الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«جريمة» شريف عرفة!

إستراحة مشاهد

«جريمة» شريف عرفة!

الاسم الأكثر تناسبًا مع هذا الفيلم هو «المجرمون» أو «ضابط و7 مجرمين»، ولو أردنا تصنيفه فيلمًا نفسيًا لكان الاسم الأمثل «أبى وأمى وجدى»، ولو صنفناه ضمن سينما الغموض لحمل الأفيش عنوان «دماء فى القصير»، لكن الاسم ليس الأزمة الوحيدة فى فيلم «الجريمة» أحدث أفلام النجم أحمد عز، بل الأزمة الحقيقية أنه يحمل توقيع شريف عرفة.



صناع فيلم «الجريمة» وفى مقدمتهم عرفة، بالتأكيد افترضوا أن الجمهور لم يسمع من قبل عن نظريات سيجموند فرويد، التى تربط بين عقد الطفولة خصوصًا الجنسية وسلوكيات الشخص عندما يكبر ويواجه المجتمع، وافترضوا كذلك أن تيمة «الجريمة والعقاب» التى تكررت فى أفلام كثيرة نقلاً عن رواية الأديب الروسى تيودور ديستوفسكى حيث يتخذ البطل بنفسه قرار القتل بحجة تخليص العالم من الأشرار، بل إنهم افترضوا كذلك أن الجمهور لم يتابع أفلامًا معاصرة شهدت خطوطًا درامية مقاربة لما شاهدناه فى الجريمة، أبرزها تخطيط أحمد عز أيضًا لقتل زوجته بسبب الخيانة فى «الحفلة»، ظهور نبيل عيسى فى شخصية مدمن الهيروين فى فيلم « من 30 سنة» لعمرو عرفة، وسبق ذلك علاقة عقدة الابن بسبب خيانة الأم لأبيه والتى انطلق منها فيلم «عفوًا أيها القانون».

 

بوستر الفيلم
بوستر الفيلم

 

لا يعنى ما سبق أننا نطالب كل فيلم جديد بأن يتفادى ما سبقه، فالدراما لا تزال تنهل من التراث اليونانى القديم، حتى إن أحمد عز ذَكر ذلك مباشرة ضمن مشاهد الفلاش باك التى كان يحكى تفاصيلها لمحمد الشرنوبى – مجسدًا شخصية ابنه- عندما وصف ما جرى له بأنه يشبه التراجيديات اليونانية، لكن على الأقل يجب أن يقدم العمل الجديد «جديدًا»، وهو ما لم يوفق فيه شريف عرفة الذى شارك فى كتابة السيناريو كما فعل فى فيلم «الممر»، والذى مارس لعبة «التويست» بتكرار مبالغ فيه مع جمهور الفيلم، لكننى وأعتقد من شاهدوه معى لم يندهشوا كثيرًا، بعدما كشف لنا مبكرًا عن أن عقد الابن ووصايا الجد هى السبب فى كل ما نرى، بالتالى لم يعد مفاجئًا ما إذا كان قد قتل البطل زوجته فعلاً رميًا فى البحر، أو ماتت حرقًا أو خطفها عن العيون، وجاء تكثيف «التويستات» فى المشهد الأخير وكأنه بمثابة تطبيق مباشر لرسالة الفيلم، التى من المفترض تدور حول أن الحقيقة يرويها كل منا من وجهة نظره، لكن الرسالة القيمة ضاعت بسبب تداخل الجرائم وعدم منطقيتها وتبريرها بأن البطل مهتز نفسيًا، فالرجل الذى رمى زوجته الخائنة فى البحر ثم أنقذها بسبب حبه لها، هو نفسه الذى فكر وقرر فى دقيقة واحدة ودفع بوالديها للموت فى حادث طريق مدبر فقط لأنهما هدداه بحرمانه من ابنه!

المفارقة أن السيناريو الفاقد للجاذبية لم يؤثر على باقى عناصر الفيلم الذى اختار صناعه موقع تصوير جديدا على المشاهد المصرى، وعلى مستوى الملابس والإكسسوارات والديكور والإضاءة والمونتاج أجاد الجميع، والأهم أن كل الممثلين تقريبًا قدموا جديدًا؛ أحمد عز مجتهد ومتطور كالعادة، ماجد الكدوانى ضابط مباحث من طراز مختلف، يحسب لمنة شلبى تجسيدها شخصية فتاة تعيش بكل هذه الشهوانية، محمد جمعة أضاف لقائمة أدواره شخصية مميزة،  الكبار سيد رجب ورياض الخولى ومحمد أبو داوود وحجاج عبدالعظيم وماجدة منير لا يحتاجون لإشادة، أما نبيل عيسى ومحمد الشرنوبى وميرنا نور الدين ونور عمر ومحمد نصر فلم تمنحهم المساحة القدرة الكافية على تقديم الجديد، فيما جاءت المفاجأة فى أداء الممثل وليد أبوالمعاطى لشخصية «عبدالعزيز»، وصنع ثنائيًا ضاحكًا للغاية مع الكدوانى.

باختصار، الفيلم يقول لنا إن كل جريمة نرتكبها قرارها بدأ فى طفولتنا، وتصبح المصيبة الأكبر عندما يرتبط رجل وامرأة لديهما نفس العقدة، فيما العقدة الأهم ستنتهى عندما يعثر شريف عرفة على سيناريو يناسب إمكاناته كمخرج ولا يحتاج لتدخله كسيناريست، تمامًا كما كان يفعل مع ماهر عواد ووحيد حامد.