السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
قبل أن نغتال المكان!

قبل أن نغتال المكان!

فى مصر، تكشف لنا الإحصائيات أن عندنا 3.5 مليون كفيف، وفى العالم اليوم 39 مليون فاقد للبصر, 90 % منهم من سكان البلاد النامية، الهند على رأس القائمة، بعدها أفريقيا ثم العالم العربى، فى كل دقيقة يتحول طفل فى العالم إلى مكفوف، وكل خمس ثوان يفقد إنسان بصره!



يُجمع الباحثون على أن تلوث الهواء يفاقم خطر الإصابة بنوع من الفقدان الدائم للبصر فى سن متقدمة، فملوثات الهواء تسبب ما سمته «المجلة البريطانية لطب العيون» British Journal of Ophthalmology «التنكس البقعى»، وهو شكل من الفقدان المتدرج للبصر. 

ويلتقط البروفيسور بول فى دراسة «معهد طب العيون» البريطانى رأس الخيط، ويستخلص أن تحسين نوعية الهواء وتنقيته يشكلان أولوية رئيسية بالنسبة إلى الصحة العامة، ويحدان من تفاقم الإصابة بالعمى المستديم.

وقد يكون ما أعلنته الحكومة المصرية عن زيادة محطات رصد جودة الهواء لتصل إلى 114 محطة، قد أصاب رأس المشكلة. ودور تلك المحطات رصد ملوثات الهواء والأماكن التى تخرج منها، وقياس انبعاثات المنشآت وعوادم السيارات والشاحنات، إلى مستوى الضوضاء المختلفة.

جهد الدولة وحده لا يكفى، ولن يأتى أُكُلَهُ من دون مؤازرتنا وتغيير سلوكنا اليومى الخاطئ الذى يتسبب، من حيث لا ندرى، بالكارثة البيئية.

من هذه السلوكيات التى تغتاب الطبيعة وتغتالها يوميًا، إقدام المزارعين على حرق قش الأرز، وحرق القمامة، وأعشاب الحدائق، والأغصان اليابسة، وأوراق الشجر المتساقطة.

وسلوك غير سليم آخر هو رمى البطاريات، وخراطيش الحبر، والمصابيح الكهربائية، وتلك تسمم التربة، ومعطرات الجو التى تلوث الهواء، وفى دول الناس الآخرين المتقدمة، منعوا التخلص من كل ما هو مصنوع من «بلاستيك» (منها قنانى المياه أو المشروبات الغازية وكل ما صنع من تلك المادة) فى القمامة العادية، إنما تجمع على حدة.

وفى وقت تستضيف مصر فى «شرم الشيخ»، الدورة 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP (اختيرت مصر فى دورة المؤتمر فى «جلاسكو» بالمملكة المتحدة آخر العام الماضى)، وضعت وزارة البيئة خطة لخفض الانبعاثات التى تتماشى مع الوصول إلى صفر، بحلول منتصف القرن الحالى، عن طريق الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة، وتسريع التحول إلى المركبات الكهربائية، والارتقاء إلى مستوى تحديات التغيير المناخى.

لقد بتنا نعيش فى كوكب تخنقه المحيطات البلاستيكية والغابات الجافة، التى أصبحت نظير الصحارى بيبسها وجفافها.

إن كل الأبحاث والمعالجات والخطط لن تجدى نفعًا، إذا لم تتغير عاداتنا اليومية التى تُميت البيئة ببطء. نحن فى حاجة ماسة إلى تطوير السلوك، والوعى الإيجابى من أجل المساعدة فى إنقاذ الكوكب وتقليل بصمتنا الكربونية قبل أن نُشارك جميعًا فى اغتيال الكوكب الذى نعيش فيه.