الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
سيد العلم والمعرفة

سيد العلم والمعرفة

أثرت الثقافة الإسلامية فى الإبداع العالمى تأثيرًا كبيرًا، ومن الكتب المهمة التى أبرزت ذلك كتاب «الخضر فى التراث العالمى» للشاعر والكاتب المبدع د.محمد أبوالفضل بدران، وقد صدر الكتاب حديثًا عن دار المعارف.



لقد تحول لقاء المعرفة بين العبد الصالح «الخضر»، والنبى موسى عليه السلام فى سورة «الكهف» إلى لقاء معرفى يتدارسه الكتاب والشعراء والباحثون عن حقيقة الحياة، وأهم كنوزها وهو العلم، والبحث عن أمل الإنسان فى الخلود، فالخضر فى التراث الشعبى هو الذى شرب من ماء الحياة فكان له الخلود، استلهمه الشعراء العرب فكانت هناك المئات من القصائد التى تناول أصحابها الخضر معلماً وهادياً فكتب عنه المتنبى، وأبوتمام، والمعرى، فالخضر حاضر فى الإبداع العربى المعاصر أيضًا فقد استلهمه الغيطانى، ويحيى الطاهر عبدالله، والطيب صالح، كما استلهمه الشعراء الألمان، وقد ترجم محمد أبوالفضل بدران فى كتابه قصيدة بديعة للشاعر الألمانى فريدرش ريكرت بعنوان «خضر»، التى تأثر فيها بنص للقزيونى فى كتابه «عجائب المخلوقات»، وتعد هذه القصيدة لريكرت من درر القصائد الألمانية التى لفتت الأدباء الألمان نحو شخصية الخضر وتوظيفها فى الأدب والمسرح، فقد رأى فيه المبدعون رؤية فنية للخلود ورمزاً للحضور والتجدد والشباب الذى لا يهرم، بل وكثرة الأسفار والتجوال، كما أنه سيد الأولياء الحاضر فى الذاكرة الجمعية والإبداعية للشعوب ولذا يقول بدران: «إن الخضر تحول إلى أسطورة فى التراث الإنسانى تتجاوز حدود الشخصية لمناقشة قضايا الإنسان عبر العصور، مُعززاً مقولة المفكر السويسرى كارل يانج «هناك لا شعور جمعى هو مخزن تجاربنا كجنس بشرى، نوع من المعرفة مررنا به عبر القرون يؤثر على كل تجاربنا وسلوكنا إلى أقصى حد».

ويحتفل السوريون فى مدينة «درعا» بعيد الخضر، ويحتفل بالعيد نفسه الأتراك فى مدينة «ترابزون» التركية، أما «خميس الخضر» فيحتفل به المسيحيون والمسلمون معاً فى مدينة «حماة» السورية حيث يجمع الأطفال باقات الزهور، ويضعونها فى أوعية بها ماء، ثم يغسلون فى الصباح وجوههم بماء الزهر، ويتنزهون فى البساتين.

ويذكر د.أحمد شمس الدين الحجاجى أنه قد جمع قصة يذكرها أهل الأقصر فى مصر عن الخضر عليه السلام حامى النساء والمدافع عنهن فى طريق وعرة، وتُذكر هذه القصة نفسها عن القديس مارى جرجس، ويفسر ذلك بأن روح الولى والقديس فاعلة فى حياة الإنسان تقدم له الخير، وهو يقدم لها التبجيل والاحترام.

ويشير بدران إلى أن ألف ليلة وليلة قد ذكرت «بلوقيا» الذى اغترب عن مصر، وشكا للخضر بعد الديار، حيث قدَّرها الخضر بمسيرة خمسة وتسعين عاماً لكنه حمل الرجل إلى مصر فى خطوة واحدة بعد أن تقبل الله دعاءه.

ستظل الثقافة الإسلامية ملهمة للإنسان فى كل زمان ومكان،ويظل القرآن الكريم نوراً معرفياً ملهماً للفكر والإنسانية.