متحف القرن
د.سهام وهدان
على قدم وساق، تجرى التجهيزات النهائية للمتحف المصرى الكبير «مشروع القرن» باعتباره أكبر صرح ثقافى متحفى فى العصر الحديث لافتتاحه قريبًا. والمتحف الكبير أكبر متاحف العالم يقع بالقرب من أهرامات الجيزة على مساحة حوالى 500 ألف متر مربع، ضمنها 45 ألف متر للعرض المتحفي، المساحة المتبقية تضم مكتبة متخصصة فى علم المصريات، ومركزًا للمؤتمرات، ومركزًا للأبحاث، ومعامل للترميم، وسينما ثلاثية الأبعاد، وأماكن مخصصة للمطاعم، وبيع المستنسخات، ومواقف انتظار السيارات.
تقرر أن يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية لأقدم وأكبر حضارة عرفتها الإنسانية، بداية من العصور الفرعونية وصولًا إلى اليونانية والرومانية. لذا يعد «مشروع القرن» الذى تقدمه مصر للعالم وفق أحدث الطرق العلمية لتتكامل طرق العرض مع الجوانب المعمارية لتعزز مصر نفسها ضمن صفوف الدول المتقدمة.
و«مركز ترميم وصيانة الآثار» أول قسم تم إنشاؤه بتمويل مصرى وبنظام أمنى صارم، على مساحة 32 ألف متر وتحت مستوى سطح الأرض بـ10 أمتار تقريبًا، فيما يربطه نفق بالمتحف لنقل الآثار وبطول 300 متر تقريبًا.
ويشمل قسم الترميم 19 معملًا لترميم مختلف أنواع الآثار وإعادتها لشكلها الطبيعى وهو المركز الأول للترميم فى مصر بهذا الشكل.
والمبنى الرئيسى للمتحف (مبنى قاعات العرض المتحفى) صُمِّم على (50) ألف متر، وهى خمسة أضعاف المتحف المصرى بالتحرير، ويشمل مناطق عرض متعددة تتضمن (ميدان المسلة، بهو المدخل، والدرج العظيم، ويشمل قاعات عرض كنوز الملك توت عنخ آمون).
ويضم منى المتحف الكبير (متحفًا لمراكب الملك خوفو) على مساحة تزيد عن 6 آلاف متر مربع.
الدكتور «الطيب عباس» مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الأثرية بالمتحف المصرى الكبير قال لمجلة «صباح الخير»، إنه تم الانتهاء من إنجاز 98 % من إجمالى حجم الأعمال بالمتحف.
وصُمِّم المتحف الكبير كجسر ينقل الزائر من العصر الحديث إلى العصر القديم «الأهرامات»؛ لذا فهو من عالم المتاحف جُملة بليغة تنقل للزائر معانى متنوعة تناقلتها الأجيال عبر عصور توالت بين حضارات العالم.
وقال «د.عباس» إنه تمت مراعاة كل ما سبق من معانٍ فى تصميم المتحف وفى أساليب العرض، فالطابق العلوى يواجه أهرامات الجيزة باعتبارها أكثر المعروضات جذبًا فى المتحف الكبير. موضحًا أن هناك طريقتين لفلسفة العرض، إما تاريخية أو موضوعية، وقال إنه تم الاعتماد على الطريقتين فى «فلسفة العرض»، وقال د. عباس: «تناولنا كل فكرة على حدة، بتسلسل زمنى وتاريخى بداية من عصر ما قبل الأسرات وحتى العصر اليونانى والرومانى. وفى «أسلوب العرض» استخدمنا أحدث الوسائل التكنولوجية العالمية، سواء فى البطاقات التعريفية أو فى النصوص التفسيرية للأثر، وقد تضمنت مسارات إلكترونية للتاريخ وشاشات تفاعلية حرصنا معها على توفير وسائل مساعدة للزائر لفهم فلسفة العرض وتاريخ الأثر وقصة صاحبه، إضافة إلى مراعاة احتياجات ذوى الهمم.
أول مناطق العرض هى «ميدان المسلة» وفيه المسلة المعلقة للملك رمسيس الثانى، وتتميز بسيناريو عرض خاص حيث يوجد خرطوش على القاعدة، وصممنا بناءً هندسيًا تحت المسلة يستطيع الزائر من خلاله الدخول ورؤية الخرطوش. تليها منطقة البهو العظيم وتدور فلسفة العرض بها حول «فكرة الملكية فى مصر القديمة» لذا سنجد أن تمثال «الملك رمسيس الثانى» فى استقبال الزائر، يليه على الجانب الأيسر من البهو سلالم مجانية خُصِّصت لعرض 10 تماثيل «للملك سنوسرت الأول»، كما يوجد بالبهو عمود النصر الخاص «بالملك مرنبتاح». ثم يليه «الدرج العظيم» يصعد عليه الزائر ويتبع نفس فلسفة عرض البهو لنجد آثارًا لملوك وملكات وآثارًا من مبانٍ مصرية قديمة من العصر الدولة القديمة انتهاءً بالعصر اليونانى والرومانى، تتناول موضوعات نوعية تدور حول علاقة الملك بالآلهة ورحلته فى العالم الآخر، والمبانى الدينية فى مصر القديمة.
