الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الأزمة العالمية والاقتصاد الحقيقى

الأزمة العالمية والاقتصاد الحقيقى

يُعَرَف الاقتصاد الحقيقى بأنه الجزء المرتبط بالصناعة والأنشطة الخدمية من ثروة وموارد دولة ما, هو اقتصاد يقوم على إنتاج حقيقى صناعى وزراعى، وعلى خدمات ذات قيمة مضافة، وعلى تجارة وسياحة، وغيرها من أنشطة إنمائية, أما الاقتصاد الافتراضى، فهو اقتصاد قائم على المضاربات، ويشمل؛ أسواق العقار والمال، وشركات التمويل والرهن والتأمين. إنه اقتصاد قائم على استخدام الدَينَ فى شراء تمويل أو ائتمان، أو فى شراء دَينَ آخر، أى سلسلة من الديون والمعاملات المالية، كلها تكسب هوامش ربح من بعضها البعض دون أن يضيف هذا فى الغالب لقواعد الإنتاج شيئًا سوى توفير بعض التمويل والائتمان, مثَلُ هذا كمَثَلُ المطور العقارى الذى يبيع الشيكات التى يحررها له العملاء للبنوك، مقابل نسبة جيدة من قيمتها، مما يتيح للمطور تمويلًا جديدًا يستخدمه فى دورة رأس مال جديدة، وهكذا، وهو ما اصطلح على تسميته باتفاق توريق, وحال تعثر العملاء المشترين فى سداد الشيكات، فإن هذا الأمر يضر ويضرب البنك وحده فى كثير من الاحيان، مثلما حدث إبان الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى ضربت العالم عام 2008، ولولا أن العالم كان لديه اقتصاد حقيقى، لما استطاع تجاوز الأزمة بثبات, ومن طبائع الاقتصاد الافتراضى أنه يكسب كثيرًا وسريعًا، لكنه لا يبنى قواعد اقتصادية مستدامة، ولا يضيف للاقتصاد الكلى بقدر يتناسب مع استثماراته وحجم أعماله الضخم, أموال هذا النوع من الاقتصاد تكون فى أحيان كثيرة ساخنة، لا تبقى داخل الهياكل الاقتصادية والمالية للبلاد، فأمواله ديناميكية ليس لها وطن ولا عنوان، وهى باحثة دومًا عن المكسب السريع فى أى وكل مكان، داخل وخارج البلاد. إنه نوع من الاقتصاد ينهار مع أول عجز فى سداد الائتمان أو فى حركة البيع والشراء, وعلى عكس ذلك تمامًا يكون الاقتصاد الحقيقى، فدورة رأس ماله بطيئة، إنما راسخة أكيدة، وكل جهد يبذل فيه، واستثمار يضاف إليه، وتكنولوجيا تلحق به، يقابلها مردود إنتاج أكثر، وقيمة مضافة أعلى، وتشغيل اكثف. وينعكس كل هذا فى ارتفاع محمود فى القوة الشرائية للعملة المتداولة, وفى مصر يجب أن نتنبه لهذين النوعين من الاقتصاد، خاصة فى هذه الظروف الاقتصادية العصيبة التى يمر بها العالم الآن، ومصر جزء لا يتجزأ منه, لذلك على المصريين زيادة معدلات العمل والإنتاج، وعليهم الاقتصاد والاقتصار فى كل شىء، والإقلاع عن سلوكيات المضاربة الضارة باقتصاد بلادهم - من العملة إلى السلعة مرورًا بالعقار.



طبيعى أن الدولة المصرية ستعمل على تنظيم الأسواق، وضمان ألا يتجاوز الاستثمار فى الاقتصاد الافتراضى قدرة البلاد على استيعابه منسوبًا إلى الاستثمار فى الاقتصاد الحقيقى, وأعتقد أننا سنرى الدولة وهى ترسخ أكثر لدعائم الاقتصاد الحقيقى وعلى الأخص فى مجالى الصناعة والزراعة. فحينما ينشط الاقتصاد الحقيقى، ينشط معه الاقتصاد الافتراضى بالتبعية، من أجل خدمته، أما العكس فليس صحيحا.

لقد أحسنت الحكومة المصرية بإقامة المشروعات القومية الكبرى فى كل مكان على خريطة البلاد، من أجل تشغيل العائدين من نار دول الربيع العربى، وإنى أجزم، أنها الآن ستولى الصناعة والزراعة مزيدا من الاهتمام مع شركاء الوطن فى اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية، معاقل الفكر الصناعى وبيوت الخبرة التجارية الوطنية، من أجل العبور بهذا الوطن من أخطر الأزمات الاقتصادية التى تضرب العالم اليوم.

وتحيا مصر