الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
المسكوت عنه فى «فرق خبرة»

إستراحة مشاهد

المسكوت عنه فى «فرق خبرة»

الاتساق هو نقطة التميز الأساسية فى فيلم «فرق خبرة»، كل ما فى هذا المشروع متسق مع نفسه، سواء الفكرة وأسلوب التعبير عنها بصريًا، مرورًا باختيار الممثلين وصولًا للتكلفة الإنتاجية التى ناسبت هذا النوع من المحتوى السينمائى. 



تتميز القصة التى يدور حولها الفيلم بتعدد المستويات، مستوى ظاهر أمام الجمهور يتمتع بجاذبية تناسب جيل الشباب حديث التخرج الباحث عن نفسه وعن فرصة، وتناسب أيضًا جيل الآباء الذى لا يدرك نتاج تصرفاته على نفسيات الأبناء إلا بعد وقوع الكارثة. 

أما المستوى الآخر فيجب أن يستخرجه المشاهد نفسه من بين السطور، وهو ما يدفعنا للقول بأن العمل وإن بدا بسيطًا ومباشرًا لكنه يحمل قضية حقيقية غير تلك التى يمكن أن نلخصها ونحن ننشر خبرًا عن محتوى الفيلم.

من المفترض أن «فرق خبرة» يدور حول شاب يعانى من قلة الخبرة الحياتية وخصوصًا فى علاقاته مع الجنس الناعم، ويحاول مع صديقه خفيف الظل البحث عن فتاة تملأ حياته المضطربة بسبب الصدام اليومى بين الأم والأب والذى يبدأ الفيلم من نقطة ذروته، حيث الطلاق يقع فى المشهد الأول.

تستمر الأحداث ربما مثل أفلام كثيرة أمريكية وغير ذلك تتكلم عن هذه الفئة العمرية، لكن مؤلف ومخرج الفيلم شريف نجيب لا يتورط مطلقًا فى النسخ المتعمد من أى أصل أجنبى، حتى مع المشاهد التى نرى فيها الشاب يذهب لصديقته فى منزلها، ويحاولان لاحقًا إقامة علاقة، وغير ذلك من الأفكار الجريئة بدون مشاهد حساسة طبعًا وإلا كان الفيلم قد تحول لترند، حتى هذه المشاهد لا يمكن القول أنها بعيدة عن مجتمعنا، لكن الفكرة كانت فى اللغة التى استخدمها نجيب للتعبير عن الأزمة التى يعيشها، وأجاد كذلك فى خلق إيقاع سينمائى جذاب يجعلك تتبع رحلة البطل «ناجى» من انعدام الخبرة إلى استثمارها فى علاقته الجديدة دون الشعور بالملل أو توقع الأحداث كما يحدث فى أفلام لا يراعى صناعها توفير القدر الكافى من الجدة والإجادة. 

الفيلم يؤكد أن محمد الشرنوبى قادر على التعبير عن جيله بشرط توافر الموضوع الجيد والشخصية المكتوبة بعناية، لهذا مثلًا أرى الفيلم إضافة له بالمقارنة بظهوره الشرفى فى فيلم «الجريمة» رغم تفاوت عدد النجوم، وفارق الإمكانات الإنتاجية وإيرادات شباك التذاكر، فيما تتمسك هدى المفتى بمستوى أداء ثابت لكن صياغة الشخصية بالتأكيد أفضل مما وفره لها صناع مسلسل «بيمبو»، وكالعادة يتواصل الأداء المميز للكوميديان طه دسوقى، فيما استمر محمود البزاوى فى مسار «السهل الممتنع» الذى يجعله يضع بصمة مميزة لكل شخصية يقدمها حتى لو قدم الأب الذى يعانى من أزمات عائلية أكثر من مرة من قبل، والعمل برمته فرصة لإعادة التأكيد على أننا خسرنا ممثلة من عيار ثقيل هى دلال عبدالعزيز. 

نأت الآن للمسكوت عنه فى هذا الفيلم، الرسالة الأعمق التى يؤمن بها مخرجه ومؤلفه شريف نجيب، وهى توجيه صرخة مكتوبة بين ثنايا حوار الشخصيات حول الرغبة العارمة فى نفوس كثير من أبناء هذا الجيل فى رفع الراية البيضا والاستستلام لحلم الهجرة، لم يفعلها «ناجي» فى نهاية الأحداث لكن «سلمى» فعلت ومن قبلها آخرون لم يظهروا على الشاشة لكن السيناريو حرص على تأكيد الظاهرة دون أن يستخدم الكاميرا لإثباتها.

رسالة هى بالتأكيد ليست موجهة لجمهور الفيلم، ولا للآباء الذى يفشلون فى تربية أبنائهم وإنما للمجتمع ككل لعله ينجح فى الإبقاء على خيرة شبابه بين حدوده ولا يتركهم يرحلون باحثين تحقيق طموحات وأحلام يعالجون بها «فرق الخبرة».