الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
 لحيــــن إشـــــعار آخــــر

لحيــــن إشـــــعار آخــــر

الحديث عن الأزمة لم يتوقف.. ولن يتوقف!!



وبالتأكيد ما أقوله لا أريد أن أقوله أو كنت أتمنى ألا أقوله.. ولكن هذا هو الواقع المؤلم الذى نعيشه وسوف نعيشه فى الشهور المقبلة.. قبل أن نستطيع أن نقول أننا سنبدأ فى التقاط أنفاسنا والخروج من الكارثة العالمية والإنسانية التى لحقت بنا.. نعانى منها ونتألم بسببها ـ مهما كان شكل الخرائط الجغرافية ومضمون التصريحات السياسية وأبعاد التفسيرات التاريخية وآفاق التحليلات العسكرية والاستراتيجية التى تصف الأزمة الأوكرانية.. والمواجهة المشتعلة ما بين روسيا والغرب.

 

قد يلجأ البعض للتاريخ فى فهم وشرح ما يحدث الآن. ولكن أى صفحات من كتب التاريخ تختارها أو تلجأ إليها وكيف تقرأها؟ 

هذا هو السؤال ـ  

قبل أن تقول ما تقوله أو تكتب ما تكتبه عما يحدث وعما يدمر وعما يعد انتصارًا عسكريًا أو انكسارًا إنسانيًا أو خرقًا للقوانين الدولية أو تمسكًا بأحلام الماضى وأوهام القوة والنفوذ.. للكاتب الأمريكى الشهير مارك توين قول من القرن التاسع عشر ـ 

يتكرر ذكره مع اشتعال أى حرب.. مفاده أن الله أوجد لنا الحرب حتى يعرف الأمريكان ويتعلموا الجغرافيا.. القول نفسه ـ 

فى رأيى ينطبق على كل الشعوب عندما تجد الحروب فى حياتها.. يبحثون عن كتب التاريخ وخرائط الجغرافيا ـ لعلهم يجدون تبريرًا أو تفسيرًا لما يحدث.. وغالبًا يصيبهم اليأس أو الإحباط لأن الحرب تعنى الدمار فى كل الأحوال.. وتنتهى الحروب بخسارة الأطراف التى شاركت فيها.

أما فى الزمن الحديث نجد البشر فى حيرتهم وقلقهم غالبًا ما يتشبثون بهواتفهم الذكية ويدمنون السوشيال ميديا فيأتيهم طوفان ما تبثه هذه الوسائط من حقائق وأكاذيب ومؤامرات وكل ما لا يخطر على بالك.. هذا الحصار الرقمى أو الافتراضى كلنا نعانى منه أكثر من أى وقت مضى فى هذه الأزمة المستمرة فى أوكرانيا.

 

 

 

 

ومن ضمن ما ذكر أثناء الحديث عن الأزمة فى أوكرانيا ـ إذا كانت ثورات وانتفاضات ما وصف بـ «الربيع العربى» ارتبطت بـ «فيسبوك».. فالمواجهة العسكرية والسياسية والإعلامية فى حالة أوكرانيا ارتبطت أكثر بـ «تيك توك».. والكل يصور ويقول ويصرخ وينشر أكاذيب ويفند مزاعم.. والطوفان والقلق مستمر مع الأسف لأجل غير مسمى.

وبما أن المواجهة القائمة والمستمرة بجانب كونها عسكرية فإنها سياسية وإعلامية ودعائية لذلك يتكرر التذكير والتنبيه بالإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتى.. ومحاربة النازية ومرتزقة الشرق الأوسط، وأيضًا هل المأزق الروسى سيكون «أفغانستان جديد» لبوتين القيصر الجديد لروسيا.

ولعل ما اتفق عليه أغلب خبراء العلاقات الدولية حول ما حدث فى أوكرانيا أو بسببها.. أن ما تم تأسيسه وتشكيله خلال الثلاثين عامًا الماضية فى أوروبا ـ بشرقها وغربها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى من منظومة اقتصادية وتجارية ومالية وأمنية أيضًا قد تم إعادة النظر فيها والتشكيك فى أمرها ومن ثم تفكيكها أو تكسيرها خلال الفترة الماضية بعد الغزو الروسى لأوكرانيا.. ومن ثم ما قد يتم من محاولات من أجل إعادة تركيبها أو تشكيلها بآليات جديدة سوف تأخذ فى الاعتبار ما حدث من روسيا فى الأزمة الأوكرانية. الأزمة الأوكرانية بجميع تفاصيلها لاقت تعاطفًا كبيرًا من الشعب الأمريكى والأمر لا يخص فقط المواقف الرسمية لواشنطن ـ

الإدارة والكونجرس بعد أن قامت الشركات الكبرى والمنظمات الاجتماعية والإغاثية والصحية الأمريكية بمساهمات ومساعدات تخص الشعب الأوكرانى وتحديدًا المشردين من أهل أوكرانيا.. وقد يصل عددهم مع نهاية شهر مارس إلى 4 ملايين.

وبعيدًا عما ستأتى به الأيام وما هو تصور الرئيس الروسى لأوكرانيا وكيف ستتفاعل دول غرب أوروبا والحلف الأطلسى وأمريكا مع مستجدات المواجهة يمكن القول بأن عالمًا جديدًا ومختلفًا بدأ يتشكل مع يوم 24 فبراير 2022.. ودول وشعوب العالم صغيرها قبل كبيرها سوف تعانى من تبعات وعواقب ما حدث وما يحدث وسوف يحدث فى المواجهة المشتعلة بين روسيا والغرب.. وإن غدًا لناظره مثير للتساؤلات.