الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
لســه الأفــلام ممكنــة؟.. أكيــد

لســه الأفــلام ممكنــة؟.. أكيــد

مع الاحتفال بجوائز أوسكار لعام 2022 والأفلام التى فازت والأفلام التى رشحت لنيل الجائزة الرفيعة تجادلت الآراء وتشابكت المواقف حول ما شاهدناه هذا العام من أفلام وتمثيل وإخراج وسيناريو وموسيقى.. تلك الخلطة السينمائية المبهرة والمبهجة التى أضافت بعدًا جديدًا لمكونات الجمال فى حياتنا.. ولسبل تذوقها.



 

لا يمكن الحديث عن أفلام هذا العام دون الإشارة إلى المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون وفيلمها المميز «قوة الكلب».. وهى تتناول النفوس البشرية بما فيها من طموحات وإخفاقات ومشاعر قلق وشر.. عمق التشريح مع بساطة القصة والمكان.. وقوة الكلب هذا التوصيف من سفر المزامير (الكتاب المقدس العهد القديم) ومعناه فى بضع كلمات القوة الشريرة والمدمرة التى قد تكمن داخل الإنسان وقد تؤذيه وتلحق الضرر به فى وقت ما.. أحداث الفيلم تدور فى ولاية مونتانا فى الغرب الأمريكى عام 1925.. وهذا هو الفيلم العاشر لصاحبة فيلم «بيانو» الشهير - 1993.

وبما أن هذا الفيلم من إنتاج نتفليكس.. وأفلام أخرى جيدة لفتت الأنظار وهى من إنتاج أبل بلس وهولو وآمازون وغيرها من منصات الأفلام.. فإن مشاهدة هذه الأفلام فى السنوات الأخيرة عبر المنصات صارت ظاهرة سينمائية أمريكية عالمية تلفت الأنظار وتجذب ملايين من المشاهدين من أغلب دول العالم.. الفيلم يأتى إليك أينما كنت.. خاصة مع انتشار الجائحة وأغلب دور السينما أغلقت خلال عام 2020. وهنا أذكر بأن حجم مبيعات تذاكر السينما على مستوى العالم كان 21.3 مليار دولار فى عام 2021.. بينما كان قد وصل هذا الرقم فى عام 2019 إلى 42.3 مليار دولار!!

وبالطبع الفيلم اليابانى «قودى سيارتى» للمخرج ريوسوكى هاماجوتشى (43 عامًا) فيلم جميل وعظيم لا يمكن تجاهله بما تضمن من تناول عميق وصادق وجرىء للنفس البشرية من خلال حياة مخرج مسرحى.. ومن خلال مسرحية «الخال فانيا» للعظيم الروسى أنطون تشيخوف.. وحوار وتمثيل بعدة لغات ومنها لغة الإشارة فى اللغة الكورية.. كل هؤلاء جمعهم حب التمثيل والرغبة فى اكتشاف الذات. والفيلم مستوحى من قصة للروائى اليابانى هاروكى موراكامى وتكلف إنتاجه 11 مليونًا فقط.

 

 

 

وأيضًا مشاهدة فيلم CODA الأمريكى تسحر المشاهد وتبهره خاصة أنه عن عائلة كل أفرادها من الصم.. إلا الابنة تسمع وتتكلم.. والكل يعمل فى صيد الأسماك وبيعها.. وفى ألفة وحميمية وتواصل إنسانى دافئ.. الابنة روبى تكتشف لديها موهبة الغناء ومن ثم تسعى لصقل موهبتها.. فيلم بسيط وعميق وجميل للغاية تشارك فيه فى دور الأم الممثلة مارلى ماتلين وهى الصماء منذ الشهر الـ18 من ميلادها.. مارلى ماتلين (56 عامًا) التى فازت بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عام 1986 عن دورها فى فيلم Children of lesser God وكانت فى الـ21 من عمرها.. وهى الممثلة التى ألّفت من قبل كتابًا عن تجربتها وخبرتها فى الحياة بعنوان: لا أحد يعد مثاليًا أو كاملاً.. عام 2007 ثم كتابًا آخر بعد عامين بعنوان: سوف أصرخ فيما بعد.

أنا لا أتناول هنا أفلامًا بالتحليل والنقد.. بقدر ما التفت إليها وإلى تميزها وإلى صانعيها وإبداعهم.. لأننى أجد فى هذه الالتفاتة فرصة لتأمل الحياة وأهلها.. الفيلم محطة أمر بها لبعض الوقت للملمة نفسى وهى ضرورية لاستئناف رحلتى مشوار عمرى من جديد. قد أنسى تفاصيل الفيلم إلا ألا تتركنى لقطة ما أو عبارات من الحوار وتشد انتباهى وأنا أشاهد هذا الفيلم. عفوًا الفيلم لقاء وحوار وتواصل وتصادم وراحة وقلق ورحرحة وفضفضة.. وكل ما يداعب خيالك ويعطيك زاوية أخرى للنظر إلى نفسك وإلى الآخرين من حولك.

ولا يتردد عشاق السينما فى القول بأن الأفلام مازالت قادرة على جذب انتباهنا وإبهارنا وإمتاعنا.. وطبعا البركة فى أصحاب الأفكار الجديدة والرؤى الإبداعية الذين يتحدون الواقع بكل أثقاله ويقدمون شريطًا سينمائيًا.. بساطًا سحريًا يأخذك إلى آفاق جديدة لم تلتفت أنت إليها من قبل.. أو أنك التفت إليها ولكن من زاوية اعتدت عليها وربما مللت منها.

السينما لم تفقد بعد سحرها الخاص وسرها المتميز فى تناول حياتنا ودنيانا أينما كنا وأينما نريد أن نكون.. ومازالت تحافظ على صدقها الفنى وجرأتها فى تناول القضايا مهما كانت شائكة.