الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أوكرانيا واقتصاد العالم

أوكرانيا واقتصاد العالم

يشهد الاقتصاد العالمى موجة عاتية من التضخم، بداية من التأثيرات السلبية لجائحة الكورونا، ونهاية بالأزمة الروسية- الأوكرانية التى ترتب عليها ارتفاع كبير فى الأسعار فى كل دول العالم، وبالتالى انخفاض القوة الشرائية للعملات المختلفة.



والتضخم هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وهو حاصل طرح مؤشر سعر المستهلك السابق (قبل الزيادة) من مؤشر سعر المستهلك الحالى (بعد الزيادة)، وقسمة النتيجة على مؤشر سعر المستهلك السابق.

ويحدث التضخم حينما يزيد الطلب الاستهلاكى على السلع والخدمات، خاصة حال زيادة حجم السيولة النقدية المتوافرة بالأسواق، وانخفاض المعروض من السلع.

وبشكل عام تواجه البنوك المركزية والفيدرالية التضخم برفع معدلات الفائدة البنكية، بهدف زيادة تكلفة الأقراض بما يؤدى إلى انحساره، وبالتالى تنخفض السيولة  النقدية المتاحة بالأسواق، وبالتبعية يهبط الطلب على السلع والخدمات، وهذا يدفع نحو خفض أسعار تلك السلع.

لكن، وعلى قدر فاعلية هذا الحل، إلا أنه يؤدى إلى تباطؤات شديدة فى الاقتصادات العالمية. 

وطبيعى أن يأخذنا كل هذا إلى تأثير الأزمة الروسية-الأوكرانية على العالم، فقد قلبت تلك الحرب أسواق الطاقة العالمية رأسًا على عقب، وأدت إلى ارتفاع أسعار الغاز والبترول، وعطلت سلاسل الإمداد التجارية والصناعية العالمية، بسبب فرض عقوبات اقتصادية على روسيا من العالم الغربى، بما فى ذلك وقف التجارة البينية معها، وشل نظامها المالى فى تعاملاته الدولية، ونتيجة زيادة المخاطر جراء الأزمة المندلعة واحتمال اتساع نطاقها، وأثر ذلك على ارتفاع تكلفة النولون والشحن بين الدول وعبر القارات.

  حيث ارتفع سعر برميل البترول العالمى من حوالى 67 دولارًا إلى ما يقارب 120 دولارًا وقت كتابة هذا المقال، بما يرفع تكلفة الوقود اللازم للانتقالات ونقل البضائع والسفر والسياحة، ويزيد من تكلفة الإنتاج كون الطاقة مكونًا أساسيًا فى مدخلات الصناعة والإنتاج، خاصة وأن روسيا هى ثانى أكبر دولة فى تصدير البترول. 

أما أوروبا فتعتمد على الغاز الروسى فى سد 40 % من احتياجاتها، وروسيا هى أكبر مصدر للغاز فى العالم، ولم تتوقف بعد الإمدادات الروسية لأوروبا، ومع ذلك ارتفع سعر الغاز للضعف بالقارة العجوز بسبب قيام أمريكا والاتحاد الأوروبى بمناقشة إمكانية فرض عقوبات على صادرات الغاز والبترول الروسى.

تأثير الأزمة امتد إلى ارتفاع أسعار كثير من الخامات والمحاصيل والمنتجات التى تصدرها روسيا وأوكرانيا، معادن - قمح (الدولتان تصدران معاً ربع الصادرات الدولية من القمح)  وأسمدة وغيرهما.

باختصار ارتفاع أسعار أى وكل شىء بسبب الأزمة. 

ويبقى فى رأيى الحل منحصرًا فى أن تعمد الدول إلى مزيد من التعاون والتكامل الاقتصادى، إيجاد بدائل للطاقة التى مصدرها البترول والغاز، تخفيض الاستهلاك، تقليص المصروفات، بناء احتياطات نقد أجنبى، مراقبة أسواق المال للحيلولة دون وقوع مخاطر مالية مفاجئة، استخدام الموارد المحلية كلما أمكن ذلك، وأخيرًا  زيادة الحماية الاجتماعية للطبقات ذات الاحتياج.

ويبقى الأمل معقودًا على أن تعود السياسة إلى رشدها، بدلًا من هذا الخراب الذى ينهش فى اقتصاد العالم.