الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مدينة صناعية سياحية متكاملة

«الذهب» يلمع فى «العاصمة»

منجم السكرى أكبر منتج للذهب فى مصر
منجم السكرى أكبر منتج للذهب فى مصر

ميزة تنافسية جديدة للاقتصاد الوطنى محليًا وعالميًا، يضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام الاستثمار المحلى والأجنبى، تزامنًا  مع تطبيق استراتيجية التنمية المستدامة 2030، لتستعيد مصر آفاق الصناعات الحيوية وإعلاء قيمة الاقتصاد، وذلك من خلال إنشاء مدينة متخصصة فى صناعة وإنتاج وتجارة الذهب، وضخ استثمارات ضخمة للتوسع فى مجال الاستكشاف، وإزالة أى عقبات أمام الشركات للتنقيب والبحث فى المواقع الجديدة، وكانت أولى تلك الخطوات، هى إجراء تعديلات تشريعية فى قانون الثروة المعدنية، وتعديل الأنظمة الاستثمارية، بما يتناسب مع المستقبل المشرق المنتظر من ضخ هذه الاستثمارات.



 

 بعد تكليف من الرئيس السيسي، وضعت الحكومة المخطط العام لإنشاء «مدينة الذهب» فى مصر، وتوفير الموارد المالية لإنشائها على نحو متكامل، وتوفير مستلزمات الصناعة والإنتاج وتدريب العمالة،  لتطوير تلك الصناعة الحرفية، وفقًا لأحدث التقنيات التكنولوجية، حيث تضم 400 ورشة فنية و150 تعليمية، ومصانع، ومعارض، ومدرسة تعليمية كبيرة، مع توفير أماكن عرض لتجارة الذهب فى مصر.

وتمت دراسة الملاحظات على المواقع المقترحة لإقامة   المدينة من  الناحية اللوجيستية، من حيث اختيار الموقع حيث من المقرر أن تكون بالقرب أو فى نطاق العاصمة الإدارية الجديدة والاستفادة من شبكة الطرق والمحاور الجديدة لتسهيل استقبال الزائرين، كما تم وضع تصور مبدئى  لمكونات المشروع، وفقًا لما تضمنه المخطط العام، والذى يشمل وحدات الاستلام والتخزين، والمصانع، والورش الفنية، ومحال الذهب، والمدارس، وورش تعليم صناعة الذهب، إلى جانب وجود مكونات داعمة، تتمثل فى مبنى مصلحة الدمغة، ومتحف، ومتنزه تعليمى للأطفال، ومنطقة مخصصة لتناول الطعام، ومركز لوجستي، وفندق، وأماكن لإقامة العمال، وفى منطقة الخدمات الخاصة بالمدينة سيتم إنشاء وحدة صحية، ونادٍ رياضى واجتماعي، ومسجد، وكنيسة، كما سيكون هناك  عدد من المتنزهات، والطرق الداخلية، وأعمال تنسيق الموقع.

 

طلاب إيجيبت جولد أول مدرسة لتكنولوجيا الذهب
طلاب إيجيبت جولد أول مدرسة لتكنولوجيا الذهب

 

أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أهمية إنشاء مدينة الذهب، والتى تهدف إلى تطوير الأداء ورفع كفاءة العمليات والأنشطة والاستفادة من ثروات مصر، التى تمتلكها فى  العديد من المناطق التعدينية مثل المثلث الذهبى، والذى يعتبر قيمة اقتصادية كبيرة لما يحتويه من مقيمة مضافة فى 94 موقعا للذهب والعديد من المناجم. 

وأشار إلى أن مستخرج الذهب يصل إلى ما يقرب من 220 – 700 جرام من الطن الواحد من الصخور وهو ما كان يمثل عبئا على المستثمرين المحليين والدولة، حيث تحتاج عمليات الإنتاج لآلات ومعدات خاصة وثقيلة، ولذا كانت تتم الاستعانة بالشركات الأجنبية التى تقوم بعمليات الاستكشاف والبحث والتنقيب. 

وأضاف، أن الشركات الأجنبية كانت تتولى عمليات الحفر والتنقيب والاستخراج والإنتاج، فى مقابل نسبة من 50-60 % من حجم مستخرج الذهب، إضافة إلى حصولها على التكاليف الاستثمارية أثناء عمليات الاستخراج التى استخدمتها فى الأبحاث العلمية لعمل الاستكشافات، واستهلاك المعدات والآلات ومعامل تحاليل التربة أثناء عمليات التنقيب، وغيرها، مما يهدر الكثير من ثروة مصر المعدنية.

