الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كلمــة مصــر هــى العليـــا

احتفاء فرنسى بمشاركة الرئيس فى مؤتمر ليبيا
احتفاء فرنسى بمشاركة الرئيس فى مؤتمر ليبيا

تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ولدور مصر المحورى فى دعم المسار السياسى فى ليبيا، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر «باريس الدولى حول ليبيا»، الذى عُقِد بالعاصمة الفرنسية، لبحث سبل توفير دعم دولى للانتخابات الليبية المقرر انعقادها فى 24 ديسمبر المقبل، وكذلك التأكيد على أهمية خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضى الليبية واستعادة الدولة الوطنية السيادة على أراضيها.



فى قصر الإليزيه التقى الرئيس السيسى الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، حيث رحب الرئيس الفرنسى بزيارة الرئيس لباريس، مشيدًا بالتطور النوعى فى العلاقات  الثنائية بين مصر وفرنسا فى جميع المجالات، والتى انعكست فى الزيارات المكثفة المتبادلة على أعلى مستوى بين كبار المسئولين بالبلدين، ومؤكدًا تطلع بلاده لتعظيم التعاون الثنائى خلال الفترة المقبلة وتعزيز التنسيق السياسى وتبادل الرؤى بشأن مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك، خاصةً فى ضوء أن مصر تعد أحد أهم شركاء فرنسا بالشرق الأوسط، وما تمثله من ركيزة أساسية للاستقرار والأمن بالمنطقة. 

وأكد الرئيس «ماكرون» حرص فرنسا على دعم الإجراءات الطموحة التى تقوم بها مصر سعيًا للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة، خاصةً من خلال زيادة الاستثمارات ونقل الخبرات والتكنولوجيا وتوطين الصناعة الفرنسية، أخذًا فى الاعتبار إشادات المؤسسات الاقتصادية الدولية بأداء الاقتصاد المصرى. 

 

الرئيس يلتقى وزيرة الجيوش الفرنسية
الرئيس يلتقى وزيرة الجيوش الفرنسية

 

 

اللقاء تناول سُبل تعزيز أطر التعاون الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة، خاصةً فى قطاعات السكك الحديدية وتوطين صناعة السيارات الكهربائية وتطوير الموانئ والطيران المدنى والطاقة ومعالجة المياه والبنية التحتية والسياحة. كما أشاد الرئيسان بالعلاقات العسـكرية المصـرية - الفرنسية، والتى تُعد من أبرز المظاهر التى تميز علاقات البلدين بعد إبرام العديد من صـفقات التسليح المهمة خلال السنوات الأخيرة، مع الإعراب عن التطلع لمواصلة تعزيزها. 

كما تطرقت المباحثات كذلك إلى استعراض سبل تنسيق الجهود مع مصر بشأن تسوية الأزمة فى ليبيا، خاصةً فى ضوء انعقاد المؤتمر الدولى حول ليبيا فى باريس، وكذا كون مصر من أهم دول الجوار لليبيا، وجهودها الصادقة لدعم المسار السياسى الليبى، من خلال العديد من الفعاليات التى استضافتها مصر مع جميع أطياف الرموز الليبية، وفى إطار مسار التسوية الأممية؛ حيث تم التوافق حول الاستمرار فى تضافر الجهود المشتركة بين مصر وفرنسا سعيًا لتسوية الأوضاع فى ليبيا على نحو شامل ومتكامل يتناول جميع جوانب الأزمة الليبية، وصولًا إلى انعقاد الانتخابات المرتقبة فى ديسمبر 2021، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية، بما يساعد على استعادة الأمن والاستقرار فى البلاد، ويحافظ على موارد الدولة ومؤسساتها الوطنية بعيدًا عن أى تدخلات خارجية.. 

كما تم التباحث حول الحاجة إلى تعظيم التعاون الثنائى بين البلدين فى مجابهة الجماعات الإرهابية على الساحات المحلية والإقليمية والدولية، خاصةً بأفريقيـا، سـواء مـن خـلال دعـم عمليـات حفظ السلام التابعة للأمـم المتحـدة، أو مساندة التحركات الدوليـة فى هذا الصـدد، فـى ظـل تـنـامى وتيـرة التدخلات الأجنبية غير المنسقة التى تؤدى لتعقيد الحلول الرامية لحلحلة أزمة انتشار الجماعات الإرهابية. 

