الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أنا والعراق الشقيق

أنا والعراق الشقيق

دعيت للمشاركة فى مهرجان بابل الدولى الخامس عشر منذ عدة أشهر، وتم تأجيل المهرجان مرات، ومنذ أيام قليلة نجح القائمون عليه فى إقامته على المسرح البابلى العريق فى محافظة بابل بمشاركة ثمانية وخمسين دولة، شاركت بفرق غنائية وفولكلورية، ويوم الافتتاح فوجئت بأعداد غفيرة من الجمهور الذى ملأ المسرح عن آخره ووصل الحضور لما يقارب العشرين ألف متفرج، مما جعلنى أفكر فيما أقدمه وكيف يستقبل جمهور مجتمعاتنا العربية آلة غربية رقيقة حالمة وسط هذه الحشود من الجماهير، لكن لحظة اعتلائى هذا المسرح الذى يعود لحضارة عريقة شعرت بثقة وحب غمرنى بها أهل العراق الشقيق فى محبة وتصفيق حاد أكسبنى رغبة مضاعفة فى إسعادهم بما سوف أقدمه من معزوفات، وبالفعل زاد انبهارى بهذا الجمهور الرائع الذى ظل يشدو ويصفق مع الألحان المصرية التى عاشت فى وجدان أشقائنا العرب، وظلت نداءات الجمهور بالترحيب والتشجيع للفن المصرى، ما أسعدنى بهذا الشعب العراقى المثقف المتذوق للفنون والمتعطش لكل ما هو جميل. كما جاء تكريمى فى اليوم الأخير للمهرجان وسط استقبال حافل مرة أخرى من الجمهور ما أثلج صدرى وجعلنى أستشعر القرب والود والحب من هذا الجمهور الذى أشعرنى أننى فى بلدى الثانى بين أهل وأحبة عاشقين لمصر والمصريين. ووسط هذه الهالة أهديت الجمهور البابلى درع المهرجان لأنه البطل الحقيقى والسبب الأول لنجاح هذا المهرجان المتوقف منذ ثمانية عشر عاماً، لكنه عاد بقوة. ولم يفتنى وسط مظاهرة الحب العراقية أن أبعث برسالة عشق لمحبوبتى مصر التى هتف بحبها كل الحضور ما زادنى فخراً وشرفاً واعتزازاً بوطن يحبه ويقدره إخواننا العراقيون.



أما عن الجانب العلمى والأكاديمى فقد اصطحبتنى صديقتى الأستاذة الدكتورة «بان جبار» فى لقاءات ثقافية وعلمية داخل كلية الفنون الجميلة بأقسامها المتعددة وشرفت بمقابلة رؤساء الأقسام الفنية داخل الكلية، وأسعدنى حبهم الجم لبلدنا الحبيب واستقبالهم الحافل للمصريين، كما أخذتنى برفقتها إلى شارع المتنبى وهى زيارة ثقافية فنية سياحية تاريخية من طراز فريد، رافقنا الأستاذ والمعلم الدكتور طه الهاشمى وأسعدونى بكم المعلومات وبحضارة بلاد الرافدين التى تتشابه مع حضارتنا العريقة وتاريخنا المشرف. وزيارة منطقة المتنبى تتشابه مع شارع المعز بالقاهرة وما له من قيمة تراثية وثقافية وتاريخية أسعدتنى بالمقاهى التى تحمل عبقًا حضاريًا رصينًا والأناس الذين يحملون جينات الفلسفة والفن والإبداع فى تلقائية تؤكد عبق حضارات الشرق، ولم يفتهم أن نعبر نهر دجلة بالزورق لتختلط المشاعر الإنسانية بين جنبات نهرى النيل ودجلة. وكان للثقافة الشعبية وسياحة التسوق دور قام به العزيز الدكتور أنور جبار وأسرته فى حالة من الكرم الحاتمى وحسن الضيافة والمحبة.

إنها المرة الأولى على أرض العراق، لكنها بإذن الله لن تكون الأخيرة، فقد كانت سعادتى غامرة بكل التفاصيل والمشاعر الفياضة والاستقبال الذى ينم عن شعب أصيل كريم محب وعاشق لمصر والمصريين كما أعشقها للأبد، وأهلاً بالعراق الذى ترك بصمة فى قلب نابض بالعروبة. حقاً إيش هلا فيك.