الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لو بطلنا مسرح نموت

«تياترو الصعيد» تجارب شباب «هتشقلب حياتك»!

فى تياترو الصعيد مواهب تؤمن بذاتها وبقدرة الفنون على تغيير المجتمع وزرع أفكار مستنيرة والمشاركة فى التوعية المجتمعية.



تياترو الصعيد اسم فريق مستقل يحمل آمالاً وأحلامًا خضراء للفن والوطن والصعيد. بدأ تأسيس الفريق على يد كيرو أو كيرلس صابر المصرى صعيدي.. الذى يبلغ من العمر 25 عامًا.

بدأ رحلته منذ 9 سنوات فى محافظته المنيا بعد أن أنهى دراسته الجامعية عام 2016.

أسس أولاً فرقة «برة الصندوق» التى سرعان ما انفرط عقدها ما جعله يفكر فى تكوين فرقة للمسرح فى محافظة المنيا، على غرار فرقة «تياترو مصر».

قابل كيرلس الفنان أشرف عبدالباقى وطلب منه الإذن لمشروع مسرحى فى المنيا تحت عنوان «تياترو الصعيد» يقول كيرلس: «الفنان أشرف عبدالباقى رحب بشدة وشجعنى كثيرًا وعرض له أن يحضر حفل الافتتاح لكن حالت ظروفه دون ذلك».

قرر فريق تياترو الصعيد بعد محاولات عديدة للنجاح فى القاهرة، أن يعود ويتمركز فى الصعيد وقد لمعت الفكرة وتبلورت.. للخروج من مركزية القاهرة والعمل على مشروع مستقل.

بدأت رحلة البحث عن أعضاء جدد «تياترو الصعيد»، فاستلزم ذلك من كيرلس زيارات محافظات المنيا وأسيوط وبنى سويف وجاب المراكز والقرى ثلاثة أشهر، ومن خلال صفحات فيسبوك كان الإعلان عن مواعيد الاختبارات فى المحافظات، وبدأ اختيار فريق العمل الأول الذى وصل 45 ممثلاً، من بينهم إداريين وفنيين.

 

بدأت بروفات العرض الأول فى محافظة المنيا، حيث وفرت لهلم إحدى المؤسسات الخاصة مكانًا، وتم التجهيز لعرضين مسرحيين أحدهما كان مسرحية «الموجوعة» من تأليف حمادة زيدان، أحد أبناء مدينة ملوي، والآخر باسم «الجنوب تحت» من تأليف كيرلس صابر.

تطورت فكرة تياترو الصعيد لتتسع ومنذ 2015 بدأ المشروع يجمع فنانين من بنى سويف والمنيا وأسيوط، فيما يشبه مركزاً فنياً كبيراً من المستقلين، انبثقت منه أكاديمية كبيرة فى المنيا لتعليم التمثيل على يد بعض أساتذة أكاديمية الفنون.

يضم تياترو الصعيد مواهب رائعة ينتظرون أى فرصة للظهور والتعبير عن فنهم، يقول كيرلس: «كثيرون يعتقدون أن أغلب شباب الصعيد مزارعين وموظفين ومن هنا جاءت فكرة إظهار المواهب، وقدم التياترو مسرحية «الجنوب تحت» فى تهكم على نظرة البعض للصعيد وأخرى باسم «الموجوعة»، بعد ورش عمل فى القرى والمراكز.

عن العروض التى يقدمها «تياترو الصعيد» قال كيرلس: «نسعى للأفكار الإيجابية وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن أهل الصعيد بدءًا من اللهجة التى يخطئ الكثيرون فى تجسيدها على الشاشة أو المسرح، مرورًا بالعادات والتقاليد والانطباع المأخوذ عن الجنوب».

يكمل: «بدأنا أولاً بعرض «ولاد 9» إهداءً لأرواح شهداء الجيش المصرى ونبذ العنف لمواجهة الإرهاب، فى ملحمة مسرحية مدتها ساعتان ونصف ساعة، وكتب كيرلس المسرحية متأثرًا باستشهاد صديق عزيز من جنودنا فى سيناء»، وقام باختيار فريق العمل من قنا للفيوم. يحكى كيرلس: تقدم لنا 228 واخترنا فقط 10 ممثلين و15 للموسيقى والديكور، وكانت الاختبارات على مستوى محافظات الصعيد بمراكزها كنذ نذهب لهم فى أماكنهم.. فى الصعيد الناس لا تخرج لشراء تذكرة لعرض.. استفدنا من تجربتنا فى التجوال ونجحنا فى التواصل معهم.. وبناء الثقة فى أهمية الدور الذى نقوم به.