وأكد الرئيسان كذلك على أهمية تعزيز التعاون الأورومتوسطى بين مصر والاتحاد الأوروبى، فى ظل المتغيرات ذات الاهتمام المشترك والأزمات الحالية التى تشهدها الساحة الدولية، صحيًا وبيئيًا واقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، بهدف العمل على تحقيق الاستقرار والنمو لدول المنطقة والدول المجاورة، فضلًا عن تحجيم تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى دول حوض البحر المتوسط.

كلمة الرئيس

وألقى الرئيس كلمة أمام مؤتمر باريس الدولى حول ليبيا قال فيها: إن مصر وجهت سابقًا رسالة واضحة إلى جميع أطراف المعادلة فى ليبيا، مفادها أن الوقت قد حان للبدء فى إجراءات محددة للوصول إلى حل سياسى شامل للأزمة الليبية، محذرةً من خطورة استمرار الصراع المسلح على الأمن القومى الليبى، وعلى دول جوارها العربى والأفريقى والأوروبى عمومًا، وأننا قد نضطر لاتخاذ إجراءات لحماية أمننا القومى وحفظ ميزان القوة فى حالة الإخلال به. 

مشيرًا إلى أن هذا الموقف كان له أثره الواضح على مختلف الأطراف للانخراط بجدية فى العملية السياسية التى ترعاها الأمم المتحدة. وقد تركزت جهود مصر، مدفوعة بما يربطها بليبيا من أواصر متعددة، على إيجاد أرضية مشتركة بين الأشقاء الليبيين لإطلاق حوار وطنى يعالج جذور الأزمة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، بالتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة والأمم المتحدة. 

تفاهم مصرى فرنسى فى مختلف قضايا المنطقة
تفاهم مصرى فرنسى فى مختلف قضايا المنطقة

 

 

وها نحن نجتمع اليوم لنشهد أن الوضع فى ليبيا يتجه إلى الأفضل، حيث يتزامن مع اجتماعنا مرور العملية السياسية الليبية بمرحلة حاسمة تستهدف تتويج الجهود الدولية والإقليمية بإجراء الانتخابات فى موعدها المقرر يوم 24 ديسمبر 2021.

وأكد الرئيس أن استعادة الاستقرار الدائم، وتحقيق السلم الاجتماعى، والحفاظ على الهوية والنسيج الوطنى فى ليبيا، له متطلبات لا يمكن تجاوزها، تتمثل فى إتمام المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع أبناء الشعب الليبى، وإيلاء الاهتمام للتوزيع العادل للثروات لتحقيق التنمية الشاملة فى سائر أقاليم ليبيا دون استثناء، وصولًا إلى دفع عجلة الاقتصاد وضمان الاستفادة المثلى من موارد ليبيا تلبيةً لآمال أبناء شعبها. 

 وشدد على أنه لا يمكن لليبيا أن تستعيد سيادتها ووحدتها واستقرارها المنشود إلا بالتعامل الجاد مع الإشكالية الرئيسية التى تعوق حدوث ذلك، والمتمثلة فى تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها، على نحو ينتهك ما نصت عليه قرارات مجلس الأمن مخرجات مؤتمر برلين 2، ومقررات جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقى، ودول جوار ليبيا، بشأن ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد دون استثناء أو تفرقة أو المزيد من المماطلة، مع ضرورة أن يتم تحديد مدى زمنى واضح وملزم لتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين دخلوا إلى ليبيا بعد عام  2011 حتى لا تعود الأمور إلى الوراء.

وجدد الرئيس استعداد مصر التام لتقديم جميع أشكال الدعم للأشقاء فى ليبيا لتنفيذ خطة لجنة 5+5 العسكرية المشتركة فى هذا الخصوص، وتوحيد مؤسسات الدولة، وبناء القدرات، لكى يملك الليبيون مقدراتهم ويتمكنوا من تقرير مصيرهم ورسم مستقبلهم، محذرًا من محاولات بعض الأطراف داخل وخارج ليبيا تقويض أى تقدم على صعيد هذا المسار تحت حجج وذرائع واهية، ظنًا بأنه يمكن المحافظة على وضع لا يمكن لأى ليبى حر معتز بوطنيته وسيادة بلاده القبول باستمراره. 

ودعا جميع الأطراف الفاعلة داخل ليبيا وخارجها إلى الارتقاء لمستوى الحدث، والتصرف بمسئولية وبمنطق رشيد، والكف عن أوهام التمدد وبسط النفوذ والعبث بمقدرات وأمن الغير، والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية، فضلًا عن عدم توفير ملاذات آمنة أو أى شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة أو نقل عناصرها من دولة إلى أخرى، بما يخرج ليبيا من أزمتها ويرفع المعاناة عن شعبها الشقيق. 

