الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

يوم فى حياة مأذون

دفتر وجبة وقفطان

المأذون الشرعى إحدى المهن ذات الطابع الخاص، فالدفتر والجبة والقفطان هى الصورة التى رُسمت للمأذون فى خيالنا، وقد سلط عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية الضوء على تلك المهنة، التى يتعامل معها الكثيرون مرة واحدة فى العمر. لكن بعضهم يذهب إلى المأذون أكثر من مرة. فكما هو همزة الوصل بين المحبين والعاشقين هو أيضا من يكتب نهاية علاقات عديدة.



 

 « صباح الخير» التقت مع حسن بيومى، المأذون الشرعى بمنطقة باب الخلق، الذى ورث مهنة المأذونية أباً عن جد، وهو ما أكسبه خبرة واسعة فيها.

 يقول بيومى : والدى علمنى أن المأذون «سيرة وأسلوب»، والمأذون الشرعى مختص بأربع مهام رئيسية وهى الزواج والطلاق والتصادق والمراجعة، وأعتمد فى عملى على تعاليم الشرع والقانون واللائحة الخاصة بالمأذونين والتعليمات الصادرة من وزارة العدل والمحكمة التابع لها.

 وفى بداية كل صباح، يذهب بيومى إلى المحكمة التابع لها، لمتابعة تسجيل القسائم المحررة بمعرفته، حيث يتم ختمها بخاتم المحكمة عقب مراجعة رئيس القلم بالمحكمة لها، وبعدها أتوجه إلى السجل المدنى لتسجيلها على الحاسب الآلي، ثم يبحث فى مواعيد الزواج أو الطلاق الموجودة لديه، ويجب أن يلتزم بالمواعيد لأقصى درجة،  وعقب إتمام مهامه يذهب إلى المكتب الخاص به، للترتيب لليوم التالي، وهكذا.

 وفى نهاية كل شهر يكون لكل مأذون إحصائية شهرية يسلمها للمحكمة التابع لها بعدد الزيجات والطلاقات التى قام بها، وأذكر أن متوسط العقود التى أحررها سنويا هى 1000 عقد، وهناك من يحرر أعلى ومن يحرر أقل.  

وأوضح بيومي أن الطلاق تكلفته من 600 إلى 700 جنيه، أما تكلفة الزواج فتختلف حسب مؤخر الصداق ويمكن أن نقول إن تكلفة رسوم الزواج حوالى 600  جنيها، واحصل على 3 % من قيمة المؤخر فكلما زادت القيمة زادت المصاريف، وسواء فى حالات الزواج أو الطلاق يكون ضمن المصروفات 100 جنيه طابع الأسرة ويكون موجودا على القسيمة، أما أتعابى فأتركها تقديرية، ووصية والدى فى هذا الشأن هى أن أراعى ظروف الناس دائما.

 عقود الزواج

وبالنسبة لعقد الزواج، فإن الأوراق المطلوبة فى الزواج، هى صورة بطاقة الرقم القومى للزوج والزوجة وشهادة الميلاد للزوجين لإثبات أسماء الأمهات للزوجين  بشكل صحيح، وصورة بطاقة الوكيل بالنسبة للزوجة، و6 صور شخصية للزوجين، والشهادات الطبية للزوجين، والشهود.

 يتكون عقد الزواج من ورقة واحدة لها وجهان، مكتوب فى بداياتها ونهايتها وفى الوجه والخلف عبارة  «وثيقة عقد زواج»، الوجه الأول  مكتوب فيه وثيقة عقد الزواج وتبدأ بـ« بسم الله الرحمن الرحيم»، ويحتوى على صورة الزوج وصورة الزوجة، ويوقع على الكادر الأسفل لكل صورة من المأذون ويبصم عليها ببصمة إبهام الزوج والزوجة لضمان عدم التزوير، وتوجد به طابع اسرة بقيمة 100 جنيه. 