وأوضح السيد أن الحكومة استهدفت من خلال تلك المدينة الجديدة، توفير المعدات وآلات استخراج وتنقيب الذهب، وإتمام عمليات التصفيات والتنقية للوصول لنسبة نقاء من 90 - 95 % من الصخور داخل مصر بالمرحلة الأولى، والتى من الممكن خلالها الاستعانة بخبراء أو أجزاء محددة من المعامل خارج مصر مثل النرويج أو السويد، لإتمام عمليات الاستخلاص النهائية من الشوائب لوصول الذهب لمرحلة النقــاء 100 % وبمستهدف وصول لنسبة 80 % من المستخرج لصالح مصر.

ثروات طبيعية

وأكد أحمد مهنى، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن مشروع بناء مدينة متخصصة فى الذهب والتعدين بمصر هى الأولى من نوعها فى الشرق الأوسط، ويرجع هذا للتخطيط الاستراتيجى طويل المدى لاستغلال الدولة لثرواتها الطبيعية، مؤكدا أن هذه المدينة تعكس تاريخ مصر الحضارى العريق فى هذه الصناعة الحرفية الدقيقة، فقد عرف المصريون صناعة الذهب منذ عصور ما قبل التاريخ، متمثلا فيما تركوه من إبداع فى صنع الحلى والمشغولات الذهبية، والذى نعمل على إحيائه اليوم بأيدٍ مصرية، وخطوات محددة ومخطط لها.

وأرجع مهنى ذلك، إلى امتلاك مصر الكثير من المقومات المهمة لإنجاح مشروع تأسيس مدينة عالمية متكاملة فى مجال صناعة وصياغة وصقل المجوهرات، إلى جانب تأسيس مدارس تكنولوجيا متخصصة فى هذا المجال، لتجهيز المنتج المصرى للمنافسة عالميًا وبقوة، من حيث الأذواق، وجمال التصميمات، والتنفيذ، وكانت أول مدرسة تكنولوجيا تطبيقية متخصصة فى صناعة الحلى والمجوهرات بنظام الـ 3 سنوات، استقبلت الدفعة الأولى فى العام الدراسى 2019 – 2020، وتحمل اسم «إيجبت جولد».

وقال إن تلك الخطوة تساهم فى سد فجوة زيادة التكلفة، التى تمثل عامل ضغط على عناصر إنتاج الذهب، وفرض الرسوم على تصديره، مما يمثل عبئا على سعر البيع وعلى الحكومة، من خلال المطالبة بتحويل مصلحة دمغ المصوغات والموازين إلى هيئة اقتصادية تدير مواردها بما يحررها من تلك القيود، لتصبح صناعة الذهب إحدى الصناعات الرائدة فى مصر.

 

تجارة الذهب عملة رائجة فى الأسواق
تجارة الذهب عملة رائجة فى الأسواق

 

ونوه نائب البرلمان، إلى أن هناك من القوانين والتشريعات ما يكفى للتعامل مع هذا الحدث؛ حيث تم تعديل قانون الثروة التعدينية، بهدف تشجيع المستثمرين على ضخ استثمارات ضخمة فى مجال الاستكشاف  

من جهته, قال رفيق عباسى، رئيس غرفة صناعة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، إن إنشاء مدينة متخصصة لصناعة الذهب تعتبر مركزًا مجمعًا للمصانع وتجار الجملة، لاستعادة عمليات التصدير التى توقفت نظرًا لكثير من  المشكلات، مضيفا  أن مصر تستطيع منافسة الدول العالمية فى تلك الصناعة، وفتح خطوط إنتاج للمشغولات الذهبية والتصدير بمليارات الدولارات،  متوقعا أن يتم  التصدير بنحو 400-500 طن سنويا، من خلال مساهمة الورش والمصانع التى سيتم إنشاؤها فى المدينة الجديدة، إلى جانب وجود نحو 6 مصانع قادرة على التصدير والمنافسة.

