الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحلقة الأولى

معجزة اقتصادية فى 7 سنوات

بعد انقطاع امتد عشر سنوات، جاء تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2021، تحت عنوان «التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار»، وقدمته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ورندة أبوالحسن الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى.



ويرصد التقرير رقم 12 فى سلسلة تقارير التنمية البشرية التى أصدرتها مصر منذ عام 1994، مسيرة الدولة خلال الـ10 سنوات الماضية، فى مجالات التنمية والإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وقضايا البيئة والمرأة، ويناقش مستقبل هذه الإصلاحات.

واعتمد فيه فريق مستقل من الخبراء على مقابلات شخصية مع مجموعة من المختصين وصناع القرار، إلى جانب التحقق من البيانات والمعلومات، واستخدام البيانات والوثائق المتاحة فى المصادر المحلية والإقليمية والدولية.

التقرير يتكون من ستة فصول، تحلل جهود الدولة فى مجالات التعليم والصحة والسكان، والإصلاح الاقتصادى والحوكمة، وتأثيرات فيروس كورونا على الاقتصاد المصرى وإجراءات مواجهتها، وخريطة برامج الحماية الاجتماعية فى مصر، وعملية تمكين وحماية المرأة المصرية، وإدارة نظم حماية البيئة والتصدى لمخاطر تغير المناخ.

برنامج الصندوق

تحت عنوان «الإصلاح الاقتصادى فى مصر والتأسيس للانطلاقة التنموية»، جاء الفصل الثانى من التقرير، والذى قدم تقييمًا لتجربة التنمية التى شهدتها مصر منذ بداية عام 2014، وما تضمنته من برنامج للإصلاح الاقتصادى والمالى، وما أسفرت عنه من إيجابيات. حيث اتسمت التجربة بالتوازن والشمول فى الأنشطة الاقتصادية، مع نصيب كبير لأنشطة الطاقة والنقل والإسكان الاجتماعى والزراعة، وتميزت عملية صناعة القرار فى هذه الفترة بالتعامل بشكل جذرى مع الاختلالات الرئيسية فى الاقتصاد، وذلك بعد أن تضمن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولى، بعض المكونات التى عادة ما كانت الحكومات السابقة تتجنبها، حيث تم تحرير سعر الصرف فى عام 2016 بشكل كامل، وأقرت الحكومة إجراءات حاسمة للتعامل مع دعم الطاقة وعجز الموازنة العامة للدولة.

وشمل البرنامج إصلاحات مالية فى مجال الضرائب منها: تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ووضع نظام ضريبى جديد ومبسط للمشروعات متوسطة وصغيرة الحجم، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية.

وكان الأساس فى التجربة هو الاعتماد على المشروعات القومية الكبرى، مع رؤية لاستمرار التوجه للاقتصاد الحر، بحيث يلعب القطاع الخاص الدور الأساسى مع دور أكبر للدولة، خاصة فى إرساء بنية تحتية قوية وتطويرها للدفع بالتنمية، وتوفير خدمات أكثر وأفضل للمواطنين.

بالإضافة إلى مراعاة للطبقات الفقيرة والأولى بالرعاية تجلى فى مشروعات الإسكان الاجتماعى وتقليص حجم العشوائيات، وتطوير التعليم، وهو ما يعد محاولة لمراعاة التوازن بين اعتبارات التنمية الشاملة فى الأجل الطويل، وتحسين أحوال المواطنين فى الأجل القصير.

 

 

وهو ما أدى إلى تحسن أداء مصر فى المؤشرات الدولية الأساسية، خلال الفترة. من عام 2015 وحتى عام 2020، وعلى رأسها مؤشر التنافسية العالمى الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمى الذى تحسن ترتيب مصر فيه من الدولة 116 إلى الدولة 93.

كما تحسن مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولى من الدولة 131 إلى الدولة 114، ومؤشر جودة البنية التحتية الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمى من الدولة 114 إلى الدولة 52.

وارتفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى من 2٫2 ٪ فى 2011/2012 إلى 5٫6 ٪ فى عام 2018/2019، قبل تأثره سلبيا بجائحة كورونا، كما انخفض معدل البطالة من 12٫8 ٪ فى عام 2015 إلى 7٫3 ٪ فى عام 2020.

وانخفض عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى من 10 ٪ فى عام 2011/2012 إلى 7٫8 ٪ فى عام 2020/2021، بجانب انخفاض الدين الإجمالى للموازنة مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى من 108 ٪ فى العام المالى 2016/2017 إلى 89٫8 ٪ فى العام المالى 2020/2021.

وارتفعت الاحتياطيات الدولية من 15٫3 مليار دولار فى 2011/2012 إلى 40٫6 مليار دولار فى العام المالى 2020/2021، ونتيجة لهذه الإنجازات، استطاعت الدولة تحقيق قدر من الصلابة فى مواجهة أزمة وباء كورونا.

خطة الحكومة

أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، رؤية مصر 2030، فى فبراير عام 2016، والتى شكلت الإطار الحاكم لخطط التنمية فى مصر وبرامجها، بحيث وضعت بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدنى والخبراء الأكاديميين، واتسقت مع الأهداف الأممية للتنمية، وأجندة إفريقيا 2063.