وبعد ذلك، يبدأ المأذون بكتابة اسم الزوج، وجنسيته، وديانته، وتاريخ ميلاده، ومحل ميلاده، والمهنة، ومحل الإقامة، ومحل العمل، والرقم القومى وتاريخ صدوره،  اسم أم الزوج، والعنوان الذى يرغب فى توجيه الاعلانات اليه بالتفصيل، وعنوان مسكن الزوجية، ويقر أنه لا توجد فى عصمته زوجة أخرى، واذا كان هناك لديه زوجات أخريات يذكرهن  بالتفصيل سواء بالنسبة للاسم ومحل إقامتهن. 

وبالنسبة للصفحة الثانية  فى عقد الزواج، فهى تحتوى على اسم الزوجة، وبيان صفة وكيلها، وحالها من حيث البكارة والثيوبة، وجنسية الزوجة، والديانة ، وتاريخ الميلاد، ومحل الميلاد، والمهنة، ومحل الإقامة، وعنوان العمل، ورقم البطاقة وتاريخ صدورها، والسجل المدنى، والرقم القومى، وأسم أم الزوجة، والعنوان الذى ترغب فى توجيه الإعلانات إليها، ومؤخر الصداق سواء الحال او المؤجل منه والذى يكون باق بذمة الزوج لحين حلوله شرعا، ورقم وثيقة التامين الخاصة بالأسرة.

ثم تحتوى الوثيقة على الصيغة الشرعية بأنه تم زواجهما زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بإيجاب وقبول شرعيين صادرين بين الزوج او وكيله، والزوجة او وكيلها، وتأتى بعد ذلك خانة الشروط الخاصة، ويكتب فيها ما اتفق الزوجان عليه، وبعد ذلك يتم إثبات تواجد الشهود «وهم شاهدين» ويذكر اسمه، وجنسيته، وديانته، وتاريخ ميلاده، ومحل الميلاد، والرقم القومى، وتاريخ صدوره، وتحرر وثيقة الزواج من أصل وثلاث صور، الأول يسلم للزوج والثانى للزوجة او وكيلها، والثالثة إلى السجل المدنى، والأصل يحفظ فى الدفتر، ويذكر المأذون الرسم المقدر على العقد ورقم الإيصال الخاص به، بعد ذلك يوقع الزوج أو وكيله، والزوجة او وكيلها، والشهود ، والمأذون، ويتم خاتم الوثيقة بخاتم المحكمة.

وثيقة الطلاق

ويتابع المأذون: أما بالنسبة لوثيقة الطلاق، فهى مكونة من وجه واحد فقط،  تبدأ بعبارة «إشهاد طلاق» وتحتوى على رقم القيد بسجل الأحوال المدنية، وتاريخ القيد، ورقم الدفتر، ورقم الوثيقة، ويثبت المأذون حضوره واسم محكمة الأحوال الشخصية للولاية على النفس التابع لها، ويثبت بيانات الشهود من حيث الاسم، والجنسية، والديانة، وتاريخ الميلاد، والرقم القومى، وتاريخ الصدور.

 

 

 

ثم يذكر المأذون بيانات الزوج والزوجة، وبيان كيفية الحضور بالنفس اوعن وكيل عنه – وذلك فى حالة الزوج ويكتب رقم التوكيل الخاص بذلك- وذلك بعد استنفاذ طرق التحكيم فى لائحة المأذونين، ويوضح المأذون سبب الطلاق المنحصر فى  اما  لإصرار الزوجين معا على ايقاع الطلاق، او لإقرار الزوجين بأن الطلاق قد وقع ، أو لإقرار الزوج بأنه اوقع الطلاق، أو لإقرار الزوجة بانها قامت بتطليق نفسها من زوجها بمقتضى الحق الثابت لها وبيان السند الذى اعطاها ذلك الحق، ويذكر المأذون سبب التوجه إليه من المطلقين، سواء لتبعية محل إقامة الزوجة لدائرة إختصاص المأذون، أو لإتفاق الزوجين على توثيق الطلاق بمعرفته.

