الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كيـف حمـت 30 يونيـو مصـر مـن 3 أزمـات عالميـة؟

الزراعة ركيزة مهمة للأمن القومى وتسهم بـ 15 % من الناتج المحلى
الزراعة ركيزة مهمة للأمن القومى وتسهم بـ 15 % من الناتج المحلى

اتخذت الدولة خطوات مهمة بزيادة الرقعة الزراعية لـ 9.7 مليون فدان لتحقيق الأمن الغذائى لمصر وحمتها من 3 أزمات عالمية، هى تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، وتغير المناخ، ووباء كورونا التى تسببت فى اضطراب شحن الحبوب، خاصة القمح الذى تعد مصر من أكبر مستورديه.



 

وتعتبر الدلتا الجديدة، «توشكى»، و«الريف المصرى الجديد» و«مستقبل مصر» أهم مشروعات للإنتاج الزراعى، الخاص بتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين وتصدير الفائض؛ لخفض فاتورة الاستيراد وتوفير النقد الأجنبى.

 

ولم تكتف الدولة بذلك بل قامت بتحديث منظومة الرى فى الأراضى القديمة لتأمين وصول المياه إلى جميع المناطق الزراعية. وقطاع الزراعة، هو إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد القومى يساهم بنسبة 15 % من الناتج المحلى الإجمالى، و17 % من إجمالى الصادرات السلعية غير البترولية بقيمة 3 مليارات دولار (بخلاف التصنيع الزراعى)، وحوالى 25 % من القوة العاملة.

 

استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية مرتفعة قليلة إستهلاك المياه
استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية مرتفعة قليلة إستهلاك المياه

 

توسع أفقى ورأسى

اتجهت الدولة إلى التوسع فى الرقعة الزراعية، سواء كان أفقيًا أو رأسيًا، لزيادة الإنتاج، إذ تبلغ مساحة المشروعات الزراعية الجديدة 5.2 مليون فدان، مقابل المساحة القديمة التى تسجل 9.4 مليون فدان.

وأهم مشروعات التوسع الأفقى (الاستصلاح الزراعى) الجارية تتمثل فى «الدلتا الجديدة» العملاق بمساحة 2.2 مليون فدان، تنمية جنوب الوادى «توشكى الخير» بمساحة 1.1 مليون فدان، «تنمية شمال ووسط سيناء» بمساحة 456 ألف فدان، و «تنمية الريف المصرى الجديد» بمساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى مشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان.

واعتمدت الدولة 6 محاور لتحقيق استراتيجية الأمن الغذائى تتمثل فى التوسع الأفقى من خلال إضافة أراضى جديدة فى ضوء الموارد المتاحة، التوسع الرأسى من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية وتطبيق ممارسات زراعية حديثة والتوسع فى الزراعات المحمية، زيادة تنافسية الصادرات الزراعية وتدعيم الصحة النباتية والحيوانية دعم القطاع الزراعى بزيادة الاستثمارات الموجهة له، تدعيم أنشطة الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى، تغيير الأنماط الاستهلاكية كإحدى الآليات لتخفيف الضغوط على الموارد. وتتمثل أهم دوافع التوسع الأفقى فى زيادة الرقعة الزراعية وتعويضًا عن فاقد الأراضى نتيجة التوسع العمرانى فى ظل محدودية الأرض، رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية وتحقيق الأمن الغذائى النسبى، ورفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية من وحدتى الأرض والمياه، زيادة الصادرات وتعظيم القيمة المضافة من المنتجات الزراعية، فضلًا عن تعميق مبدأ التنمية الاحتوائية والمتوازنة من خلال تواجد مشروعات التوسع الأفقى بالقرب من معظم محافظات الجمهورية.

وتتبنى الدولة برامج قومية لاستصلاح الصحراء فى إطار تدعيم ملف الأمن الغذائى وتدعيمًا لدور مصر الرائد فى تبنى مبادرات ومشروعات التكيف مع التغيرات المناخية ومكافحة تحييد وتدهور الأراضى الصحراوية.