يكمل كيرلس: وجدت صعوبة فى أن تشارك بنتاً  فى فريق مسرحى وتمثل.. مع الوقت بدأت بالحديث مع الناس مرات ومرات.. لإقناعهم بأننا نقدم شيئًا جديدًا.. نقدم فنًا.. والآن معى فى الفريق 11 فتاة.

 

حضر حفل الافتتاح الأول لفرقة تياترو الصعيد أكثر من 850 متفرجا، وتضمن برنامج الافتتاح عرضين من إخراج كيرو صابر، كما تضمن الافتتاح تكريمًا للفنان أشرف عبدالباقي، لدوره فى إحياء الحركة المسرحية فى الفترة الأخيرة.

والمشروع تم بشراكة ما بين مؤسستى «ألوانات» فى المنيا و«محراية» فى ملوى. يقول كيرلس: النجاح الذى حققناه كان دافعًا للبحث عن وجوه جديدة.

ومع الموسم الثالث لنا فكرنا فى تأسيس أكاديمية بدلاً من اللجوء للاختبارات وتجارب الأدباء.

حسب كيرلس تأسست أكاديمية تياترو الصعيد منذ 4 سنوات وفرت تدريباً على فنون الأداء المسرحى والتمثيل.

بعد الموسم الثالث لتياترو الصعيد بدأت التطورات السريعة للفرقة، حيث تم إنتاج العرض الطويل «ولاد تسعة» مسرحية من ثلاثة فصول فى ثلاث ساعات، وحسب كيرلس لأن قاعة المسرح لا تستوعب سوى 500 متفرج، كان العرض مرتين فى اليوم نظرًا للإقبال الشديد على تلك الحالة المسرحية، وبسبب التكلفة المادية الكبيرة لم تُقدم سوى عرضين فقط فى العام.

وصل عدد أعضاء الفرقة فى الموسم الرابع 120 ممثلاً وممثلة، لـ100 كرسي، لثلاثة عروض مختلفة فى الأسبوع.

وتوافد على «تياترو الصعيد» جمهور من قرى ومراكز محافظة المنيا، وقدمت الفرقة العديد من العروض أعمالها من خلال المؤسسات والجمعيات الأهلية، لتناقش قضايا ومشكلات المجتمع المحلى فى الصعيد.

مخاوف مستمرة

أكثر  ما يؤرق كيرلس وأعضاء الفرقة، احتمالات عدم الاستمرار وذلك فى ظل غياب التمويل، وهو الأمر الذى يجعله يضطر إلى الاستدانة لتحمل تكاليف العروض.

ويختتم كيرلس حديثه قائلاً: «نفسى أنجح فى المنيا عاوز مسرح كبير فى المنيا، ويضيف بنبرة تحمل مزيجًا من النجاح والخوف: «ما نفعله هو التحدى بعينه، نعمل بأقل الإمكانيات، ونناقش قضايا مجتمعية، ولأنى عاشق للمسرح ومرتبط بمجتمعى فإن مكانى وأحلامى ستكون فى الصعيد».

يدعم كيرو وزملاؤه أنفسهم دائمًا بطاقة إيجابية لأنهم يعرفون أن العمل المستقل يحتاج جهدا وصبرا وأن كل الفنانين الكبار بمسارحهم بدأوا صغاراً بإمكانيات بسيطة ومسرح صغير ومع الوقت وتعاون الفريق سنثبت قدرتنا على الصمود.

تقول كيرو: نعتبر تياترو الصعيد «مشروع شبابى لعودة المسرح الكوميدى الهادف»، وحسب ما تقوله إحدى بطلات الفرقة فى إحدى المسرحيات: «أعظم تجربة يمكن تقابلها فى حياتك هو أنك تدخل المسرح.. بيشقلبلك حياتك.. بتتحول لشخص بيبص للدنيا بمنظور مختلف.. بتدور دائمًا فى التفاصيل والماورائيات.. مابتعديش حاجة كدا.. عقلك دايمًا شغال وعينك بقت كاميرا بتلقط أى حاجة وتخزنها عشان هتحتاجها فى يوم.. بتبعد عن أصحابك اللى بره المسرح غصب عنك.. وتبقى كل حاجة فى حياتك ليها علاقة بالمسرح، ويصباح شعارك بعد أن تعشق المسرح «لو بطلنا مسرح نموت».