وبعد ذلك يثبت المأذون تاريخ الزواج وقسيمة الزواج واسم المأذون الذى حررها، والمحكمة التابع لها توثيق عقد الزواج، وبيان حالة الدخول بالزوجة من عدمه، ويدون البيانات الخاصة بالطلاق، كما يقر الزوج بأن هذا أول او  ثانى او ثالث طلاق وقع بينه وبين زوجته، ويحرر إشهاد الطلاق من أصل وثلاث صور تسلم إحداهما للمطلق والثانية  للمطلقة، والثالثة لمكتب السجل المدنى، والأصل يحفظ بالدفتر، مع توقيع المطلق أو وكيله، أو المطلقة ووكيلها، والشهود، والمأذون، وخاتم المحكمة.

ويشير بيومى الى ان اغرب حالات الطلاق، هو الطلاق الذى يحدث بعد منتصف الليل، او فى الساعات الأولى من الفجر، وغالبا عندما يطلبنى شخص فى هذا التوقيت أفضل  المماطلة فى الذهاب إليه ربما ينصلح الامر بين الزوجين، فالطلاق هو أبغض الحلال، وفى الطلاق عموما يجب أن اقوم بالصلح اللازم بين الطرفين وتقريب المسافات بينهم ووجهات النظر لأنه فى النهاية «كل مشكلة وليها حل».

ونوه بيومى إلى أن حالات الطلاق المعتادة، هى التى تقع بين المتزوجين حديثا أو صغار السن ممن لا يتجاوزون الثلاثين عاما، والسبب فى ذلك هو سهولة وسرعة تجهيز منزل الزوجية الخاص بهم، فوالد الزوج أو والدته يحضرون كافة مستلزمات المنزل لنجلهم، والأمر مثله بالنسبة للزوجة، فلا يقدران حجم المسئولية الملقاة على عاتقهما، لذلك انصح الاباء بضرورة  ترك ابنائهم يعتمدون على انفسهم فى تأثيث منزل الزوجية حتى يقدرون ما يصلوا اليه، ويحافظوا على البيت من الانهيار، كذلك من اسباب الطلاق الشائعة هى الطلاق بسبب الماديات أو الحصول على المعاش للانفاق على الأولاد، خصوصا وإذا كان الأب لا يريد الإنفاق ويرفض النزول للحصول على رزقه. 

أما عن اغرب حالات الطلاق،  فأجاب بيومي،  ما زلت أتذكرها حتى الآن، هى واقعة طلاق لعروسين تزوجا فى فندق كبير، وبعد ان حررت لهما عقد الزواج وانتهى حفل الزفاف الخاص بهم سافرا الى احد المنتجعات لقضاء شهر العسل وأخذوا منى شهادة مؤقتة «عبارة عن خطاب عليه توقيعى وختمى» لحجز الفندق، وفوجئت بعد اسبوع من تحرير عقد الزواج انهما حضرا إلى يطلبان توثيق الطلاق، فكان ردى عليهم إنهم فى الاحوال العادية بعد أسبوع يجب ان يحضروا لاستلام عقد الزواج بعد توثيقه وليس طلب الطلاق، لكنهم صمموا على الطلاق، وعندما حاولت الاستفسار عن السبب، كان بسبب الاختلاف على انواع الموسيقي، فأحدهما يحب الموسيقى الغربية والآخر يحب الموسيقى الشرقية، وتعد حالة الطلاق هذه هى الأغرب بالنسبة لى ربما لسرعتها الفائقة أو سببها.

وتابع: أيضا من أغرب حالات الطلاق هى «طلاق الأجداد» والذى يأتى بعد عشرة سنين طويلة، والمفترض أن كبار السن لديهم الخبرة والعقل والرزانة والبصيرة الكافية لحل أى مشكلة فى الحياة، إلا أننى فوجئت برجل تجاوز الستين أصر على طلاق زوجته التى تصغره بعامين وهى حاليا جدة لأحفادهما، وعندما سألت عن السبب قال الزوج «كفاية عليها أوى كده.. خليها لعيالها وأحفادها»، فكانت هذه الحالة غريبة بالنسبة لى، لانه من المفترض ان الكبار هم يقوموا بتوعية ابنائهم المتزوجين وانهم من يساندوهم فى تخطى مصاعب الحياة، فالكبار لا يجب أن يصدر منهم هذه الافعال مطلقا.