ووجَّه الرئيس السيسى كلمة إلى الأشقاء فى ليبيا قائلًا: يا أحفاد عمر المختار، لقد حان الوقت لكى تستلهموا عزيمة أجدادكم الذين بذلوا الغالى والنفيس من أجل الحرية واستقلال القرار الوطنى، وأن تلفظوا من بلادكم كل أجنبى ودخيل مهما تغنى بأن فى وجوده خيرًا لكم، فالخير فى أياديكم أنتم إن تجاوزتم خلافاتكم وعقدتم العزم على بناء بلادكم بإرادة ليبية حرة. وفى هذا، ستجدون فى مصر سندًا لكم وقوة متى احتجتموها، دعمًا لأمنكم ولخياراتكم وطموحاتكم المشروعة فى غدٍ أفضل، وإعلاءً لمصالح بلادكم العليا، ويدًا تمد العون لنقل الخبرات من أجل تعظيم مصالحنا المشتركة، إيمانًا من مصر بوحدة الهدف على طريق البناء والتطوير والتنمية، بما يحقق آمال شعبينا الشقيقين فى ظل ما يربطهما من أواصر الأخوة والجوار والانتماء العربى والأفريقى والمصير المشترك.

 

دعم مصرى لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة
دعم مصرى لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة

 

 

لقاءات مهمة

على هامش المؤتمر، التقى الرئيس مع فلورانس بارلى، وزيرة الجيوش الفرنسية، لبحث تطوير التعاون العسكرى بين مصر وفرنسا، وتبادل وجهات النظر إزاء عدد من القضايا الإقليمية. 

وعبر الرئيس عن التقدير والثقة تجاه العلاقات الاستراتيجية مع فرنسا فى مختلف المجالات خاصة الشق الأمنى والعسكرى، ومعربًا عن التطلع إلى تطوير التعاون الثنائى على نحو يساهم فى مواجهة التحديات القائمة ويحقق التنمية والرخاء لشعبى البلدين الصديقين. 

كما تم تناول آخر المستجدات على صعيد الأزمة الليبية، حيث توافقت وجهات النظر بخصوص أهمية دعم المسار السياسى فى ليبيا والتمسك بانعقاد الانتخابات المرتقبة فى 24  ديسمبر القادم. 

كما التقى الرئيس مع برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى الذى أكد اهتمام بلاده بتعزيز التعاون الاستراتيجى المشترك بين الجانبين بهدف تقديم التكنولوجيا المتقدمة لمصر فى جميع المجالات، وتشجيع الشركات الفرنسية على العمل والاستثمار فى مصر فى إطار المساهمة فى دفع عملية التنمية الشاملة الجارية فيها.

و التقى الرئيس، مع رئيس الوزراء الفرنسى «جان كاستكس» حيث شهد اللقاء إجراء مباحثات حول مجمل علاقات التعاون الثنائى بين البلدين وزيادة الاستثمارات وعمل الشركات الفرنسية فى مصر خاصة فى مجالات البنية الاساسية فى إطار مبادرة حياة كريمة لتطوير قرى الريف المصرى، وكذلك توطين الصناعة.  

وأكد رئيس الوزراء الفرنسى على التوجه الثابت لبلاده لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع مصر،  الدولة العريقة ذات الثقل والدور المحورى المتزن فى منطقة الشرق الأوسط مشيرًا إلى التطور الكبير فى العلاقات الثنائية فى جميع المجالات.

وعلى هامش انعقاد «المؤتمر الدولى» التقى الرئيس مع نجلاء بودن، رئيسة الوزراء التونسية، وهنأها الرئيس على تولى منصبها الجديد كأول سيدة ترأس حكومة فى الوطن العربى، ومعربًا عن صادق التمنيات لنجاح حكومتها فى تجاوز مختلف التحديات الحالية التى تواجه تونس الشقيقة.  كما أكد دعم مصر الكامل لتونس ولجهود الرئيس قيس سعيد والحكومة الجديدة لتحقيق الاستقرار والبناء والتنمية لصالح الشعب التونسى الشقيق، واستعداد مصر لتقديم جميع الإمكانات الممكنة فى هذا الإطار للجانب التونسى وكذا تطوير التعاون الثنائى ترسيخًا للعلاقات الأخوية التاريخية بين الجانبين وفى إطار سياسة مصر الثابتة والساعية دائمًا إلى التعاون والبناء والتنمية بين الأشقاء.