السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعضهم يعتبرها تسالى

لو بتحبيه.. تطلبى تتجوزيه؟!

مع تسارع وتيرة الحياة وتغيرها بشكل سريع ومفاجئ، تتغير المفاهيم من حولنا، وتضعنا بعض المواقف فى حيرة ما بين التصرف السليم وما بين العادات والتقاليد.



فهناك حالات كثيرة يتولد فيها لدى الفتاة ميول عاطفية تجاه ابن الحلال المنتظر وتبدأ فى التطور إلى حب حقيقى ورغبة فى الارتباط فهل إذا وصلت لهذه المرحلة يمكنها أن تبدأ فى الإفصاح عن حبها ورغبتها فى الزواج لا؟! هنا نفتح النقاش لنجيب على السؤال: لو بتحبيه.. تطلبيه للجواز؟!

د.هالة منصور أستاذ علم الاجتماع ترى أن أمور العلاقات والزواج يجب أن تتماشى مع العادات والتقاليد، وأننا تعودنا فى مجتمعنا أن الرجل هو صاحب المبادرة لطلب الزواج والارتباط.

وتابعت منصور: «وفكرة أن المرأة هى التى تبادر وتصارح بحبها فهذه صراحة غير مقبولة، لأنه حتى وإن وافق الرجل فمن الممكن أن يعايرها بذلك فيما بعد».

تضيف: يمكن القول بطريقة ضمنية وغير مباشرة، استخدام ذكاء المرأة فى مثل هذه الأمور والاعتماد عليه وارد لدفع الرجل لاتخاذ قرار الارتباط من جانبه.

وأضافت منصور: فكثيرا من الحكايات وقصص الحب التى انتهت بالزواج بادرت فيها البنت بالإيحاء من خلال التعامل ولفت الانتباه والتقرب وتبادل الأحاديث، قصص أخرى بدأت بلفت الانتباه من خلال التقرب لوالدته أو شقيقته وغيرها من الطرق المعروفة، لكن الطريقة المباشرة أعتقد أنها أمر غير مقبول، لأنه حتى الرجال لا يستطيعون اتخاذ تلك الخطوة بشكل مباشر فى أحيان كثيرة تجنبا لردود الفعل.

تقول منصور: «فالمجتمع عبارة عن فعل ورد فعل وتوقع، والإنسان باعتباره عضوا فى جماعة فهو دوما محكوم فى تصرفاته بما يوافق التفكير المجتمعى.. ولا بد ألا تضع البنت نفسها فى موضع اللوم».

من جانبه يرى الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية أن الميل العاطفى للجنس الآخر رغبة مشروعة ورغبة نفسية أصيلة ويأخذ هذا الميل شكل كتابة الشعر أو بعض التخيلات النفسية.

يضيف: مع تطور العصور تطور شكل الميل العاطفى على صفحات السوشيال الذى تجده بوضوح وكل ذلك يعد فى المنطقة المقبولة للميل العاطفى.

وتابع: لكن غير المقبول هو أن يتطور الميل إلى طلب الفتاة الارتباط، لأن ذلك يوقعها فى مشاكل نفسية واجتماعية وضغوط عصبية سواء فى حالة قبول الشاب أو رفضه لطلبها.

يقول هندى: تتعرض الفتاة للعديد من الانتقادات لاختراق منظومة القيم، ويضع عليها وعلى سلوكياتها ونمط تفكيرها علامات استفهام ويجعلها عرضة للاستهانة والتلاعب بمشاعرها وقد يطمع بعضهم فى تحقيق مكاسب ما من ورائها.

واستكمل هندى: ما زال مجتمعنا يربط بين إعلان الفتاة حبها وبين حيائها وأن حياء المرأة يجعل قلب الرجل يميل إليها ويثمنها وأنه بالإقدام على طلب من تحبه للزواج يجعلها تحقر من شأنها مهما كان وضعها الاجتماعى والثقافى، بعض العقول تفسرها بأنها «بيعة معيوبة».

وأضاف هندى: طلب المرأة لمن تحبه طعن لكبرياء والدها أو وليها واهتزاز لقيمة ونسق الأسرة، حيث إن سلوكيات المرأة هى عنوان بيتها، وهى بهذا التصرف قد تسبب الخجل لأسرتها بالكامل ويترسخ لدى الآخرين أنها «عيلة ماشية بدماغها».