وأضاف «د. عباس»: بعد انتهاء الزائر من الدرج العظيم سيكون عليه إما أن يتجه يمينًا ليزور قاعات «الملك توت عنخ آمون»، أو يسارًا لزيارة «القاعات الرئيسية». موضحًا أن قاعتي كنوز الملك الشاب تتعدى مساحتهما 7200 متر مربع وتضمان ما يزيد على 107 فاترينات عرض انتهينا من 78 فاترينة، بأحدث أساليب العرض، التى تضمنت مسارات إلكترونية للتاريخ وشاشات تفاعلية.
وتتكون «القاعات الرئيسية» للمتحف الكبير من 12 قاعة تتجاوز مساحتها 20 ألف متر مربع، يعرض بها 45 ألف قطعة أثرية منها 25 ألف قطعة تُعرض لأول مرة، تتناول موضوعات مختلفة مثل (الصناعات فى مصر القديمة، ودور المرأة فى مصر القديمة، الفن، والسياسة، والأدب، وتفاصيل اعتقاد المصريين القدماء فى دور الملوك، البعث والخلود).
وأشار د.عباس إلى تضمين المتحف قاعات منفصلة لعرض الاكتشافات الأثرية الجديدة، وبجانب ما سبق من قاعات، فالمتحف يضم أيضًا الكثير من قاعات العرض المتغيرة التى سوف تنظم بها معارض مؤقتة لخدمة فكرة ما أو احتفالًا بمناسبة معينة. أما المنطقة الاقتصادية أو الاستثمارية داخل حرم المتحف فسوف تضم العديد من المحلات التجارية والمطاعم.
من جانبه، قال الدكتور عيسى زيدان مدير عام الشئون التنفيذية للترميم ونقل الآثار بالمتحف الكبير إن فريق العمل من مرممي وأثريي المتحف الكبير يعملون ليل نهار، للانتهاء من ترميم جميع الآثار، مشيرًا إلى إنجاز 98 % من إجمالى حجم أعمال الترميم.
وقال «زيدان» إنه تم ترميم المسلة المعلقة ووضعها فى مكانها، إضافة إلى أنه تم الانتهاء من الدرج العظيم الذى يضم قطع الآثار الثقيلة حيث وضعت فى أماكنها، ثم «القاعات الرئيسية» التى تبدأ بعرض آثار ما قبل الأسرات وحتى العصر اليونانى والروماني، وقد تم الانتهاء من ترميمها بنسبة 95 %.
وأشار «زيدان» إلى أنه تم الانتهاء من ترميم كل آثار ومقتنيات كنوز الملك توت بنسبة 100 %، وقد خصص لكنوزه قاعتان كبريان تم الانتهاء حتى الآن من عرض عدد من تلك المقتنيات داخل 78 فاترينة من أصل 107 فاترينات.
ومنذ أيام نُقلت المقصورة الثانية للملك توت، وأُعيد تركيبها بمكان عرضها الدائم، بالتعاون مع إحدى الشركات الوطنية كما تم الانتهاء من نقل وإعادة تركيب المقصورة الثانية للملك الشاب داخل الفاترينة المخصصة لها مع باقى المقصورات الخاصة به.
وأكد «زيدان» أنه لم يتبق من آثار «الملك توت» فى متحف التحرير سوى 140 قطعة من إجمالى 5500 قطعة تم نقلها بالفعل للمتحف الكبير، بينما حالة القطع المتبقية جيدة لن تحتاج لترميم خاصة الذهبية منها (قناع توتو، التوابيت المذهبة)، لذلك سيتم نقلها للمتحف الكبير مع اقتراب موعد افتتاحه.
وأكد «زيدان» أن مبنى «متحف مراكب الملك خوفو» قارب على الانتهاء من تجهيزه، وبعد أن استقرت المركب الأولى فى مكانها، مشيرًا إلى أنه تم استخراج مركب خوفو الثانية، بجانب أهرامات الجيزة بالتعاون مع خبراء يابانيين، ولفت زيدان إلى أن المصرى القديم دفن مركب خوفو الثانية كأجزاء وقطع خشبية مفككة وصلت إلى ما يقرب من (1177) قطعة خشبية فى (13 طبقة) فى الحفرة. وخلال أيام سيتم البدء فى ترميمها والعمل على تجميعها لوضعها فى مكانها بجانب المركب الأولى بالمتحف الكبير.