السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أحمد الحجار فى حوار الشجن والذكريات: لسه بتكسف

كنت أنتقى كلماتى دائمًا قبل كل لقاء لتواكب مفرداتى رقته اللامتناهية وحسه العذب.



خُلق أحمد الحجار ليكون فنانًا مرهف الحس، رقيق المشاعر، استغل قدرات الموسيقى على التعبير فى رسم صورته الفنية فى خيال أجيال.

لم يكن إنسانًا مهنته الألحان؛ إنما كان ملحنًا إنسانًا؛ لذلك فمع كل جملة موسيقية له استطاع أن يطبع ملامحه الموسيقية بذوق راقٍ فتمايلت ألحانه لترسم الشجن فى نفوس السامعين.

انعكست نشأته على موسيقاه، وانطبعت أصالته على مفرداته اللحنية.

رحل تاركًا فراغًا.. يملأه فن لا ينسى.

 

كان أحمد طفلا خجولاً للغاية لدرجة أنه كان يعشق الغناء ولكنه عندما يحب أن يغنى لا يُسمع أحدًا صوته، فكان يدخل الغرفة ويغلق على نفسه الباب بإحكام ويغنى، كى لا يسمعه أخوه الأكبر على الذى كان يتدرب على يد والده ذلك الوقت، على أصعب الموشحات والمواويل والمقامات الصعبة.

 

 
 
مع الحجار الكبير وشقيقه على
مع الحجار الكبير وشقيقه على

 

 

وكان أحمد يراقب المشهد من بعيد ويتعلم فى صمت ليختزن كل النصائح فى ذاكرته.

وعندما كان يجلس فى جلسة موسيقية مع والده وصحبته كان يبكى لشدة إحساسه باللحن والموسيقى.

وفى الثامنة من عمره كان والده يعمل مدرسًا بمدرسة أيتام، وقد أقامت المدرسة ذات يوم حفلًا لجمع تبرعات للأطفال.

وأصر أحمد على حضور الحفل، فوافق والده بعد إلحاج شديد منه، وذهب إلى الحفل وسمع والده وهو يغنى أغنية للأيتام من ألحانه تقول كلماتها:

• يا طفل يا مجروح/لا أم لك ولا أب

• باب السما مفتوح/ للى يقول يارب/ يارب/ يارب/

بعد الأغنية لم يشعر أحمد بنفسه إلا وسيدة كانت تجلس بجواره تقول «ياااه شوفوا الطفل الصغير دا بيبكى إزاى؟»..

سمع أحمد الأغنية واللحن بقلبه وروحه لا بأذنه.

وظل يخبئ موهبته إلى أن تعلم أخوه الأكبر على العود على يد والده وكان يراقبهما أحمد الحجار من بعيد ويحفظ ما يقول والده ويكرره فى غيابهما.

 وفى السابعة عشرة كان أول ألحان أحمد الذى تسبب فى مفاجأة للجميع.

 

 

مع صديق عمره الشاعر جمال بخيت
مع صديق عمره الشاعر جمال بخيت

 

فلم يكن أحد يتخيل أنه يحمل كل هذا الكم من الموهبة ولم يصرح بها.

فى هذا الوقت كان دافعه الأول ومثله الأعلى على الذى دعمه كثيرًا وشجعه بعد إعجابه بألحانه.

أنهى أحمد دراسته الثانوية والتحق بكلية التربية الموسيقية بعد اجتيازه الاختبارات بتفوق، واستمر بعدها مشواره الفنى.

حنين

بدأ أحمد شهرته بألبوم «حنين» ثم «تمنيت» ثم و«لا عمري» وألف الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام السينمائية.

أما بداية ظهوره الجماهيرى فكانت عندما قدمه على الحجار فى إحدى الحفلات ليغنى أحمد «عود»، وهو يعزف على العود دون فرقة موسيقية ولاقى استحسان الجميع ولم يتوقف تصفيق الجمهور عقب كل مقطع من الأغنية.

لحَّن أحمد العديد من الأغانى وأولها «اعذريني» لأخيه على، ثم تعرف على الشاعر جمال بخيت من خلال الصديق المشترك حسن شهاب وبدأ المشوار بينهما.

واهتم أحمد كثيرًا فى بداياته بالمسرح، حيث عشق العمل به، وألف كثيرًا من ألحان المسرحيات.

وفى الدراما كان له العديد من أعمال الموسيقى التصويرية لكثير من المسلسلات.

سألته: مفتقدينك.. أنت فين من الساحة الفنية والغنائية؟

أعمالى لم تغب وأنا كمان لم أغب ولكن الدنيا ازدحمت بمن لا رسالة لهم، كثيرون يتكسبون من الغناء أو اللحن مع أن الألحان رسالة.

التلحين إلهام لا يأتى فى أى وقت.. فمتى تكون مهيأً لقطعة موسيقية وأغنية.. وهل لديك أوقات محببة؟

- أفضل الأوقات للتلحين عندما أكون فى حالة نفسية جيدة، ولا يشغل فكرى شيء وعندما أشعر كأن شيئًا ما يدفعنى للحن هو الكلمات الجيدة. يكمل: أفضل وقت عندى للتلحين هو بعد منتصف الليل حيث الهدوء بشكل عام.