نصيحة د.هندى: «حبى آه.. عبرى داخليا آه.. إنما إعلان حبك بمبادرة أنثوية قد يدمر أعصابك ويترتب عليه أحكام قيمية لكل اللى جاى فى المستقبل».

من جانبه، قال د. مدحت عبدالهادى، استشارى العلاقات الأسرية: قديما كان الرجل هو من يبحث ويفكر عن طرق متنوعة ومبتكرة لأجل فقط «رؤية» الفتاة التى يحبها، فكان هناك ندرة خاصة لدى المرأة وكنا لا نسمع عن العنوسة.

وتابع عبدالهادى: العرف السائد فى المجتمع هو أن الرجل من يطلب المرأة للزواج وهو من يسعى إليها، لأنه بذلك يطلب نقل القوامة من والدها إليه فى المفهوم الشرقى.

من جانبها، قالت د.سهير لطفى أستاذ علم النفس أن الزواج قرار مشترك وكل من المرأة والرجل من حقه أن يختار الآخر، وفى جميع الأحوال يجب احترام حرية الآخر والبعد عن فكرة الوصاية على الآخر! وعلى الأنثى لمجرد أنها أنثى!!

وتابعت لطفى: يجب أن تكون الفتاة متصالحة مع نفسها وواضحة وتعلم ما الذى تريده تحديدا فى مواصفات فتى أحلامها ولديها ثقة بنفسها، وأنها عندما تقدم على طلب الارتباط بأحدهم لابد أن يكون لديها كامل الاستعداد النفسى لتقبل النتيجة سواء بالقبول أو الرفض، فالرجل عندما يتقدم للزواج من امرأة ما، ويتم رفضه يحدث لديه مشاكل كثيرة، كذلك الفتاة أو المرأة التى تقدم على تلك الخطوة عليها أن تستعد لذلك جيدا.

قالت لطفى إنها لا توافق عموما على مبادرة فتاة للارتباط بشخص تجد فيه مواصفات فارس أحلامها وهو ما يندرج فى رأيها تحت بند «الثقافة الذكورية» فى نوع من «الاستكتار» على الأنثى اختيار شريك حياتها وتوجيه الاتهامات المختلفة إليها.

فى رأى د. لطفى أن البنت زى الولد ومن حقها التعبير عندما تحب، فهذا وضوح وجرأة وشخصية قوية تحسب لها لا عليها.

وذكرت لطفى قصة زواج الفنانة نجلاء فتحى وزوجها حمدى قنديل تقول: أعلنت نجلاء أنها طلبته للزواج وهى فى قمة مجدها وجمالها. وكان حمدى قنديل يعتز بقرار نجلاء لأقصى درجة وكان يحترم وضوحها وقوة شخصيتها.

من جانبه، قال د.سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع: الزواج مطلب إنسانى وليس جريمة  لذلك فمن حق الفتاة أن تبادر بعرض طلبها ونحن الآن فى عصر المساواة بين الجنسين، لكن هذا لا يمنع أن بعض الشباب لا يقدرون المسئولية وهو ما قد يدفعهم لسوء استغلال مبادرة الفتاة.

أما إيمان عفيفى، خبيرة الإيتكيت، فقالت إنها تفضل التعامل وفق الأصول والذوق، فهناك عادات وتقاليد والإتيكيت يعنى الذوقيات فهناك أشياء نفعلها وأشياء أخرى لا يمكن أن نفعلها.

تكمل: «الطبيعى أن الرجل هو من يطلب المرأة للزواج، والعكس فكرة غير منتشرة فى ثقافتنا لذلك فإن هناك من يأخذها بمحمل التنازل والإهانة».

وتسأل عفيفى: لماذا تضع الفتيات على عاتقها مسئوليات أكبر، صحيح الحب ليس فيه كبرياء ويبنى على الاحترام، لكن «توازن» البنت مطلوب.

وقالت عفيفى: «خذى واحد بيحبك أكتر ما إنتى بتحبيه.. هيحطك فوق رأسه، لكن العكس ستتنازلين عن أشياء كثيرة».

الارتباط بالنسبة للرجل أو المرأة هى علاقة طويلة المدى، لذلك (كما تقول د. عفيفى) يجب أن نعرف جيداً منذ البداية ما الذى نريده تحديداً، وهل نحن مستعدون للإقدام خطوة معينة أم لا؟!

ولا بد أيضاً أن نعرف تأثير كل خطوة على نتائج سلوكياتنا فى المستقبل.

لا بد من حساب اللى جاى، ونتائج تصرفات الحاضر على المستقبل.