الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

العام 2020

ريشة: هبة المعداوى
ريشة: هبة المعداوى

عاد الأب سعيدًا من العمل حيث كان يومًا رائعًا، فهو يعمل فى شركة تنظم البطولات الرياضية العالمية، وكان اليوم ممتعًا حيث إن غدًا سيكون موعد انطلاق كأس العالم Egypt-2078، وكانت هناك مخاوف من فيروس معين قد تلغى البطولة بسببه ولكن طالما لم يعلن جائحة فيمكن السيطرة عليه مع اتباع بعض الإجراءات الاحترازية.



قال الأب محمود:(لقد أعدت الأم مائدة الطعام هيا لنتناول الغداء معًا)، قال خالد:(حسنًا يا أبى هيا لأنى أنتظرك حيث إننى أتضور جوعًا). اجتمعت الأسرة فى ود تتناول الطعام، ودار حديث شيق بين الأسرة، وبعد الانتهاء من الغداء قال الأب:(إنها وجبة شهية حقًا،عندى لكم مفاجأة فلقد حضرت لكم فيلمًا لنشاهده فهى آخر سهرة غير كروية قبل انطلاقة كأس العالم غدًا)، فقالت الأم:

(ولكن بعد العَشاء حتى أكون قد فرغت من مشاهدة مسلسلى) فضحكوا جميعًا ثم ذهب خالد وليلى كلّ إلى غرفته للمذاكرة حتى موعد الفيلم المنتظر.

وبعد أداء كل منهما واجباته سألت ليلى:(ما اسم الفيلم يا أبى)، أجاب الأب:(العام 2020، عام الغموض والرعب). ثم بدأ الفيلم.

وفى خضم تلك الأزمة، وفى وسط الغموض والجميع يتساءل «لماذا اتخذ كل هؤلاء تلك القرارات الجنونية حتى تساقطت الاقتصاديات العالمية كلها، حتى أصبح البترول بلا قيمة والمجاعات تدق على الأبواب، لِمَ كل هذا؟! ومِمَّ نخاف؟!».

إنها الجائحة العالمية «كوفيد- 19»، وتحديدًا فى عام 2020 الجميع هنا يخافون وحظر التجوال يدوم كثيرًا؛ فالجميع فى بيوتهم ولا وجود للظواهر الطبيعية للحياة البشرية. ما أقدم عليه هذا الكائن الميكروسكوبى الذى لا يُرَى، فقد أقدم على فعل ما لم يقدر عليه لا هتلر ولا موسيلينى ولا حتى رمسيس أو نابليون، فعليًا لم يقدر أحد على وجه الأرض أن يوقف الحياة البشرية بهذا الشكل وعلى ذلك المنوال، وفى كل هذا يأتى مستهزئون بالأزمة لا يلتزمون ولا يهابون شيئًا ولا يدركون حتى يموتوا أو تمحى عائلاتهم من على وجه الأرض. 

فهذا الفيروس التاجى اللعين لم يترك كبيرًا ولا صغيرًا ذكرًا كان أو أنثى بل لم يترك بعض الحيوانات!!

 لقد خلد فى تاريخ الكرة الأرضية سَنة سوداء مات فيها الكثير وتألم الأكثر، عام قد يكون الأسوأ على الإطلاق، أسوأ ما مر علينا.

قال خالد مقاطعًا مشاهدة الفيلم: (يا أبى سوف تعقد «منظمة صحة الشعوب» مؤتمرًا بعد قليل). 

 أجاب الأب:(حسنًا سوف نستمع إليه ولكن نكمل أولًا مشاهدة الجزء الأول من الفيلم).

قد تستمر هذه الجائحة أكثر إن لم نلتزم، فأعداد المتوفين والمصابين تزداد وليس هناك إلا أن ننتظر أشهُر وننتظر أشهُر أخرى حتى نأتى باللقاح، فما بأيدينا سوى الوقاية منه حتى نحافظ على أنفسنا وأبنائنا والانتظار حتى نحافظ على جنسنا البشرى. 

