الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
بركات أسامة أنور عكاشة

استراحة مشاهد

بركات أسامة أنور عكاشة

عنصر مشترك وفارق كبير يجمعان تجربتى الجزء السادس من «ليالى الحلمية»، ومسلسل «راجعين يا هوى»؛ الأول عرض فى يونيو 2016، والثانى معروض فى السباق الدرامى الرمضانى 2022. الأول نسيه الجمهور سريعًا حتى إن جوجل استغرق وقتا أطول عن المعتاد ليدلنى على موعد العرض الدقيق، فيما الثانى حظى بترحيب واسع منذ الحلقة الأولى.



العنصر المشترك هو أسامة أنور عكاشة بالتأكيد، فالجزء السادس من الحلمية انتقى بعض الشخصيات البارزة فى الخماسية الخالدة وأكمل الأحداث برؤية صناعه. أما «راجعين يا هوى» فمأخوذ عن مسلسل إذاعى كتبه عكاشة عام 2003، وقام ببطولته يحيى الفخرانى ومعالى زايد، فلماذا أخفق الأول وحقق الثانى قبولاً نتوقع أن يستمر حتى هلال العيد؟

إجابة السؤال هنا يبرزها الفارق الكبير؛ المشروع الأول راهن على استعادة شخصيات عكاشة التى حفظها الجمهور وكبروا معها، وكبرت هى أيضًا ولم يعد منطقيًا أن يراها على الشاشة بعد قرابة ثلاثين عامًا من انتهاء الجزء الخامس. أما «راجعين يا هوى» فاعتمد على اختلاف الوسيط، فالمسلسلات الإذاعية لا تحفظها الذاكرة طويلاً. ولا تزيد مدة حلقته يوميًا على 15 دقيقة بالتيترات، أى ثلث المدة الإجمالية للمسلسل التليفزيونى، بجانب كل ما يتعلق بالمتغيرات بسبب دخول الصورة إلى المشروع من زيادة أماكن التصوير والشخصيات وتفاصيل لا حصر لها. كل ذلك جعل مهمة السيناريست محمد سليمان عبدالمالك أكثر مرونة، بل جعلته شريكًا فى النجاح الذى انطلق من بركات أسامة أنور عكاشة التى لا تخبو أبدًا، لكنه – عبدالمالك - صنع أحداثًا ومواقف درامية تضيف الكثير لمشواره كسيناريست، ونجح فى أن يضيف للعمل الجديد ما يجعله مغايرًا عن الأصل عكس أعمال أخرى - خصوصًا الممصرة حديثًا- تلتزم بالأصل الأجنبى دون مراعاة اختلاف المجتمع والظروف.

 

خالد النبوى
خالد النبوى

 

جذب «راجعين يا هوى» الجمهور مبكرًا، لأنه استفاد من الأصل الدرامى ثم اجتازه ليقدم عملاً معاصرًا بروح التسعينيات، التى اتضح سريعًا أن قطاعًا كبيرًا من الجمهور يبحث عنها. وبدا وكأن الممثلين أنفسهم كانوا يشتاقون لهذا النوع من الدراما. من الصعب الحصر فالعمل جماعى بامتياز، لكن خالد النبوى يمثل شخصية «بليغ أبوالهنا» من منطقة لم يعتدها الجمهور من قبل، ليثبت أنه قادر على التلون وأن فترات الابتعاد التى أنهاها مؤخرًا بالتواجد المتكرر، حرمتنا من تنوع كبير لا يقدر عليه إلا ممثل قدير. على الخط نفسه فإن شخصيتى نور وهنا شيحة ساعدتهما على تقديم أداء مختلف عن المعتاد منهما، وأتوقع أن تنال نور تحديدًا إشادات تفوق التى حصلت عليها بعد «البرنس» و«جمال الحريم». وللمخرج محمد سلامة بالقطع دور أساسى هنا، ليس فقط فى توجيه كل ممثل، بل فى السيطرة على المشاهد الجماعية التى تمتلئ بها الأحداث.

ما زلنا مع الممثلين، لكن نعود لنجاح محمد سليمان عبدالمالك فى صناعة بصمة مختلفة لكل شخصية، تجعل الناس تتابع الحروب الثنائية بين كل متضادين بدون النظر إلى أن أنوشكا قدمت الأرستقراطية من قبل، ووفاء عامر جسدت السيدة الشعبية كثيرًا، فهناك روح مختلفة يحبها الجمهور المخلص للدراما الكلاسيكية امتدت لشخصيات الشباب الذى يمثل الجيل الباحث عن منقذ، بسبب انهيار منظومة القيم التى أفنى عكاشة حياته المهنية فى العمل على حمايتها من السقوط الأخير.

«راجعين يا هوى» يقدم إسلام إبراهيم وإسلام جمال وسلمى أبو ضيف وجلا هشام وشريف حافظ بشكل جديد، مع اكتشاف مختلف لنور خالد النبوى، ومنح المخضرم أحمد بدير مساحة كافية للعودة من جديد لأدوار «المزاج العالى». دون إغفال البصمة التى يتركها ممثلون كبار كتميم عبده وهناء الشوربجى وطارق عبدالعزيز، ومع التأكيد على أن الحالة اكتملت بموسيقى خالد حماد وكلمات وألحان عزيز الشافعى وتامر حسين بصوت مدحت صالح فى أغنية «حنيت للبيت»، التى مهدت للأجواء التى سيعيشها جمهور المسلسل، فيما لم تفلح تحفة محمد الحلو قبل 6 سنوات فى لفت الانتباه للعودة غير الموفقة لـ«ليالى الحلمية».