مائة عام من «ريدرز دايجست»..

المجلة الأمريكية الشهيرة تحتفل هذه الأيام بمرور قرن على ميلادها.. إنها مائة عام من التواجد المتميز والتواصل الإنسانى والانتشار الجماهيرى وبالطبع الاستمرار فى الصدور.. وجذب انتباه واهتمام أجيال متوالية من القراء فى أمريكا والعالم.

 

ميلاد مجلة «ريدرز دايجست» الشهرية كان فى فبراير 1922 على يد الناشر ويليام ديويت والاس وزوجته ليلا.. تصدر من مدينة نيويورك وتوزيعها الحالى يزيد عن 3 ملايين نسخة.. ويذكر فى هذا الصدد أن عدد نسخها من الطبعات الدولية يزيد على 40 مليونًا فى أكثر من 70 دولة بـ 21 لغة!

والمجلة العريقة وواسعة الانتشار لا تتردد حتى الآن فى أن تتحدث عن نفسها وعما تقدمه على صفحاتها بأنه مختارات من كتابات عن الناس وحياتهم تقدمها بطريقة سلسة فى قراءتها وسهلة فى فهمها.. ربما كانت هذه الوصفة الصحفية وهذا التوجه الإنسانى السبب وراء انتشارها أكثر من أى إصدار آخر. وقد وصل عدد المترددين على موقعها الإلكترونى مؤخرًا إلى عشرات الملايين، وهى دائمًا تفاعلت مع متطلبات العصر واحتياجات قرائها فقدمت المجلة بحروف كبيرة لكبار السن وطبعة برايل لفاقدى البصر، بالإضافة إلى النسخة الرقمية والصوتية للمجلة.

ما من بيت أمريكى زرته فى العقود الماضية وإلا رأيت فى ركن من أركانه أعدادًا من هذه المجلة الصغيرة فى الحجم (حجم الجيب) والقريبة من عامة الناس وأسرهم.. المجلة المعنية والمتابعة لاهتماماتهم وهمومهم وحياتهم اليومية وثقافتهم العامة. مجلة تتناول كل هذا بكثير من التفاؤل والأمل ولا تنسى أبدًا أن الضحكة لها مفعولها الساحر فى حياتنا. وقد اشتهرت بأنها تحتفى وتحتفل بروح الفكاهة والمزحة ونشرت الكثير من النكات.. وذكرت إدارة المجلة بأن أعدادها على مدار مائة عام احتوت على أكثر من 100 ألف نكتة!

 

 

ومادمت أتيت بذكر الطبعات الدولية أذكر أن أكثر من محاولة جرت لإصدار طبعات عربية منها. المحاولة الأولى كانت فى عام 1943 مع الأخوين على ومصطفى أمين فى مصر باسم «المختار» (من ريدرز دايجست) وقد صدر العدد الأول من النسخة العربية فى سبتمبر 1943 وكان رئيس تحريرها الصحفى اللبنانى فؤاد صروف واستمرت حتى عام 1947. واتبعت النسخة العربية نفس تصميم المجلة الأصلية بأن يكون فهرسها أو عناوين العدد هى غلافها تتصدره جملة بخط أكبر «فى كل مقالة لذة دائمة»، ثم كانت المحاولة الثانية عام 1956 وصدرت «المختار» برئاسة تحرير الصحفى المصرى محمد زكى عبد القادر. واستمر هذا الإصدار إلى يونيو عام 1967.. وجاءت المحاولة الأخيرة لبنانية من دار النهار. بدأت عام 1979 وانتهت عام 1993. رأس تحريرها إدموند صعب من صحيفة النهار اللبنانية.

وأول مقال فى العدد الأول من مجلة ريدرز دايجست ـ  فبراير 1922 كان بعنوان كيف تحافظ على شباب ذهنك؟ يتناول حياة المخترع الأمريكى اليكسندر جراهام بل (مخترع التليفون).. ويشدد على إيمانه بالتعلم مدى الحياة.. وبأن الأمر الأهم والضرورى فى أى تعليم حقيقى هو أن تراقب وأن ترى ثم تقارن.. وهو ما يعكس شغف المخترع فى أن يعرف وأن يكتشف باستمرار . المجلة وهى تحتفل بعيد ميلادها الـ 100 ذكرت أنها نشرت على مدى تاريخها نحو 35 ألف مقالاً.. فى ألف و200 عدد من المجلة.. إنها حواديت الكفاح والنجاح الإنسانى وحكايات تدعو إلى التفاؤل بالحياة وتنبه بانتصار الخير فى نهاية المطاف.. الفنان والت ديزنى لم يتردد فى القول يومًا ما بأن هذه المجلة فى اعتقاده إحدى القوى الفاعلة للخير فى العالم.. والمجلة لها أيضًا مائة عام من الأقوال المأثورة والحكم التى تعطى لقارئها زوايا مختلفة لرؤية الدنيا وفهمها.

سعر أول عدد من ريدرز دايجست فى أمريكا كان 25 سنتًا (ربع دولار)، وظل هذا سعرها لأكثر من 30 عامًا.. أما سعر المجلة الآن فهو 2 دولار و99 سنتًا.. إلا أن الاشتراك السنوى قد لا يزيد على 15 دولارًا لعشرة أعداد تصدر سنويًا.

ريدرز دايجست تبدأ قرنًا جديدًا وسط الصخب السائد والمتزايد من السوشيال ميديا وطوفان المعلومات وإعصار الآراء وتحاول أن تقدم المختار وما يتم غربلته واختياره مما هو معروض ومتوافر بكثرة من أجل تقديم ما هو مفيد وممتع. إنها سحر الطبخة.. وبهجة الحواديت الإنسانية!