 

زيادة الرقعة الزراعية ورفع نسبة الإكتفاء الذاتى هدف أساسى
زيادة الرقعة الزراعية ورفع نسبة الإكتفاء الذاتى هدف أساسى

 

وفى المشروعات الجديدة تقوم وزارة الزراعة بتقديم الدعم الفنى والعلمى للمشروعات من خلال الكوادر البحثية فى جميع التخصصات، توفير التقاوى المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية، الدعم بالميكنة الزراعية الحديثة خاصة معدات الزراعة والحصاد الحديثة، التعاون فى إنتاج التقاوى المعتمدة بأراضى المشروعات خاصة محاصيل القمح وفول صويا وعباد الشمس وتقاوى الخضر، والتعاون فى مجال الزراعة المحمية فى أنشطة الصوب التابعة لهذه المشروعات.

بينما يتمثل التوسع الرأسى فى زيادة إنتاجية الأرض المزروعة بالفعل من خلال استنباط أصناف جديدة مبكرة النضج وذات إنتاجية مرتفعة للفدان واحتياجات مائية منخفضة وقدرة على مقاومة الأمراض وتحمل التقلبات والتغيرات المناخية، وزيادة نسبة التغطية من التقاوى المعتمدة، وتطوير الممارسات الزراعية المتبعة، واعتماد الخريطة الصنفية للمحاصيل الاستراتيجية، وتطوير الميكنة الزراعية ومشروعات الابتكار الزراعى. 

مجمل هذه المشروعات الزراعية مرتبطة بالصناعة والتصدير وبالتالى حينما تحدث تنمية فى القطاع الزراعى تتبعه تنمية فى القطاعات الأخرى بما يعود بالفائدة على الاقتصاد القومى بشكل مباشر من خلال زيادة الصادرات وتعزيز القيمة المضافة.

تنمية شاملة

وقال الدكتور جمال عبدربه، عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر، إن تنفيذ تلك المشروعات سيعزز الأمن الغذائى المصري؛ سواء من خلال الاستهلاك المباشر أو عن طريق القيمة المضافة وعمليات التصنيع؛ كما يساعد على توليد كميات من الأكسجين تحقق نقاء للبيئة وتكون أحد أساليب التكيف مع التغيرات المناخية.

مضيفًا أن هناك عدة أهداف استراتيجية لمستقبل تحقيق الأمن الغذائى المصرى؛ منها الحفاظ على الموارد الاقتصادية مع إحداث تنمية شاملة واحتوائية وفى ذات الوقت تستهدف التكيف مع التغيرات المناخية، وذلك بهدف الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها، وتقليل فجوة الاستيراد، وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، فضلًا عن توفير المزيد من فرص العمل خاصة للمرأة والشباب.

وتتضمن الأهداف الاستراتيجية أيضًا إقامة مجتمعات زراعية جديدة ومتكاملة، تدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية فى الأسواق المحلية والدولية، والتكيف مع التغيرات المناخية.

وقال الدكتور محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن تكلفة الاستصلاح كبيرة وتتجاوز الــ 250 ألف جنيه لكل فدان؛ وخلال الأعوام الأخيرة بذلت الدولة جهودًا كبيرة؛ لتنفيذ عدد كبير من مشروعات استصلاح الأراضى بإجمالى 5 ملايين فدان جديدة؛ ما يعنى زيادة الإنتاج من أجل الاستهلاك المحلى وزيادة التصدير وتقليل الواردات وكل هذا يحقق هدف زيادة درجة الأمن الغذائى الذى يعتبر جزءًا من الأمن القومى المصرى.

وعملت الدولة على توفير البنية التحتية التى تخدم هذه الأراضى عن طريق شبكة الطرق والأنفاق وكذلك المشاريع القومية لمعالجة المياه ولتوفير الموارد التى يتم استخدامها فى زيادة المساحات المنزرعة والاستفادة من الأراضى التى يتم استصلاحها.

وأوضح، تستند استراتيجية الدولة إلى توجيه الجانب الأكبر من هذه أراضى مشروعات التوسع الأفقى فى المحاصيل الاستراتيجية بما يساهم فى تخفيض الفجوة.

