الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عـلاج الســرطان... بالعصير!

عـلاج الســرطان... بالعصير!

إذا كنت تظن أن عمليات النصب التى تجرى فى الموالد وتباع فيها بعض الخلطات، مثل «شربة الحاج سيد» التى تشفى من كل الأمراض، لاوجود لها إلا فى بلدنا، فإليك هذه الوقائع التى تجرى فى بريطانيا.. وفى قلب عاصمتها لندن.



فهناك عمليات نصب شبيهة، لكن على الطريقة الإنجليزية.. 

جمعيات خيرية مسجلة رسميًا، تدعى علاج السرطان بالعصير!

 

فمنذ سنة 1997 قام جماعة من النشطاء بتشكيل جمعية وتسجيلها رسميًا لدى السلطة المختصة فى الدولة كجمعية خيرية طبية تهدف لتشجيع التوصل إلى «أدوية بديلة» تعالج الأمراض الخطيرة التى تهدد حياة الناس، مثل السرطان بأنواعه..وأطلقوا عليها اسم «مجموعة جيرسون للمساندة».. وكانت تروّج لطريقة علاج خاصة بها تسميها «العلاج الغذائى» تتضمن نظامًا غذائىًا خاصًا مكونًا من أغذية نباتية عضوية، وأغذية إضافية، كما تشمل عصائر طازجة.

قالت الجمعية إنها تدخل فى برنامج العلاج الغذائى الذى يهدف إلى أن «يستعيد المصاب صحته» حسب دعاياتها ونشراتها.

ومضى ربع قرن كانت الجمعية تواصل فيه نشاطها تحت مظلة الخدمات الخيرية، إلى أن قررت هيئة الجمعيات الخيرية الأسبوع الماضى، شطبها.. وسحب صفتها الخيرية، لماذا؟

 

 

 

لأن شكاوى عديدة قالت إن ما تقوم به هذه الجمعية ليس إلا عمليات نصب، وغش، ولعب على عواطف وأعصاب المرضى وذويهم بإيهامهم بأن ما تقدمه تحت لافتة «العلاج الغذائى» يعالج السرطان.. بينما لم يتم شفاء أى مريض استجاب لدعايات وإلحاح بيانات الجمعية. 

وتجاوبًا مع هذه الشكاوى طلبت هيئة الجمعيات الخيرية من «مجموعة جيرسون» أن تقدم أدلة علمية إيجابية على جدوى برنامجها المسمى «العلاج الغذائى».. لتأكيد ما تدعيه فى دعاياتها.

ولما فشلت الجمعية فى تقديم هذا الدليل، صدر القرار بشطبها من سجلات الجمعيات الخيرية، وذلك بعد أن شددت الهيئة مراقبتها لنشاطات الجمعيات التى توفر وسائل علاج بديلة، وزادت من شروطها وقيودها على هذه الجمعيات.

ففى عام 2018 أجرت الهيئة مراجعة تبين منها أنه حتى تتحقق المصلحة العامة المستهدفة من نشاطات ومنتجات «العلاج بالأدوية البديلة.. والنظم الغذائية» من خلال الجمعيات الخيرية، يجب على هذه الجمعيات تقديم أدلة تثبت علميًا صحة ما تروجه من أن هذا العلاج قادر على تحقيق ما تدعيه.

ونتيجة لتقرير مراجعة موقف هذه الجمعيات تم لأول مرة شطب جمعية من السجلات الرسمية للجمعيات المعتمدة، وقالت الهيئة إنها تقوم بتحقيق موسّع حول حالات جمعيات مشابهة، وأنها حذرت الجمعيات العاملة فى هذا المجال. 

وتقول «هيلين إيرنر» مديرة مراقبة الجمعيات: إن «مجموعة جيرسون» قررت حل نفسها بعدما فقدت صفتها الخيرية لعدم قدرتها على تقديم أدلة علمية على ما تعلنه من القدرة على شفاء المرضى المصابين بأمراض مزمنة تهدد حياتهم..بأغذية عضوية وعصائر.

فالصفة «الخيرية» المعترف بها تقوم على مهام ومسئوليات محددة وواضحة. والقانون واضح فى أنه على كل الجمعيات التى ترغب فى الحصول على الصفة «الخيرية» أن تثبت أنها تقدم منافع للناس.

وأضافت: وبعد مراقبتنا وتدخلنا فى الأمر، تم شطب «مجموعة جيرسون للمساندة» من سجلاتنا، وتصفيتها.

والطريف فى الأمر أن الأمير شارلز ولى عهد بريطانيا، وقع ضحية لدعايات هذه الجمعية بالذات حيث أشار إليها فى عام 2004 فى خطبة له عن «العلاج بالأدوية البديلة.. ورعاية المصابين بالسرطان» معبرًا عن تشجيعه وترحيبه بها وبنشاطها المفيد!

 وعندما واجهت الصحافة مساعديه بما جرى من فشل الجمعية فى إثبات أن ما تقدمه من «أدوية بديلة» يقوم على أساس علمى، وشطبها وحلها نهائيًا، طالبة الحصول على رده وتعليقه، لم تتلق ردًا!

وعندما سئلت هيئة الجمعيات الخيرية عن عدد الجمعيات التى تم التحقيق معها حول ادعاء علاج السرطان بالعصير، لم ترد!

وهكذا وبعد ربع قرن من النصب الرسمى على الناس، تمت تصفية العصابة.. لكن الغريب أن أحدًا لم يرفع دعوى تضليل ونصب على «مجموعة جيرسون»؟!