الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

محمد سليمان عبدالمالك:

«راجعين يا هوى» عودة لعالم أسامة أنور عكاشة

د. محمد سليمان
د. محمد سليمان

رغم مرور أكثر من 15 عامًا على دخوله المجال الفنى، لا يزال السيناريست محمد سليمان عبدالمالك ينافس بهدوء فى مجال الدراما التليفزيونية. ترك الطب وتفرغ للكتابة منذ عام 2010. هدفه أن تعيش أعماله الفنية فى المستقبل وليس الحاضر فقط، لذلك مهما كان نجاح أعماله لا ينشغل بالمنافسة بقدر ما ينشغل بالتأثير والفن والإبداع.



عن بداية مشروع مسلسله الرمضانى الجديد «راجعين يا هوى»، وموقفه من الأبطال، ومسيرته الفنية حتى الآن، وتأثير المنصات الرقمية وأزمة كورونا على صناعة الدراما التليفزيونية، كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع السيناريست محمد سليمان عبدالمالك.

 

فى البداية حدثنا عن بداية مشروع «راجعين يا هوى».

«راجعين يا هوى» بالأصل مسلسل إذاعى تم تقديمه فى عام 2003، عن قصة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، ومن بطولة النجم يحيى الفخرانى والنجمة معالى زايد، ومؤخرًا حصلت شركة أروما للمنتج تامر مرتضى على حقوق تحويله إلى دراما تليفزيونية، وعرضوا علىَّ كتابة العمل، فوافقت على الفور، لأننى شغوف بعالم أسامة أنور عكاشة منذ الصغر، وكنت أحلم بتقديم عمل مأخوذ عن كتاباته، فهو أحد أهم القامات فى عالم الدراما التليفزيونية، بل نقل مهنة الكاتب التليفزيونى إلى مكانة مرتفعة للغاية.. «هو اللى رفع السقف لمنطقة أعلى على معاصريه وعلى من هم بعده».

أى الموضوعات يتناولها المسلسل؟ وما تيمة العمل ككل؟

- المسلسل يتناول فكرة العودة والصراعات العائلية، ويحمل «تيمات» مختلفة، كعادة كتابات أسامة أنور عكاشة، فهو عمل اجتماعى لايت كوميدى به العديد من الصراعات والتشويق والإثارة والرومانسية. لذلك أعتبره عملاً متعدد النغمات والأنواع، كعادة الأساتذة الكبار فى الكتابة، فجيلنا ركز على اختيار تيمة واحدة للعمل، أو بمعنى أدق أصبح اهتمامنا الأكبر بالنوع، بينما الأساتذة الكبار كانوا يهتمون فى الماضى بأن تكون الرواية أو العمل الدرامى متعدد الأصوات والطبقات والمعانى، وهذا ما اكتشفته أثناء عملى على قصة «راجعين يا هوى».

حدثنا عن تفاصيل تعاونك الثانى مع الفنان خالد النبوى فى «راجعين يا هوى»؟

- خالد النبوى بخلاف كونه نجمًا عالميًا لامعًا، إلا أنه أيضًا صديق قديم وبيننا تواصل منذ سنوات طويلة، وتعاوننا من قبل فى مسلسل «ممالك النار»، أما مشاركته فى «راجعين يا هوى» فأؤكد أنه يقدم من خلالها دورًا خارج المنطقة المعتادة منه على الإطلاق، وبشكل غير مسبوق، لذلك أراهن على وصوله بهذا الدور إلى قلوب الجماهير.

 

فريق عمل راجعين يا هوى
فريق عمل راجعين يا هوى

 

هل تحرص على المنافسة فى الموسم الرمضانى كل عام؟ وما توقعاتك لموسم رمضان 2022؟

- لدىَّ أعمال عرضت فى المواسم الرمضانية وأعمال أخرى عرضت خارجها، وفى كلتا الحالتين لا أشغل نفسى بتوقيت العرض، ولا يؤثر ذلك على الكتابة، فأنا أكتب العمل وأكون راضيًا عنه تمامًا، ثم يتم عرضه فى الوقت المناسب. المهم أن يكون العمل جيدًا وناجحًا سواء داخل رمضان أو خارجه، أما موسم رمضان2022 فأنا متفائل به رغم صعوبته على مستوى العمل، فهناك تنوع كبير فى الموضوعات وعدد «معقول» من المسلسلات، فضلاً عن عودة بعض الوجوه الفنية الغائبة منذ فترة كبيرة.

هل تتابع باقى مسلسلات الموسم الرمضانى؟ وهل تقوم بتقييمها كمتفرج أم كمنافس؟

- أتابع كل الأعمال الفنية تقريبًا، ليس كمنافس ولكن كمتلقٍ محب للفن، لأننى أحاول دومًا الخروج من دائرة المنافسة حتى أتمكن من ممارسة مهنتى بحب، أما فيما يتعلق بتقييمى للأعمال، فبالطبع أقيّمها كمتفرج، وقد يعجبنى عمل ولا يستهوينى آخر مثل أى مشاهد، لكن يظل هذا بينى وبين نفسى، لأنه ليس من آداب المهنة أن أنتقد عملاً فى العلن فأسبب حرجًا لبعض الزملاء، خاصة إن كنت منافسًا لهم فى نفس الموسم.

