الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
مطلوب قارئ !

مطلوب قارئ !

ما نشرته الأمم المتحدة حول «عادات القراءة فى العالم العربى»، يُندى له الجبين خجلًا.



فقد كشفت الأرقام، المخجلة، أن معدل ما يقرأه الفرد سنويًا ربع صفحة فقط. فى حين أن متوسط قراءة الفرد الأوروبى يبلغ نحو 200 ساعة سنويًا.

وحسب إحصاءات منظمة «يونيسكو»، لا يتجاوز متوسط القراءة الحرة للطفل العربي دقائق معدودات فى السنة، مقابل 12 ألف دقيقة فى العالم الغربى. وعلى الرغم من معارض الكتب، والتظاهرات الثقافية، والندوات الأدبية، والجوائز المجزية على مدار العام لأفضل كاتب وكتاب، فإن الأرقام تصيبنا بالإحباط وخيبة الأمل.

لقد غزتنا التكنولوجيا الحديثة المتطورة، وتضافرت الفضائيات وشبكات المعلومات وأجهزة الكمبيوتر على منافسة الكتاب. اختفت ابتسامة مكتبة المنزل ونضب نبع الكتّاب. وبعد أن كنا نعانق الكتب، ونختار لأبنائنا أفضل المدارس، وأرفع الكفاءات توهجًا، ونزودهم بالوعى، ونثير فيهم إرادة التحدى، ونشجعهم على القراءة والارتباط بالكتاب.. اكتفينا بنظرة تعجب إلى أولاد هذا الجيل، أو بتعليق سريع مصحوب بالاندهاش، وهم ينزلقون داخل حبس التواصل الاجتماعى، دون أن نتدارك الأمر.

وأتعجل القول بأنني لست ضد الكتاب الرقمى لحساب الكتاب المطبوع، ولكنى أستهجن أن تُحرم الأجيال الطالعة من إبداعات الكتّاب، إن فى القصة، أو الرواية، أو الشعر، والسياسة والاجتماع والتاريخ، والتراث والفنون على تنوعها، وآلاف المخطوطات التى تنتظر من يغرف منها، ويتمحص بها، ويكشف معمياتها. إن الغالبية من أبناء هذا العصر لا يتعمقون فى قراءاتهم، وكل ما يقومون به هو مطالعة سطحية مشتتة تؤدى إلى جمود وضمور القدرة على التفكير، والمناقشة، والاستفسار، يلجأون الى البرامج التليفزيونية، والمدونات الصغيرة التي تجتزئ المعلومات، فيلهون أنفسهم بالهواتف الخلوية، أو الكتب الإلكترونية، أو الكومبيوتر «اللوحى» فى قراءة متقطعة خلال فترات قصيرة، لا تثرى، ولا تنير المدارك.

بإيمان شديد بما قيل، من أن الإنسان القارئ تصعب هزيمته، وأن القراءة الحرة تُعلم أكثر من المدرسة بألف مرة، دعونا نعمل على الغالبية من الشباب الذى يحتاج قدوة، سيجدها فى أمهات الكتب ومع رواد الفكر والفن والعلم، وسِيَر الكبار، وقصص الكفاح والنجاح. دعونا نعيد حصص القراءة بالمدارس وحصة المكتبة، ونتوسع فى إنتاج الكتب الصوتية والإلكترونية، ونعيد نوادي القراءة ونبنى المزيد من المكتبات العامة، إلى جانب المكتبات القديمة التى تطل من رحم التاريخ. ولا بد أن نفتح أبوابها بعد انتهاء دوام العمل، ليجد الطالب أو الباحث مكتبة تحتضنه بعد مغادرته قاعة الدرس. 

إن الكتب، فى المحصلة، هى ثروة العالم المخزونة، وأفضل إرث للاجيال المتعاقبة، علينا أن نحافظ عليها!