وأشار رئيس غرفة صناعة الذهب، إلى أن مصر الآن تنتج 50 طنا بعد أن كانت 300 طن سنويًا، مرجعًا السبب فى ذلك إلى ارتفاع سعر الذهب، موضحًا أن الدعم الرئاسى لصناعة الذهب من شأنه أن يمحى كثيرا من التحديات والعراقيل، مشيرا إلى أن دمغ المشغولات الذهبية ربما يكون سببا فى عرقلة السعى نحو زيادة الصادرات المصرية، مؤكدًا على أهمية التركيز على عمليات التصدير بعد إنشاء مدينة الذهب، لما سوف تقدمه من حجم كبير فى الإنتاج موجه حاليًا للسوق المحلية، التى لا تستطيع استيعابه كاملا. 

أولوية قصوى

وأكد المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن الثروة المعدنية بصفة عامة  تعتبر من أهم الثروات، وتمثل فى مصر بصفة خاصة قوة اقتصادية كبرى غير مستغلة بالشكل الأمثل؛ حيث إن مساهمتها فى الناتج القومى الإجمالى لا تتجاوز نحو 50 - 60 مليون دولار سنويا، ولذلك يعتبر قيمة مضافة قليلة للغاية مقارنة بالثروة المعدنية فى مصر. 

واستكمل: من المستهدف خروج مصر من الدائرة التصديرية «900 مليون جنيه فى الوقت الحالي» إلى ما يقرب من 10 مليارات جنيه سنويا، أى من 10 – 20 ضعفا للرقم الحالى خلال الـ5 سنوات القادمة، وذلك من خلال الاستمرار فى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية طويلة الأجل، وتحفيز المستثمرين فى ظل استقرار مصر السياسى والمالى والاقتصادى، ويتحقق ذلك بمزيد من المناقصات والمزايدات والاتفاقيات التى يتم إبرامها، والاستمرار فى إعداد الخرائط الكشفية للثروة المعدنية التى بموجبها تتم عمليات الطرح.

وقال وزير البترول الأسبق، إن التوجه العام لمصر فى الوقت الراهن هو العمل على زيادة القيمة المضافة للموارد الطبيعية، وذلك من خلال عدم الاكتفاء بعمليات الحفر والتنقيب والاستخراج للمواد الخام فقط، ولكن دخول مصر مرحلة البناء والتصنيع من خلال العمل على إنتاج المشغولات الذهبية، وإنشاء مصانع حامض الفسفوليك والتى تعتبر أساس الصناعة؛ حيث إن ما كان يتم هو صب منتج الذهب وتصديره لشغله وصناعته ومعايرته وختمه بالخارج ثم استيراده مرة ثانية. 

وتابع، أن الذهب لا يقل أهمية عن باقى المعادن من حديد وفحم ومنجنيز، وهذا يتماشى مع عمليات توجه الدولة العام والاستفادة القصوى، وتعظيم القيمة المضافة من الثروات المعدنية الموجودة، وإنشاء مصانع الأسمدة الفوسفاتية، وهو نفس الاتجاه لباقى الثروات مثل الرمال التى تصدر لتصنع خارج مصر ثم نستوردها ثانية فى شكل «زجاج».

وأشار حمدى عبد العزيز، المتحدث الرسمى باسم وزارة البترول، إلى اتجاه الدولة فى التوسع خلال المرحلة المقبلة بعمليات التنقيب عن المعادن وعلى رأسها الذهب، من خلال تأسيس شراكات بين هيئة الثروة المعدنية والشركات الفائزة بحق امتياز الاستكشاف والإنتاج، ووفقًا لاتفاقيات إنتاج الذهب، على غرار شركة السكرى لمناجم الذهب.

وأضاف، تم وضع الضوابط بعد تعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية والتى تعمل على تنظيم عمليات التنقيب فى محاجر ومناجم مصر عن ثرواتها التعدينية، بما يسمح بالاستفادة بها بشكل أمثل، لضمان تحقيق أكبر عائد للدخل القومى المصري، ووضعت الوزارة استراتيجية تسعى للارتقاء بأداء القطاع التعدينى وجاذبيته الاستثمارية، وتستهدف تحقيق طفرة بحلول عام 2030 تضمن رفع قيمة الناتج القومى إلى 7 مليارات دولار، وتوفير أكثر من 110 آلاف فرصة عمل جديدة، وجذب استثمارات بقيمة 700 مليون دولار كحد أدنى.