعادة الإعمار، حيث أعلن الرئيس السيسى عن دعم عملية إعادة إعمار قطاع غزة من خلال توفير نصف مليار دولار من أجل تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى بالإضافة إلى القوافل الإنسانية حيث دخل قطاع غزة نحو 130 شاحنة محملة بآلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية للفلسطينيين هدية من الرئيس السيسى. 

 

فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.. السيسى يترأس لجنة الرؤساء الأفارقة لتغير المناخ
فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.. السيسى يترأس لجنة الرؤساء الأفارقة لتغير المناخ

 

مصر فى إفريقيا 

وفى إفريقيا استطاعت مصر أن تعود إلى إفريقيا بقوة بعد سنوات كثيرة من الابتعاد عنها، واستطاعت مصر القيام بتنفيذ عدد من المشروعات التنموية فى دول القارة الإفريقية، كما استطاعت أن تكون خير من يمثل إفريقيا فى مجلس الأمن وكانت عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن عن إفريقيا لمدة عامين 2016 – 2017 (بإجمالى 179 صوتًا من أصل 193 صوتًا) خلالها استطاعت أن تعرض رؤيتها ورؤية الدول الإفريقية بشأن قضايا الأمن والسلم الإفريقى، إضافة إلى تأكيدها على ضرورة أن تنعم القارة الإفريقية بالجانب الأكبر من برامج التنمية المستدامة الدولية، كما ترأست مصر لجنة الحكومات الإفريقية المعنية بالتغير المناخى، وعرضت رؤية الحكومات الإفريقية بشأن قضايا التغير المناخى خلال قمة باريس 2015، كما ترأست لجنة مكافحة الإرهاب ولجنة العقوبات الخاصة بالكونغو الديمقراطية، كما عادت مصر إلى مقعدها فى الاتحاد الإفريقى ودورها الريادى بالقارة الإفريقية بمشاركتها فى أعمال الدورة الـ23 لقمة الاتحاد الأفريقى فى يونيو 2014، بل وتولت رئاسة الاتحاد فى 2019 وقد حفلت تلك السنة بإنجازات مصرية على الصعيد الإفريقى تمثلت فى إطلاق المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية الإنجاز الأهم، حيث تستهدف المنطقة 2 مليار نسمة، و3 تريليون دولار. كما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن إطلاق النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة خلال عام 2019. وفى ديسمبر 2018 شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى وضع حجر الأساس الخاص بتشييد سد «ستيجلر جورج» فى دولة تنزانيا، بدعوة من الرئيس التنزانى جون ماجوفولى، تقديرًا للعلاقات التاريخية بين البلدين والدور الكبير الذى لعبه الرئيس السيسى فى تعزيز التعاون بين البلدين. كما أعلن عن عدد من المشروعات الكبرى فى القارة الإفريقية كمشروع الربط الكهربائى ويعد هذا المشروع واحدًا من أضخم المشروعات التى تقوم مصر بإطلاقها فى القارة الإفريقية حيث أطلقت وزارة الكهرباء بداية العام الماضى المرحلة الأولى من خط الربط الكهربائى بين مصر والسودان بقدرة 50 ميجا وات، حيث تبلغ تكلفة المشروع ما يقرب من 56 مليون دولار.

 

العلاقات مع أوروبا 

تعمل مصر على تحقيق نقلة نوعية فى الشراكة مع الاتحاد الأوروبى من خلال تعزيز التعاون فى عدد من القطاعات ذات الأولوية على رأسها الطاقة والطاقة النظيفة وأمن الغذاء والتحول الرقمى والنقل الكهربائى والزراعة والرى وتصنيع اللقاحات فضلا عن آلية تشجيع الشركات الأوروبية على ضخ مزيد من الاستثمارات فى مصر وفى هذا السياق فإن مصر استطاعت أن تدير علاقاتها مع الاتحاد الأوروبى بطريقة برجماتية، وصلت إلى أعلى درجاتها خلال السنوات التسع الماضية، ولعل هذا ما عبرت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية خلال زيارتها لمصر الأسبوع الماضى وإعلانها دعم أوروبا لمصر بـ 100 مليون دولار من أجل تأمين الموقف الغذائى لمصر خلال الفترة المقبلة ومواجهة تداعيات وقف تصدير القمح من أوكرانيا وروسيا، كانت فرنسا من أولى الدول الأوروبية التى دخلت فى شراكات وتعاون مع مصر فى المجال السياسى والاقتصادى والعسكرى وقد حصلت مصر بموجبها على صفقة لشراء طائرات «الرفال» وكانت من أولى الدول التى تعقد صفقة بهذا الحجم بشأن الرفال، كما حصلت مصر على حاملتى طائرات طراز «ميسترال». 

 

إيطاليا دخلت فى علاقات تعاون وشراكة مع مصر وكان مجال استكشاف الغاز فى مقدمة مجالات التعاون والشراكة واستطاعت الدخول إلى السوق المصرية عبر شركة إينى الإيطالية التى استحوذت على عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعى فى شرق البحر المتوسط وبلغت الاستثمارات الإيطالية فى مصر مليارات الدولارات. 

 

أما ألمانيا فكانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لبرلين بدعوة من المستشارة إنجيلا ميركل بمثابة نقطة تحول فى طبيعة العلاقات المصرية الألمانية، أعقبها بعد ذلك توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين فى مجال الطاقة، إذ تم توقيع 4 عقود استثمارية فى مجال الكهرباء والطاقة المتجددة عام 2015 مع شركة سيمنز الألمانية لإنشاء 3 محطات كهرباء ومصنع لتوربينات الرياح بتكلفة إجمالية 8 مليارات يورو، إضافة إلى عدد من الاتفاقيات العسكرية والتى تم بموجبها تسليم ألمانيا لمصر عدد 4 من الغواصات الألمانية طراز «تايب 209/ 1400». كما وقعت مصر مع شركة سيمنز الألمانية العالمية عقدًا قيمته 8.7 مليار دولار لإنشاء سكك حديدية فائقة السرعة فى مايو الماضى. 