من الشاعر المفضل لديك بكلماته وإحساسه؟

- عشت فترة أنا والشاعر جمال بخيت نجوب البلاد..  هو بكلماته أرتاح لها كثيرًا وأعشقها لأنها تعبر عما بداخلى، وهناك اتصال كبير بينى وبين جمال وكيمياء.. وكنا نعقد أمسية باستمرار سماها جمال «مشاعر لا تكذب» وكان عامل لها شكل  آخر بديع.

ثم ارتبطت فترة بالشاعر الجميل ناصر دويدار، كلماته بسيطة وسلسة وتصل للناس بسهولة، وبدأت علاقتنا بخناقة وانقطعنا عن بعض فترة ثم قابلته ثانية وعندما سمعته اندهشت لأننى شعرت بأنه كنز، وبيننا العديد من الأعمال.

من الموسيقى الذى تستمتع بألحانه بعد إبراهيم الحجار؟

- كثيرون زى عمر خيرت راجح داود وهشام نزيه أى شخص طالما موجود فى المجال وله إنتاجه الموسيقى وحقق نجاحًا فيه، يبقى عمل حاجة والحاجة دى هى البصمة اللى أنت بتستمتع بيها، وفى نفس الوقت بتميزه عن غيره واللى بسببها نجح.

فى رأيك إيه أهم مقومات الملحن الناجح؟

- الملحن الناجح هو الذى يعرف كيف ينتقى كلمات أغنياته وينتقى إيقاعات الأغانى والمقدمات مع مراعاة الذوق والجملة الموسيقية البسيطة هى الأهم والأهم من الموهبة حقيقة، لذلك تنتشر ألحانه ويشعر بها الناس وأن النجاح لا بد أن يدوى.

لفترة، وتحت شعار اكتشاف المواهب غزت الشاشات برامج غايتها المعلنة تأمين فرص للأصوات  الجميلة تحقيقًا للنجومية، لكن سرعان ما تجد المواهب الفائزة  مؤقتة النجاح  تنطفئ عنها الأضواء بسرعة.. إيه رأيك؟

- أعتبر هذه البرامج مبتورة لم تؤد دورها.. ركزت على الربح المادى من الإعلانات والرسائل القصيرة، ولا يهمها اكتشاف أصوات أو تقديم موهبة جديدة. يكمل: المرحلة الأهم ليست فى اكتشاف موهبة جديدة إنما فى رعايتها والوقوف إلى جانبها ومساعدتها إنتاجيًا، لكن فى الواقع يتخلى القيِّمون على هذه البرامج عن الفائز بعد تحقيق الأرباح أو يفرضون عليه عقد احتكار لسنوات بشرط جزائى ومبلغ خيالى بحجة إنتاج ألبومات ثم يتركون الصوت من دون راعٍ.

يكمل: أغلب هذه البرامج كانت وسيلة للنصب  على الذين يبحثون عن فرصة.

يكمل: المواهب الشابة عندها عذر فى الاعتماد على هذه الأوهام, وحقها تطرق كل باب يحقق حلمها، لكنها سرعان ما تدرك أن هناك مشكلة.

 

نسمة الإحساس والألحان
نسمة الإحساس والألحان

 

قلت أغانى المهرجانات طغت السنوات الأخيرة.. ما رأيك؟

- المهرجانات سرطان ووباء سمعى وعلاجه يحتاج إبداعًا وفنًا جيدًا يمحوه والفن يعتمد على الإبداع لا التلوث، آسف حينما أجد برومو فيلم أو مسلسل المزيكا فيه مهرجان.. المشكلة أن كثيرا من أطفالنا والأجيال الجديدة حكمتها ومبادئها فى الحياة مستمدة من أغانى المهرجانات التى أصبحوا يحفظونها عن ظهر قلب.

يكمل: أعتقد أن هوجة المهرجانات لن يكتب لها الاستمرار لأنها حالة استثنائية لا يمكن أن تدوم، والمواجهة الحقيقية للمهرجانات هى الإبداع والفن الهادف الحقيقى الذى يقدم رسالة وطاقة إيجابية فى الحياة.

ما رأيك فى الأصوات الجديدة؟

- للأسف اعذرى تقصيرى لأنى لم أتابع الكثير من الجدد مع التأكيد على أن هناك أصواتًا أصيلة وجميلة مثل آمال ماهر وشيرين عبدالوهاب وأنغام، كما أن هناك هانى شاكر وعمرو دياب وعلى الحجار ومحمد منير.

من توجه له رسالة؟ وماذا تقول فيها؟!

- أوجه رسالتى لإبراهيم الحجار.. أود أن أشكر ربنا لأن هذا الشخص كان والدى وأشكره لأنه ربانا على الحب، وقد كتبت له هو وأمى «أبويا الحبيب» ورغم هذا أنا عاجز عن شكرهما وعلى ما وصلت له كان السبب فيه والدى.

حوار نشر: 2016

فى صباح الخير