السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أكل عيــش فــى شــهر البركـــة!

صناعة الكنافة .. تجذب فئات عديدة من الرجال والنساء
صناعة الكنافة .. تجذب فئات عديدة من الرجال والنساء

كنافة، قطايف، عِرْق سوس، خُشاف، وسوبيا.. المسحراتى ودقات الطبلة المميزة قبل الفجر.. شوارع مليئة بالزينة.. فوانيس أشكال وألوان.. جميعها عادات رمضانية، يشهدها الشهر الكريم، وهو أهم الأوقات الشهيرة برواج المهن الموسمية، والتى يعمل بها عشرات الآلاف من العمالة، وتحفز البعض على تغيير أنشطتهم التجارية المعتادة، والاستفادة من ارتفاع الطلب على منتجات محددة لتحسين دخولهم، وهناك مهن أخرى تستغل الشهر الكريم لتجديد مقراتها وتطويرها.



للمصريين والشعوب العربية، عادات رمضانية تتعلق بالغذاء، فلا تخل مائدة إفطار  من التمر والعصائر، وعلى رأسها المشروب الشعبى «عِرْق سوس»، وأطباق المخللات الفاتحة للشهية، و«الكنافة والقطايف»، التى تتفنن السيدات فى إعدادها، وغيرها من الوجبات ذات المذاق الخاص.

وفى أجواء كهذه تنشط حركة العديد من الأنشطة الموسمية، مثل صناعة العجائن، وزينة رمضان، إلى جانب انتشار تجارة الياميش من «التمور والزبيب والتين والقراصيا والمشمشية والمكسرات».

فرص عمل

الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، يوضح أنه من الطبيعى ارتباط كل موسم بأنشطة اقتصادية خاصة، ويمثل شهر رمضان فى مصر بصفة خاصة، نشاطا لبعض القطاعات؛ وبخاصة الصغيرة والمتناهية الصغر، مثل تجارة الياميش والحلوَى، ومع نهاية الشهر يتكثف رواج تجارة الملابس والمنسوجات، وهى أنشطة مرتبطة بعادات المصريين. 

ويضيف «السعيد» إن هذا الوضع لا يقتصر على مصر فقط؛ فجميع أنحاء الدول ينشط بها بعض المهن خلال أوقات معينة من العام، وهو أمر يحدث بشكل مؤقت، وليس له أى تأثير على الاقتصاد الوطنى، ولكنه يطرأ تأثيرًا على اقتصاد الأفراد والأسر بوجه عام.

وأشار السعيد إلى أن الصناعة المحلية تستوعب أعدادًا كبيرة من العمالة مما يساهم فى حل أزمة «للبطالة»؛ خصوصًا أنها منتجات رائجة فى هذا الموسم.

وأشار إلى أن إنفاق مَبالغ طائلة خلال الموسم الرمضانى، ليس نوعًا من الإسراف كما يراه البعض؛ ولكنه يستوعب أزمة البطالة، يزيد عن حجم الطلب، ومن ثم المبيعات، وبالتالى رواج التجارة فى السلع الموسمية؛ وبخاصة الغذائية، بنسبة تزيد على 5 أضعاف حركة التجارة فى باقى أشهُر السنة.

وقال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إنه مع حلول شهر رمضان ينشط كل ما له صلة بالشعائر الدينية، فهناك العديد من المنتجات مثل المفروشات والملابس والأدوات المنزلية، والمدعمة بالفولكلور الرمضانى، تجد إقبالاً ضخمًا من المستهلكين.

 

المشروبات الرمضانية .. عادة كل عام
المشروبات الرمضانية .. عادة كل عام

 

وفرَّقَ «جاب الله» بين التجارة الرسمية، والاقتصاد الموسمى، ففى الأولى يحدث رواج لبعض المتاجر؛ وبخاصة المعروفة التى يثق فيها عملاؤها، فى حين أن أصحاب المهن الموسمية يجنون ثمار تجارتهم بشكل غير رسمى.

وشدد «جاب الله» على ضرورة التنظيم الرسمى لرواد الأعمال متناهية الصغر؛ حيث إنه لا رابط بينهم سوى المناسبات الرسمية، ودائمًا ما يغيرون فى شكل منتجاتهم بما يتفق مع طبيعة الموسم الذى يبرزون فيه جهودهم، فالاهتمام بهذه الشريحة يدمجهم فى السوق الرسمية للدولة، بدلاً من السوق الموازية للاقتصاد الرسمى.

ويشير «جاب الله» إلى أن التجارة فى المنتجات الوطنية الصنع، تلقى إقبالاً من المصريين والعرب من المقيمين على أرض مصر، ولكنَّ هناك تباينًا بين تلك الجنسيات فى شكل عرض المنتجات، ومن ثم اختلاف أسعار البيع لنفس المنتج، ولكن فى النهاية يصبان معًا فى مصلحة الاقتصاد الوطنى، من حيث النمو والازدهار. وشدد «جاب الله» على ضرورة دعم تلك التجارة والصناعات الموسمية، لتوفير العملة الصعبة التى تتكبدها الدولة فى حالة الاستيراد من الخارج.

وأكد الخبير الاقتصادى، على ضرورة هذا الدعم، فمصر أصبح بها صناعة الفوانيس على سبيل المثال، بعد أن كانت تستورد احتياجاتها من الصين بنسبة 100 %.

زينة رمضان

من جهته يؤكد الدكتور وليد مدبولى، الخبير الاقتصادى، أن أبناء مصر دائمًا مبدعون فى التميز وجودة الصناعة اليدوية، مع غزارة الإنتاج، رغم وجود تحديات تواجه تلك الصناعات، على رأسها عدم وجود أماكن ثابتة لها، تمكنها من النهوض، وكذلك عدم انتمائهم لنقابة تجمعهم كمظلة قانونية تدعمهم؛ حيث يمكن لتلك المهن توفير 5 مليارات جنيه للدولة بشكل مبدئى.

فى حين قال محمد أنيس، الخبير المالى والمحلل الاقتصادى، إنه من الصعب حصر تلك الأنشطة، لخروج أغلبها عن الإطار الرسمى، إلى جانب أن العمالة بها تحقق عائدًا اقتصاديًا مريحًا لها، رغم أنها غير منتظمة.

 

مبدعون فى الصناعات اليدوية
مبدعون فى الصناعات اليدوية

 

وشدد «أنيس» على ضرورة إخضاع هذا النوع من الاقتصاد غير الرسمى للأنظمة الضريبية بالدولة، والرقابة عليه لعدم الوقوع فى مَخاطر تعود بالسلب على الاقتصاد الوطنى، أو تسبب مَخاطر صحية للمستهلك؛ وبخاصة فى المواد الغذائية الأكثر استهلاكًا، كما يمكّن ذلك الدولة من التحكم فى مستوى التضخم «زيادة الأسعار»، إضافة إلى التأكد من جودة المنتج.