الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أبو صدام.. ما وراء سائق النقل الثقيل

إستراحة مشاهد

أبو صدام.. ما وراء سائق النقل الثقيل

عن ماذا يدور الفيلم؟ أطلق كثيرون هذا السؤال بعد العرض الأول لفيلم «أبو صدام» جديد المخرجة نادين خان بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، سؤال يحق لأى متفرج أن يطرحه حتى لو كان صحفيًا متابعًا لمهرجانات فنية، بعض الأفلام فعلاً نخرج منها ولا نعرف عن ماذا يدور، المشكلة هنا تُرمى على الفور فى ملعب المخرج، رسالته ليست واضحة، هناك تشوش فى المعانى، الممثلون جيدون لكن القصة مفككة، ما سبق لا ينطبق على «أبو صدام» لأن الفيلم ببساطة ينتمى لنوعية لا تعتمد على القصة المترابطة، البداية التى تمهد للذروة ثم النهاية، بل على البناء الدائرى الذى يبدأ وينتهى من نفس النقطة، وما بينهما يحق للمتفرج أن يفسره كما يشاء، تقول نادين خان أن فيلمها الذى شاركها كتابته محمود عزت لا يحمل أى رسائل، دائمًا ما يهرب السينمائيون من مسئولية الرسائل رغم أنه من المستحيل أن يخلو عمل فنى منها، حتى الأعمال الخفيفة الخالية من مضمون حقيقى فإن رسالتها هى الترفيه عن الجمهور، قضاء ساعتين فى ظلام السينما بحثًا عن التسلية، والتسلية هى الهدف الأساسى من أى عمل فنى، لكن لو أنه يدفع الجمهور للتفكير أيضًا فخير وبركة كما يقولون، وهو ما وجدته فى شريط نادين خان، دعوة للتفكير فى شخصية أبو صدام، فيما تحمله طباع هذه الشخصية العنيفة، العنيدة، التى لا تنسى «خدش بسيط» فى سيارة نقل ضخمة، فيما يوقع ضحايا كثر لا يكترث بهم على طول الطريق، الرجل الذى جلس خمس سنوات فى منزله بسبب أسلوبه العنيف، والذى يعتبر قيادة الميكروباص تقليلًا من قدره، عاد من جديد لنفس الأسلوب وكأنه لم يتعلم، فيلم «أبو صدام» الذى ينتمى لسينما الطريق، أى الأحداث التى تطول بالكامل على طريق سريع، هو فيلم شخصية وليس قصة، وكل من ظهروا ولم يظهروا فى الفيلم بجانب محمد ممدوح هدفهم كشف ملامح الشخصية تدريجيًا للجمهور، أقول لم يظهروا لأن المرأة تحديدًا مختفية فى هذا الفيلم ولا نسمع حتى صوتها، تحديدًا زوجة البطل، فى إشارة واضحة من المخرجة إلى أن العقل الذكورى هو المتحكم، سواء عقل أبو صدام الذى يعانى من مشكلات فى زواجه الثانى خصوصًا بسبب عدم الإنجاب – لاحظ التناقض مع اسم الفيلم- وصولًا للتباع أحمد داش الذى يصنف المرأة جنسيًا فقط لا غير، فيما السيدة الوحيدة التى حصلت على مساحة فى فيلم نادين خان كانت الراقصة «زينة منصور» التى لم تقدمها خان كفتاة ليل وإنما صاحبة قرار رفضت تعالى السائق بل فعلت ما تفعله نساء أخريات، أوقفت جموحه بيدها ولم تهرب قبل أن تنتقم.



أما شخصية التباع، اللص المتردد، الذى يترك عمله من أجل فيديوهات التيك توك، فهو اختزال من نادين خان لهذه الفئة العمرية من الشباب، الخالى من الطموح، الباحث عن المكسب السريع، الذى لا يفكر فى العواقب، وجاء استخدامه لتطبيق تيك توك تحديدًا ليعكس مدى الخفة التى تعانى منها الشخصية تمامًا كمحتوى معظم فيديوهات هذا التطبيق. 

 

بوستر الفيلم
بوستر الفيلم

 

لا يمكن الحديث كثيرًا عن ضيوف الشرف، فالمساحات محدودة، وفنان كسيد رجب لا يحتاج للتأكيد على إطلالاته المؤثرة أيًا كان حجم الدور، لكن أجدنى ملزمًا بالإشارة إلى الممثل المتطور باستمرار، على قاسم فى شخصية شقيق الزوجة، وفى مشهد واحد وعبر نظرات العين فقط عكس حجم الكراهية بينه وبين أبو صدام، وكيف يعانى البطل من نفور المجتمع الذى يعيش بداخله، ويعكس هو ذلك على الطريق بتكبر مصطنع وحكايات متخيلة خدع بها مساعده الشاب الذى يتظاهر باحترامه حتى تنتهى الرحلة، بينما فقد هذا الاحترام مع من يعرف حقيقته خصوصًا النساء فى حياته، عابرات كن أم زوجات.