 

بوستر المسلسل
بوستر المسلسل

 

هذا يعنى أنك لا تجد حرجًا فى الإشادة «علنًا» بأعمال الزملاء؟

- نعم، فقد اتخذت قرارًا فى وقت سابق بألا أكتب شيئًا عبر حساباتى على مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أن يكون إشادة بعمل أو شخص ما، أما ما لا يعجبنى فإما أن أتحدث عنه بشكل عام فلا أسمّى عملاً أو فنانًا بعينه، أو أن أصمت حتى لا أدخل فى صراعات لست أقصدها، ولست بحاجة لها بالأصل، خاصة أنه حتى فى حال «التعميم» والتعليق بدون أسماء كنت أجد بعض الزملاء يغضبون منى، فقررت ألا أقول رأيى عمومًا حتى لا أجرح أيًا منهم بدون قصد، وأن أكتفى بمتابعة الأعمال الفنية كأحد الجماهير المحبة للفن.. وفى صمت.

هل ترى أن المنصات الرقمية أثّرت على طبيعة الكتابة الدرامية؟

- بالطبع، فقد أعطت مجالاً واسعًا للتجريب على مستوى الموضوعات والجرأة فى طرح الأفكار المختلفة التى لم تستوعبها الشاشة الصغيرة، فضلاً عن عدد الحلقات وطولها وطبيعة العرض نفسه، لذلك أراها فتحت بابًا واسعًا وعالمًا جديدًا ومنحت الكتّاب والنجوم وصناع الفن ككل «أرضًا بكرًا» ليجربوا فيها أفكارًا جديدة. 

هل هذا التغيير أثّر أيضًا على ذائقة المتلقى؟ وهل يدرك المؤلفون ذلك؟

- بالتأكيد هناك تأثير كبير، لكن دعينا نتفق على أن مواكبة التطور الذى يشهده عالم المنصات، ومتابعة التغيرات العالمية فى صناعة المحتوى، أصبحت مسئولية الفنان والصانع نفسه، أى أنه لا بد أن يطور من نفسه بالمشاهدة والقراءة والاطلاع ومواكبة تغيرات الجمهور، ويدرك مدى اختلاف ذائقة المتلقى الآن، فما كان يحدث فى الماضى لا يحدث الآن، والشرائح العمرية والثقافية والاجتماعية نفسها اختلفت بدخول عالم المنصات، وبالتالى لو لم يدرك الكاتب كل هذه المعطيات سيخسر كثيرًا وسيتوقف عند مرحلة زمنية ليست بالبعيدة.

هل تعتقد أن تأثير أزمة كورونا على الصناعة الفنية لا يزال مستمرًا؟

- أظن أن جائحة كورونا فى طريقها للانتهاء، إن لم تكن قد انتهت بالفعل، فقد شعرنا بمدى تأثيرها خلال الموسمين الماضيين، لكن خلال هذا العام وبعد التطعيمات والإجراءات الاحترازية المتبعة، أرى أن الأزمة أصبحت فى طور الانتهاء، حتى وإن كانت بعض آثارها البسيطة لا تزال موجودة، فالتأثير كان فى آليات الصناعة الفنية نفسها، بينما على مستوى المحتوى والكتابة لم يحدث أى تغيير.

هل يمكن استخلاص أفكار درامية من تريندات السوشيال ميديا؟

- نعم يمكن استخلاص أفكار درامية منها، لكن التريند نفسه «عمره قصير»، لذلك فى حال رهانك ككاتب على «تريند» ما، وأنه سيظل مستمرًا حتى تنتهى من صناعة عمل درامى، فهذا رهان خاسر بالتأكيد، خاصة أن الدراما من المفترض أن تركز على تفاصيل الإنسان بشكل أكثر عمقًا من مجرد تريندات بسيطة لا يبقى تأثيرها لفترة طويلة. نحن لا نكتب للسوشيال ميديا، نحن نكتب للإنسان فى عالم الواقع وليس العالم الافتراضى.

هل لديك عمل معين تعتز به بشكل خاص فى مسيرتك؟

- لا يوجد فى أعمالى كلها ما أخجل منه، بل أحب جميع ما قدمت، حتى الأعمال التى لم يحالفها الحظ أو كانت أقل من توقعاتى عندما خرجت للنور أحبها وأتعلم وأستفيد منها. وهذا لا ينفى أن لدىَّ بعض المحطات التى أعتز بها فى مشوارى، مثل «باب الخلق» و«اسم مؤقت» و«رسايل» و«شد أجزاء» و«الحصان الأسود» و«خيط حرير» و«ممالك النار».

هل فكرت فى الاعتزال من قبل؟ أو على الأقل من المحتمل أن تتخذ هذا القرار يومًا ما؟

- قرار الاعتزال صعب للغاية، لكن فى بعض الأوقات يصاب الإنسان بإحباط شديد وتضيق به الدنيا من كل الجوانب، وهذا ما تعرضت له من قبل، لكن صديقى الفنان خالد النبوى هو من ساعدنى على تجاوز هذا القرار، ونصحنى قائلاً: «بص الحياة كلها معركة، والمهنة دى بالذات مفيش حاجة فيها بتدوم على حال، والمعارك فيها مستمرة على طول، فأنت لو هتسيب السلاح وتمشى أومال مين اللى هيحارب عشان الحاجة اللى بيحبها ويدافع عنها بجد»؟! حدثنى طويلاً حينها وأثّرت كلماته فىَّ بدرجة كبيرة، بل أصبحت أذكّره بكلامه هذا من حين لآخر حينما يمر هو بمراحل صعبة، لذلك سأظل أقاتل فى هذه المهنة حتى اللحظة الأخيرة، لكى أقول كل ما لدىَّ، وأقدم الفن الذى طالما حلمت به.