وفى عام 2018، بدأت الحكومة صياغة برنامج عمل للفترة من 2018/2019 - 2021/2022 وبما يتسق مع استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030، واستحقاقات دستور 2014. ويسعى هذا البرنامج إلى التوسع فى تكوين شراكات مع القطاع الخاص، بما يتضمنه ذلك من إصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الاستثمار، وتحفيز الصناعة المحلية والتصدير، لتدعيم تنافسية الاقتصاد المصرى، مما يحقق نموا ويخلق فرص عمل وينمى الصادرات.

وفتحت الحكومة خلاله أسواقًا ومجالات جديدة لأول مرة للقطاع الخاص، وعلى رأسها قطاع الغاز الطبيعى فى ضوء قانون الغاز الطبيعى الجديد، الذى يسمح بمشاركة القطاع الخاص للمرأة الأولى فى أنشطة التداول والتوزيع.

السياسة المالية

تمثل الهدف الرئيسى للسياسة المالية فى برنامج الإصلاح الاقتصادى فى تحقيق الضبط المالى وتخفيض معدلات العجز والدين العام، من خلال ترشيد الإنفاق العام وإعادة ترتيبه وزيادة الإيرادات، بجانب زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية والتوسع فى برامجها، مع زيادة النمو والتشغيل وتوفير بيئة أعمال محفزة للقطاع الخاص.

ولتحقيق هذه الأهداف، نفذت الحكومة منذ عام 2016 عدة إجراءات، منها إقرار قانونى الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة، وتنويع مصادر التمويل من خلال إصدار السندات الدولارية فى الأسواق الدولية.

ولتحسين الإدارة المالية، طورت وزارة المالية أسلوب إعداد الموازنة العامة للدولة بالتوسع فى تطبيق موازنة البرامج والأداء، لتعظيم العائد على المصروفات، وتحقيق أكبر استغلال ممكن لموارد الدولة، وإفساح مجال أكبر للمتابعة والتقييم والمساءلة.

وأسست الوزارة منظومة ميكنة إدارة المعلومات المالية الحكومية فى جميع جهات الموازنة العامة، لرفع كفاءة إدارة التدفقات النقدية للموازنة، والمتابعة الدقيقة لها، وإحكام الرقابة المالية.

ونفذت الوزارة فى عام 2018/2019، التفعيل الكامل للسداد والتحصيل الإلكترونى لضمان سرعة تحصيل الالتزامات المالية وسدادها، والتزام جميع الجهات بالمخصصات المالية لأجهزة الموازنة العامة.

 

 

السياسة النقدية

أدت السياسة النقدية التى اتبعها البنك المركزى بعد قرار تحرير سعر الصرف ومواجهة ارتفاع معدل التضخم، إلى تحسن الوضع فى المراكز المالية بالعملات الأجنبية لدى البنوك، وارتفاع صافى الاحتياطيات الدولية، وتحسن ميزان المدفوعات.

واهتمت الدولة بالتوسع فى الشمول المالى منذ نوفمبر عام 2016، بإنشاء إدارة له تابعة لمحافظ البنك المركزى مباشرة، ثم صدور قرار جمهورى فى عام 2017 بإنشاء المجلس القومى للمدفوعات برئاسة رئيس الجمهورية لخفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفى وتحفيز الوسائل الإلكترونية.

بالإضافة إلى بدء التشغيل التجريبى لمنظومة بطاقات الدفع «ميزة» فى ديسمبر عام 2018، ووضع استراتيجية للبنك المركزى للتكنولوجيا المالية، وإنشاء صندوق لدعم الابتكارات التكنولوجية.

المشروعات الكبرى

أطلقت الدولة عددًا كبيرًا من المشروعات القومية منذ عام 2014 فى مجالات متعددة، وفى كل المناطق الجغرافية، وفى توقيت واحد، إيمانًا بأن مشروعات البنية التحتية هى التى تمهد الطريق لجميع الأنشطة الإنتاجية الأخرى، وبأن الاستثمار فيها ينشط الطلب. وأدت هذه المشروعات إلى تشغيل أعداد كبيرة من العمالة، ما أدى إلى توليد دخول وخلق طلب فى السوق، وأنعش حركة الإنتاج والاستثمار فى القطاعات الأخرى، مما أسهم فى دفع عجلة التنمية.

وفى مجال الكهرباء، تمكنت الدولة من مواجهة ظاهرة انقطاع التيار الكهربائى من خلال تنفيذ 169 مشروعًا بتكلفة إجمالية تقدر بـ308 مليارات جنيه، أسهمت فى زيادة قدرات الشبكة القومية إلى 52000 ميجاوات، ووجود فائض فى الإنتاج بأكثر من 4 آلاف ميجاوات.

ورغم الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تداعيات فيروس كورونا، استطاعت قطاعات اقتصادية عدة التكيف والتفاعل الإيجابى مع الأزمة، ومن أهمها: قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، والصناعات الدوائية والكيماوية، والتشييد والبناء.