فى الفترة من 1/11/2019 إلى 1/12/2019 ظهر هذا الفيروس اللعين وظهرت كثير من التكهنات حوله وكثر السؤال حول المرض الذى يصيب الناس فى الصين وتحديدًا فى مقاطعة ووهان الصينية، فكانت تلك البؤرة التى انتشر منها المرض وبين التكهنات التى تشير إلى فشل الصين فى السيطرة على الوضع حتى اضطرت للإعلان عن الفيروس رسميًا فتهاون بقية العالم حتى أصبح جائحة عالمية تحديدًا فى 11/3/ 2020 وقبلها أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه فيروس خطير يجب الحذر منه وأن تفشيه يشكل حالة طوارئ صحية عامة تحديدًا فى 30/1/2020 فكان ذلك بمثابة صافرة الإنذار ولكننا لم ننتبه حتى إعلان «كوفيد- 19» والذى ينتمى إلى العائلة التاجية كجائحة ووباء عالمى، تهاونا مرة ثم الثانية بل وتهاونا فى صحتنا وألحقنا الضرر بأنفسنا أكثر من مرة.

 لقد مُحيت عائلات بسبب تهاون فرد واحد فيها، لقد مات أقارب بسبب تهاون غرباء مع تلك الجائحة. فإلى متى سنظل نتهاون؟! حتى ينقرض عرقنا البشرى أمْ حتى نموت جميعًا!!

لقد كان يمكن السيطرة على الأمر الشتاء السابق على الجائحة، ولكننا لم نلتزم حتى خرج رئيس وزراء دولة عظمى لها تاريخ عريق وحاضر مهيب يقول: «انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء»، وأصيب رئيس وزراء دولة أخرى لها من الكبرياء أن لا ترى إلا نفسها وأصيب رئيس دولة تعد الأعظم حضاريًا وعسكريًا واقتصاديًا فى العصر المعاصر، وكانت رحمة الله وجاء الصيف معطيًا إيانا مهلة حتى نأتى باللقاح ولكن الوقت انقضى ولا نزال نحاول ونثابر للمجىء باللقاح ولكن عاد الشتاء سريعًا وتزايدت الأعداد أسرع؛ حيث كاد العداد اليومى ألا يتوقف عن عد المصابين ولكن لا يزال يمكننا السيطرة على زمام الأمور. 

لقد كان لهذا الفيروس من النفوذ والقوة أن تنحل منظمة الصحة العالمية وبعض الحكومات والتجمعات الصحية والتجارية بسببه فعليًا، لقد أكل هذا الفيروس الأخضر واليابس.

فهل سنعود إلى رشدنا ونلتزم بالإجراءات الاحترازية أمْ نعود لتجربة العام الماضى؟!

الأمر لا يزال بأيدينا فيجب ألا نتركه ليصبح خارجًا عن إرادتنا.

سألت ليلى بعد مشاهدة الفيلم: (ما هو ذلك الفيروس يا أبى)، أجاب الأب:( إنه فيروس خطير جدًا ومعد لأشد الدرجات فهو مشابه لكوفيد- 77 ولكن بسبب الإهمال الصحى وقتها توارثناه حتى تطور وظل يتطور فوصل إلينا بعد ما يقرب من خمسين عامًا؛ حيث يقال أنه فتك بحياة الكثير من سكان الأرض آنذاك وأصاب وتألم منه الأكثر. فنحن سنتحول مثلهم بل أبشع إن لم نتمكن من السيطرة على هذا الفيروس).

ثم قام الأب يتناول العَشاء مع أسرته ويحاورهم عمّا دار فى الفيلم من أحداث وأنه كان توعية رائعة عن «كوفيد- 19» آن ذاك، ثم جاء صوت مذيعة نشرة الطقس تقول «غدًا 12/3/2078 سيكون يومًا مائلًا للحرارة فى الصعيد معتدلاً فى القاهرة، وقالت ضاحكة أنه أيضًا يوم مشرق مناسب للعب كرة القدم» ففرح الأب لأنه سيكون يومًا طويلًا غدًا فهى افتتاحية كأس العالم، وجاءت ابنته ليلى تقول له: (سيبدأ مؤتمر «منظمة صحة الشعوب» الآن) فقال الأب: (حسنًا فلنشاهده جميعًا ثم نكمل الجزء الثانى من الفيلم).

ثم يبدأ المؤتمر فيقول فيه مدير «منظمة صحة الشعوب»: (أعلن لكم وبكل أسف وحزن اعتبار «كوفيد- 77» كوباء عالمى خطير وأنه فيروس معد مشابه «لكوفيد-19» ولكنه أخطر وأشد فتكًا وإنه جائحة عالمية يجب أن نخاف منها جميعًا حتى لا يتكرر ما حدث فى الماضى).