 وغالبية الأراضى المستصلحة حديثًا تتم زراعتها بالقمح شتاءً، والفول والشعير صيفًا، لتحقيق زيادة إنتاج تلك المحاصيل.

وهذه المشروعات تدعم قطاع التصنيع الزراعى باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية الداعمة للاقتصاد الوطنى، وتساعد فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الحاصلات الزراعية ودعم فاتورة تصديرها إلى الأسواق العالمية، كما تضمن توفير الآلاف من فرص العمل للشباب سواء فرص مباشرة أو غير مباشرة بالقطاع الزراعى.

 

تعزيز الأمن الغذائى والقيمة المضافة من خلال التصنيع
تعزيز الأمن الغذائى والقيمة المضافة من خلال التصنيع

 

وأكد الدكتور على إسماعيل مدير معهد الأراضى والمياه السابق، أن أنماط الزراعة فى هذه المشروعات الكبرى تتميز باستخدام الزراعات الذكية والابتكار الزراعى، واستخدام الميكنة الحديثة على نطاق واسع، التوسع فى أنشطة التصنيع الزراعى والأنشطة الأخرى المرتبطة بها، وخلق تجمعات تنموية جديدة، تلافى مشكلة التفتت الحيازى، مع تعظيم شراكة القطاع الخاص فى كل المراحل (الاستصلاح – الزراعة – الأنشطة الأخرى المرتبطة).

وتعتمد هذه المشروعات على التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة واستخدام آليات الذكاء الاصطناعي؛ بداية من الزراعة وحتى الحصاد بما يقلل بقدر كبير من الفاقد ويعظم الإنتاجية ويحسن من جودة المنتجات الزراعية ويرشد استخدام المياه، وزراعة محاصيل استراتيجية مثل القمح والذرة والبقوليات والمحاصيل الزيتية بهدف خفض الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك.

 

إقامة مجتمعات زراعية متكاملة تدعم القدرة التنافسية
إقامة مجتمعات زراعية متكاملة تدعم القدرة التنافسية

 

 

أضاف «إسماعيل»، أن استصلاح الصحارى يمر بالعديد من المراحل والإجراءات التى تستغرق وقتًا وجهدًا وبتكلفة كبيرة من كل الجهات والوزارات ذات الصلة المعنية؛ تتمثل فى إجراء دراسات استكشافية للأراضى المستهدف التوسع فيها للتأكد مبدئيًا من صلاحيتها للزراعة من حيث الخواص الظاهرية، وفى ضوء ذلك يتم دراسة مدى توافر المياه ومصادرها، ويعقب ذلك إجراء الدراسات الميدانية التفصيلية لحصر وتصنيف وتحديد درجة صلاحية الأراضى للزراعة.

 

دراسات تفصيلية لتحديد صلاحية الأراضى للزراعة
دراسات تفصيلية لتحديد صلاحية الأراضى للزراعة

 

وبعد ذلك يتم تخطيط البنية التحتية من طرق وكهرباء واتصالات وأنشطة مرتبطة أخرى، مع تخطيط إقامة محطات معالجة المياه وحفر الآبار الجوفية ومد الترع وتحديد مسارات المياه والبنية الأساسية، وبالتوازى مع ذلك يتم تنفيذ عمليات الاستصلاح والتسوية وتجهيز الشبكات الداخلية تمهيدًا للزراعة، ثم تحديد التراكيب المحصولية واختيار أساليب الزراعة والرى المناسبة على ضوء ذلك. وأوضح أن كمية المياه لدينا تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل وتصل إلى 60 مليارًا بإضافة مياه الأمطار والمياه الجوفية، بينما احتياجات مصر السنوية حوالى 80 مليار متر مكعب؛ وتحاول الدولة أن تغطى هذا العجز من خلال مشروعات إعادة تدوير المياه؛ حيث تم إنشاء محطة لمعالجة مياه بحر البقر بتكلفة 18 مليار جنيه، وتنتج مليارى متر مكعب مياه سنويًا؛ سوف تذهب إلى سيناء، بينما سيتم إنشاء محطة ثانية على ترعة الحمام بطاقة 6 مليارات متر مكعب فى السنة، من أجل استصلاح الأراضى فى الدلتا الجديدة.