 

 كانت هناك رؤية مشتركة بين مصر وألمانيا فيما يتعلق بقضايا الهجرة غير الشرعية ومحاربة الإرهاب أو عملية السلام فى المنطقة. كما شارك الرئيس السيسى فى الدورة الـ55 لمؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا، بعد تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى بخمسة أيام فقط، وطرح خلال المؤتمر الرؤية المصرية لحل أزمات العالم العربى وتطوير التعاون الأوروبى الإفريقى فى ظل رئاسة مصر للاتحاد، وناقش خلال المؤتمر أجندة إفريقيا 2060 وسبل التكامل والاندماج الاقتصادى الإقليمى وتعزيز التجارة البينية بالقارة.

 

وفى أغسطس 2019، شارك الرئيس السيسى فى قمة شراكة مجموعة السبع وإفريقيا بمدينة «بياريتز» الفرنسية، والتى ركز جدول أعمالها على مكافحة الإرهاب وتحقيق المساواة بصورة عالمية، وتجديد الشراكة مع القارة الإفريقية على نحو يتسم بقدر كبير من الإنصاف. كما شارك الرئيس السيسى فى تجمع فيشجراد خلال الأسبوع الأول من أكتوبر 2021 وفى الأسبوع الثانى من الشهر ذاته نجد مشاركة الرئيس فى قمة التاسعة لآلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص. 

 

الدول القوية تُبنى أولًا من الداخل لتحقق معدلات نمو وتنمية لمواطنيها، ثم تتحرك خارج حدودها وتلعب دورًا إقليميًا فعالًا ومحوريًا بل تلجأ إليها القوى الدولية لكى تكون ضامنًا أو فاعلًا فى أى مسار تفاوضى أو حل أى أزمة سياسية فى الإقليم.

 

الأقوياء لا يقفون إلا بجانب بعضهم، وهذا ما نجحت فيه الدول الثلاث مصر واليونان وقبرص، لقد استطاعت تلك الدول أن تصل إلى أعلى مستوى من التعاون والتنسيق للاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة فى شرق المتوسط وصارت منظمة غاز شرق المتوسط والتى مقرها القاهرة من المنظمات الفعالة ذات الأهمية على الصعيد العالمى وأمن الطاقة، وذلك نظرًا لما تمثله منطقة شرق المتوسط من أهمية كبرى باعتبارها إحدى المناطقة المهمة المنتجة والمصدرة للغاز فى العالم، كما تم خلال آلية التعاون الثلاثى التوقيع على اتفاقيات للربط الكهربائى بين مصر واليونان وقبرص عبر البحر المتوسط وبذلك تكون للمرة الأولى فى التاريخ أن يتم ربط إفريقيا بأوروبا عبر الطاقة الكهربائية، كما سوف يتم فى الفترة المقبلة تنفيذ مشروع ربط حقل أفروديت القبرصى بمحطات الإسالة المصرية فى كل من دمياط وإدكو على ساحل البحر المتوسط من أجل نقل الغاز من قبرص إلى مصر لإسالته وإعادة تصديره إلى قبرص فى المرحلة الأولى ثم بعد ذلك إعادة تصدير الغاز إلى دول شرق ووسط أوروبا.

 

جانب من المساعدات المصرية للهند
جانب من المساعدات المصرية للهند

 

 

مصر وأمريكا

 

حضور مصر أساسى وفعال لضمان نجاح أى تسوية سياسية فى المنطقة أو وقف الصراعات والحروب التى يشهدها الإقليم بين الحين والآخر، ولعل إدراك المجتمع الدولى والقوى الدولية لحيوية وفاعلية الدور المصرى يتأكد مع كل أزمة أو صراع ينشب فى المنطقة، ولعل الأحداث الأخيرة التى شهدها قطاع غزة من -عدوان غاشم على المدنيين الفلسطينيين- والدور الحيوى المصرى الفعّال والاتصالات التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل إنها الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة كانت فعالة وناجحة، وأدت إلى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ولعل هذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكى جو بايدن وشكره للرئيس السيسى على جهوده التى أدت إلى وقف العدوان على الشعب الفلسطينى. 

 

لقد استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى قيادة مصر فى تلك المرحلة الحرجة وأن يقنع العالم بأن مصر تخوض حربًا ضد الإرهاب نيابة عن العالم، وأن مقاومة الإرهاب تعد بمثابة حق من حقوق الإنسان، وأنه لابد أن يكون هناك إطار دولى شامل لمكافحته، ولعل هذا ما تمت ترجمته من قبل المجتمع الدولى باعتماد مجلس الأمن الدولى للقرار المصرى بشأن مكافحة خطاب وإيديولوجيات الإرهاب وأثره على التمتع بحقوق الإنسان. واعتماد رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى التى أعلنها خلال اجتماعات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التى عقدت بالرياض 2019 لتكون وثيقة أممية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

لقد استطاعت مصر فى السنوات الماضية أن تحقق قفزات على الصعيدين السياسى والاقتصادى وهو ما انعكس على حجم ودور مصر على الصعيد الإقليمى والدولى والعالمى. مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى انتقلت من الإقليمية إلى العالمية, مصر الآن لديها رصيد سياسى وحضارى وثقافى وعسكرى يمكنها من النهوض والحركة، الآن أصبح صوت الدولة المصرية أقوى وصداه يتردد فى العالم كله.