 غرائب وطرائف

وعن أغرب المواقف فى الزواج، فقال بيومى هى أن تكون العصمة فى يد الزوجة، وفى هذه الحالة يجب أن أسأل الزوج أمام الشهود ووكيل العروسة بمدى رضائه بهذا ، من عدمه، وأيضا من الغرائب هو ما تقوم به بعض الفتيات الآن فى كتابة شرط عدم الزواج بأخرى إلا بموافقة كتابية منها، وأذكر  أيضا موقف غريب حدث فى مسجد الحسين خلال توثيقى لأحد عقود الزواج، حيث طلب منى والد العروس أن أقوم بأخذ إمضاء الزوج على القايمة، فكان ردى عليه انه ليس من اختصاصى وأن هذه المسائل يجب أن يتم حسمها قبل عقد القران بين الطرفين، فطلب والد العروس من الزوج أن يوقع على القايمة وحدثت بينهما مشادة طويلة انتهت بإلغاء عقد القران، وهذا بالطبع تصرف خاطئ من والد العروس، فالقايمة يجب أن يتم التوقيع عليها بفترة طويلة قبل عقد القران، فترابيزة المأذون لا يجب ان يوجد عليها سوى عقد الزواج والنسخ الخاصة به فقط لاغير.

وعن أبرز الصعوبات التى تواجه المأذون فى عقود الزواج، فقال بيومى بالطبع ضغط الوقت، حيث يقوم العروسين وخصوصا إذا كان حفل الزفاف فى قاعات أو فنادق بتحديد وقت ضيق للمأذون لتحرير عقد الزواج حوالى 20 دقيقة، وهذا الوقت لا يكفى لتوثيق عقد الزواج وإلقاء الصيغة الشرعية والخطبة، فالمعروف ان قسيمة الزواج لايمكن الكشط او الخطأ فيها على الإطلاق، لذلك عندما يكون العروسين قد حددا وقتا ضيقا للمأذون خلال مراسم الفرح لتوثيق عقد الزواج، فأقوم بأخذ البيانات على صورة من عقد الزواج، وبعد ذلك عندما أعود لمكتبى ابدأ فى نقلها بدون كشط أو خطأ، فالبيانات الموجودة فى عقد الزواج كثيرة وتأخذ وقتا لكتابتها وتوثيقها بدقة.

الدفتر والمنديل

بالنسبة لدفتر الزواج فهو مكون من 8 قسائم، كل قسيمة مكونة من 4 نسخ باجمالى 32 ورقة، الأولى تسلم للمحكمة والثانية للزوج والثالثة للزوجة والرابعة للسجل المدنى للتسجيل على الحاسب الآلى، وهذا هو الحال ايضا بالنسبة للطلاق أو التصادق.

أما بالنسبة لخطبة المأذون، فأنا أؤكد أن الزواج هو إيجاب وقبول، فالزواج قديما كان يتم بإلقاء الصيغة الشرعية والتأكد من الإيجاب والقبول، أما الآن فالكثير يحبون خطب المأذون ويعتبرونها بمثابة «تحابيش الجواز والفرح» وأصبحت موضة والكل يباهى الاخر بخطبة مأذونه فى عقد قرانه، حيث ان هذه الخطب تضفى مزيدا من السعادة على حفل الزفاف، وأرى أن خطبة المأذون يجب ان تحتوى على نصائح للزوج والزوجة وأهل الزوجين أحيانا.

وتابع بيومي، المأذون له هيبته بداية من ملابسه والدفتر الذى يحمله، فقديما كان المأذون معروف بالدفتر والجبة والفقطان، كما كان الدفتر طويلا بعض الشىء، اما الآن فالدفتر فى مقاس الورقة المعتادة، كما تغير الشكل التقليدى للمأذون حيث تقام أغلب حفلات الزفاف فى النوادى والفنادق، لذلك اصبح اغلب المأذونين يرتدون الملابس العادية « البدلة والكرافتة»، لكن هناك بعض العرائس ما زالوا يصممون على حضور المأوذن بالشكل التقليدى له بالجبة والقفطان خلال حفل الزفاف.