الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كلمات مفاتيح المحبة!

كلمات مفاتيح المحبة!

لى فى بريطانيا صديق، تعلقته، وهو صَفىّ عندى، عرفته زمن كنت فى جهاز «صباح الخير» الفنى. ودارت السنوات دورتها، فاستقر به المقام فى مدينة «كامبريدج»، مُلهِمة المقامات العلمية المبرّزة، أمثال تشارلز داروين وستيفن هوكينج، وفيها واحدة من أهم جامعات العالم، و«كنيسة جميع القديسين» All Saints ذات الطراز القوطى الحديث التى تعود إلى عام 1871، وهى مقصد السياح ودارسى فن العمارة، ومقصد الفنانين والأدباء والشعراء.



والصديق رفعت رزيق سودانى الأصل مصرى الهوية، جاء إلى «صباح الخير» لزيارة ابن خاله رؤوف عياد، وتصادقنا بعدها. وخلال سنوات غربتى الثانية فى بريطانيا، عاودنا اللقاءات فى بيته، مع زوجته الإنجليزية «شيلا» الوفية، التي وقفت إلى جانب زوجها وأعانته فى مرضه.

من اللطائف الذى يحكيها رفعت، واحدة عن يوم زيارته لأهل «شيلا» فى منطقة «هولبورن» بقلب لندن، لطلب الارتباط بها. فيومها جلس مع والدتها فى انتظار حضور الأب، بعد انتهاء المواعيد فى عيادته الطبية. سألته الأم إن كان يرغب بفنجان شاي، فأجاب «شكرًا» من دون أن يُزيد كلمة. ودار الحديث، ولاحظت الأم أن رفعت أنهى فنجان الشاى، فسألته إذا كان يريد فنجانًا آخر، فكرّر الإجابة: «شكرًا». استمرت الأم تَصُب له الشاى حتى بلغ عدد الفناجين التى احتساها «العريس» بأدب شديد 17 فنجانًا، لأنه لم يصحب كلمة «شكرًا» بالنفى.

«شكرًا» Thank you، و«من فضلك» Please، أو لو سمحت «If you please»، كلمات يستخدمها الإنجليزي كثيرا فى معاملته اليومية فى البيت، وفى «التاكسى» و«الباص» وفي «السوبر ماركت».

فكلمة «شكرًا» تمنح الطرف الآخر شعورًا بالرضا والقبول، و«من فضلك» تشعره بأن كرامته محفوظة.

وكلمة ثالثة طالما استرعت انتباهى هي «آسف» Sorry، فكثيرًا ما تسمعها فى الشارع، تسمع أحدهم يقول «أنا آسف» عندما يشعر أن أحدًا انزعج من سرعة خطواته، وواحد آخر يقول «آسف» إذا شعر أنه حجب شخصًا آخر عن المرور فى الطريق، أو فى صعود الحافلة، أو على دَرَج أو سلم البناية.

والحقيقة المُرّة، أن هذه الكلمات البسيطة أصبحنا نفتقدها فى حياتنا اليومية. فدعونا رعاكم الله، نُعيد تعليم أولادنا هذه الكلمات، فنكون قدوة لهم. عندما تخطئ ولو كان خطؤك صغيرًا فتقول «أنا آسف»!، عندما تُقدَم لك خدمة أو شيء فتقول «شكرًا !»، عندما تطلب شيئًا فتقول «من فضلك» أو «لو سمحت»!. إن هذه الكلمات تفتح أبواب المحبة، وتبلسم كل جرح، وتُطيّب الخواطر، وُتقدّر البذل والعطاء والمعروف، والسماح والصفح.

ثقافة لابد أن تعود لتكون جزءًا من ثقافتنا وعاداتنا، وتقاليدنا وحضارتنا، لنُغنى مع الجسمى: اسألوا كل الناس مين همّا أجدع ناس.. همّا المصريين يا أرض أطيب ناس.